قطارات ليل حزين فلا من ألوذ به من شجون ولا من ألوذ به من حنين... تذكرت يوم وضعتك في المهد طفلا وغنيت لك يا حبيبي الصغير يا جناحي الذي سوف يجعلني.. للسماء أطير تذكرت يوم مرضت فرحت أفتش في الحيّ عن أي عارفة أو حكيم لأنجو بوجهك من كل شر وكلّ أذى وإذ خيّم الليل حولي توسدت همي ونمت ولما يزل في جوانحي المتعبات سريرك يأتي ويغدو ثم يأتي ويغدو وأغنيتي تتردد مثل بكاء القطار البعيد... «دللول يا الولد يبني دللول وعدوك عليل وساكن الجول» لم أذق طعم صحوي ولا طعم نومي تعذبني اللحظات وتجلدني بسياط أليمة لأن المنية بك راودتني وصارت تهددني باختطافك مني ومرت ليالي الشتاء الحزينة ومرت ليالي المصيف كبرت فصرت أخاف من الريح إن أتت الريح من جهة الشرق يوما أخاف من الريح إن أتت الريح من جهة الغرب يوما لئلا تبعثر شعرك لئلا تنازع قامتك الباهية صرت لي ولدي وأخي وابن عمي وأهلي صرت مرآة وجهي إذا ما ابتسمت كنت أسعد مخلوقة على هذه الكرة البائسة وإذا ما حزنت كنت أتعس مخلوقة فوقهاثم مرت ليالي الشتاء الحزينة ومرت ليالي المصيف يقولون: شبّ ابنك اليوم عن طوقه أجيبهم: لا تقولوا: كبر وتكبر... تكبر... حتى تصير رجل وأنكر أن... أن تكون رجل.. لا أريدك تكبر ففي حجرة الروح مازلت بالمهد تلعب ومازلت فيك أغني «دللول يا الولد يا ابني دللول وعدوك عليك وساكن الجول» وإذ يطرق القلب صوت المنادي ألا فليهب الرجال لقد ضيق المعتدون علينا الخناق فأما الفناء وإما العراق نهضت (أصحيك) من عالم الأمهات وادفع بك للمنية دفعا لقد ضيّق المعتدون علينا الخناق... فهاكم وليدي ويحيا العراق ** شاعرة عراقية مقيمة في دمشق منذ احتلال العراق يوم 9 أفريل 2003 .