كان يحمل شارة قناة «الجزيرة» لما لفت انتباهي بفضاءات معرض صفاقس، هو الملحق الاعلامي للوفد العراقي الذي يشارك في فعاليات الدورة الثانية للصالون المتوسطي للتغذية وزيت الزيتون بصفاقس الذي يسدل عن فعالياته اليوم السبت. السيد هشام حميدي العجيلي، من منطقة «البوعجيل» مدخل «تكريت» مسقط رأس صدام حسين، وهو المسؤول عن التركيب «المونتاج» بمكتب قناة الجزيرة في بغداد التي تمكنت من تصوير صدام حسين يقود مدفعا خفيفا في معركة المطار الشهيرة لكن الشريط لم تبثه القناة الى اليوم، وهو كذلك شاهد عيان على وفاة الصحفي طارق أيوب بالصاروخ الامريكي الغادر والذي له فيه تفسيرات مثيرة. علاقات متميزة وباعتباره من قطاع الاعلام وعلى علم «بالكواليس»، اتجه بنا الحديث مع هشام حميدي عضو اتحاد الصحفيين العراقيين الى زوايا متعددة كانت بدايتها بالاعراب عن تثمين الاشقاء العراقيين للمواقف التونسية قيادة وشعبا واعلاما تجاه قضية العراق، مبرزا ان هذه العلاقة متميزة جدا ودليله في ذلك السفارة التونسية في بغداد التي لم تغلق ابوابها حتى مع بداية الحرب وهي تقدم حاليا خدمات جليلة سهلت مثلا في هذه الفترة زيارته الى تونس رفقة مواطنه رجل الاعمال يونس السنجاري للمشاركة في فعاليات الدورة الثانية «لمادفود 2004» بصفاقس، وهي الزيارة التي وصفها بالمثمرة باعتبار التحولات التي تشهدها دولة العراق في هذه الفترة وحاجة شعبه ورغبته الملحة في الخدمات والمنتوجات الصناعية والفلاحية والمواد الاستهلاكية التونسية. بعد هذه الملاحظات التي أصر على ذكرها اتجه بنا الحديث الى عمله بمكتب الجزيرة في بغداد قبل ان يستقيل في الفترة الاخيرة، لقد انضم هشام الى فريق الجزيرة بالعراق قبل الحرب بشهرين وعاين بذلك وعن قرب استعدادات المكتب لنقل وقائع الحرب ان هي اندلعت. مقتل الصحفي طارق ايوب مكتب بغداد كان وقتها يرأسه فيصل الياسري ويضم الصحفيين ديار العمري وماجد عبد الواحد وغيرهم من الاعلاميين والتقنيين الذين التحق بهم الصحفي طارق أيوب لمعاضدة مجهودهم حين اندلعت الحرب ليلقى حتفه بعدها. يقول هشام، كنا نتوقع ضربة امريكيةعلى مقر مكتبنا ببغداد خاصة بعد الصاروخ الامريكي الذي سقط على مبنى وزارة الاعلام، لذلك انتقلنا من مقرنا القريب من الوزارة الى مقر جديد بنزل الميريديان، وصادف ان مرر مكتب الجزيرة ببغداد في تلك الفترة مراسلة تلفزيونية تؤكد ان الامريكان اذا القوا القبض على بعض المقاومين يذبحونهم جميعا ولا يتركون الا واحدا فقط على قيد الحياة يشاهد عمليات الذبح من الوريد الى الوريد ثم يطلقون سراحه قائلين له «بلغ بقية المقاومين ان الذبح هو مصيرهم ان هم لم يسقطوا اسلحتهم». ويضيف هشام «حين كانت قناة الجزيرة تمرر هذه المراسلة على الفضائية مباشرة، جاءتنا مكالمة هاتفية من ادارة الجزيرة بالدوحة تطلب منا ايقاف البث وتحذرنا من مغبة إعادتها في نشرات اخبارية لاحقة، وقد التزمنا «بالتعليمات» لكن من الغد سقط الصاروخ على زميلنا طارق ايوب رحمه الله لذلك لا أتصور ان الصاروخ سقط خطأ...». العلوج وعن علاقة مكتب الجزيرة في بغداد بوزير الاعلام السابق سعيد الصحاف، يقول هشام «ان صاحب قولة «العلوج» كما اشتهر زارنا في المكتب مرتين اثناء بداية الحرب وزيارته كانت لمعاتبتنا ولتقوية شعورنا الوطني في نفس الوقت، فأنا أذكر انه كان يقول لنا لا تنسوا أنكم عراقيون، وان امريكا تشن ضدنا حربا اعلامية، فكونوا الى صف بلدكم وشعبكم وتثبتوا جيدا في الاخبار فالكلمة مدمرة أكثر من الصاروخ في هذا الظرف». الحديث عن الحرب ونيرانها قادنا لأشهر معركة شهدتها العراق وهي معركة المطار التي مازلت تخفي اسرارا كثيرة تحرص امريكا على التكتم عنها... في معركة المطار كلف هشام حميدي العجيلي بنقل شريط صوّره فريق الجزيرة قرب المطار الى مكتب بغداد لبثه في أول نشرة اخبارية، الشريط صوّر قرب «جامع ام الطبول» أين كان صدام حسين الذي يرتدي وقتها زيا عسكريا ويستعمل مدفعا خفيفا يطلق نيرانه في اتجاه الطائرات الحربية الامريكية ببسالة، ويؤكد هشام الذي كان يشاهد «قريبه» صدام حسين يطلق النيران ان الشريط صوّر بالكامل، لكن «الجزيرة» امتنعت عن بثه حتى هذه الساعة مؤكدا ان التسجيل هو اليوم بيد ادارة الجزيرة. بطولات صدام حسين هشام روى على مسامعي بطولات كثيرة عن القائد صدام حسين عند بداية الحرب مؤكدا ان اغلب الشعب العراقي سنة وشيعة وغيرهم يتمنون عودته الى سدة الحكم، فصدام حسين ويوم «سقوط بغداد» كان قد زار منطقة «مزار البغدادي» وتحول الى «الاعظمية» ومنها انتقل الى بعض المناطق الشيعية حسب المعلومات التي استجمعها محدثنا من بعض الاعلاميين وشاهدي العيان بحكم مهنته. القبض على صدام حسين كان هو الاخر من المواضيع التي تطرقت اليها مع هشام حميدي الذي يؤكد ان الخيانة وتعذيب السجناء كانت وراء عملية كشفه، فهو يعلم جيدا ان صدام حسين كان يتمتع بجهاز استخباراتي وأمني قوي جدا، فهشام ابن منطقة «البوعجيل» الواقعة في مدخل منطقة تكريت، هذه المنطقة ا لسنية كانت تمثل الحزام الامني الاول لحماية صدام حسين. في هذه المنطقة كان جواسيس الامريكان يظهرون من حين الى اخر للبحث عن أية معلومة تفيدهم في القبض على صدام حسين، لكن بالرغم من الاغراءات المالية التي كان يتلقاها الاهالي الذين تربطهم بصدام علاقة قرابة قوية، الا أن الامريكان بقوا عاجزين الى ان تم اعتقاله في بلدة «الدور» جنوب مدينة تكريت، مسقط رأس صدام حسين بعد عملية غدر خسيسة لا تختلف عن عملية كشف موقع ابنيه عدي وقصي صدام حسين حسب تعبيره، وهو الموضوع الذي سنعود اليه لاحقا في حوار مطول مع رجل أعمال عراقي كردي التقيناه زار صفاقس كذلك...