«وقد حرصنا في تونس على التمسك بأصالتنا وتراثنا والانخراط بوعي وتبصر في مسيرة الحداثة والتقدم من أجل إنماء قدراتنا الذاتية والتفاعل الايجابي مع ما يسود العالم من تطور فكري وعلمي وتقني شمل جميع الميادين». بهذه الكلمات المعبرة والعميقة والهادفة لخص سيادة رئيس الجمهورية روح الفعل الثقافي في تونس اليوم ورسم بكل حكمة الملامح الكبرى لما يجب أن يكون عليه المشهد الثقافي في تونس الحداثة.. ثقافة متجذرة في أصالتنا وهويتنا ومقومات حضارتنا وتاريخنا الزاخر ببصمات رجال الفكر والأدب والفنون.. ثقافة متفتحة على العالم بما يزخر به من ثقافات وقيم وثوابت قد تكون مختلفة عن مقومات حضارتنا وهويتنا ولكن علينا أن نرى هذا الاختلاف اثراء للثقافة الكونية ورافدا مهما يؤسس للتعايش البشري ويستوجب احترام الآخر والقبول بما يميز هويته عن هويتنا اعتبارا لقيم التسامح والتآزر من أجل بناء عالم سليم ومعافى من أخطار الحقد والكراهية والعنصرية. لقد حمّل رئيس الدولة أهل الثقافة في بلادنا وهو يشاركهم عرسهم الثقافي مسؤوليات جسيمة انطلاقا من موقع اسهامهم في الارتقاء بالمسيرة الثقافية التي لم يبخل عليها سيادته بالقرارات الرائدة والتشجيعات المتواصلة. وتتمثل مسؤوليتهم في جعل الثقافة أداة تواصل مع الآخرين من أجل شراكة فاعلة ومستديمة تستهدف تكريس عرى التضامن والتعاون وتخدم قيم التسامح والتكافل بعيدا عن العنف والتطرف والاستعلاء. وفي هذا الاطار لابد من الاشارة إلى ما ينتظر المرأة المبدعة من مسؤوليات جمة.. كيف لا وقد شمل تكريم رئيس الدولة ما لا يقل عن ثلاث عشرة امرأة اعتبرن من المبدعات في عصر نرى فيه غيرنا في بعض الدول لازال متمسكا بتهميش دور المرأة في المجال الثقافي والتقليل من شأنها والتمسك بأفضلية الرجل. أما نحن في تونس فقد تجاوزنا هذه المرحلة منذ عقود بل أصبحنا نكرس دور المرأة منذ الاصلاحات التي أمر بها قائد الدولة منذ فجر التغيير فأضحت المرأة مطالبة باحداث الاضافة والتميز وفي ذلك إعلاء لشأنها في مجتمعنا المدني.. وها هي قد استجابت لنداء رجل التغيير فأسهمت بابداعاتها المتميزة في جميع الميادين في نحت طريقها إلى جانب الرجل والتموقع ضمن مبدعات العالم المتحضر بما قدمته من انتاج فكري وابداع فني. لذلك لم يكن تكريم هذه الثلة من نساء تونس من قبيل المجاملة بل لأنهن استحققن ذلك عن جدارة بعد أن لعبن دورهن في المنظومة الثقافية للبلاد.. وإن انخراطهن في هذه المسيرة الثقافية لكفيل وحده بتغيير العقليات والمصالحة مع الذات والمحيط وتحفزهن على المزيد من التميز حتى تتجسم بحق المبادئ التي أعلنها رئيس الدولة حين جاوز بهن مرحلة اكتساب الحقوق إلى مرحلة الطموح ثم إلى مرحلة التميز. وإذا كانت الثقافة رافدا من روافد التطور في المجتمع المدني فهذا يعني وجوب انخراط المرأة التونسية في معركة التغيير، لكن دون اهمال أصالتها ومقومات هويتها. وإن التكريم الذي حظيت به في اليوم الوطني للثقافة لا يمثل فقط اعترافا من رئيس الدولة لأحقيتها بهذا التكريم بل هو في نفس الوقت رسالة لكل نساء وطننا لحثهن على المزيد من البذل والجهد والابداع كل من موقعها وحسب اختصاصها للمساهمة الفعالة في رسم ملامح مجتمع متطور متجذر في هويته ومتفاعل مع محيطه مؤديا دوره في هذه المنظومة الكونية المتغيرة. فلتكن المرأة التونسية كما عهدها رئيس الدولة على العهد ولتأخذ مكانها في صدارة الحدث الثقافي وفي صلب المشروع المجتمعي المنشود للتغيير.