أفاد السيد الشاذلي النفاتي وزير الشؤون الاجتماعية والتضامن في لقاء صحفي انتظم يوم امس ان مشروع اصلاح نظام التأمين على المرض يشهد آخر مراحله الاعدادية وأشار الى ان «مشروع القانون» جاهز وسيعرض على مجلس النواب في القريب العاجل وتحديدا خلال المدة النيابية الحالية التي تنتهي في حدود 25 جويلية 2004 وأوضح السيد الشاذلي النفاتي تماما كما اتت على ذكر ذلك «الشروق» في أعداد سابقة ان اتمام كل متطلبات المشروع ستقتضي سنة اضافية بما يعني ان التطبيق الفعلي للنظام الجديد للتأمين على المرض سيكون بداية من غرة جويلية 2005 كما اشار الوزير الى ان الحرص على انجاح المشروع الجديد قد اقتضى احداث صندوق اجتماعي ثالث سيعنى بملف التأمين على المرض وسيكون مستقلا عن الصندوقين الموجودين حاليا (CNRPS - CNSS) كما اكدت ذلك «الشروق» في عدد يوم الثلاثاء الماضي. وأكد السيد الشاذلي النفاتي ان المشروع الذي سيغيّر وجه المنظومة الصحية في البلاد يعدّ من اهم الاصلاحات الحكومية على اعتبار صلته الوثيقة بحياة المواطنين اليومية وخاصة بصحتهم واضاف: «على الرغم من المنافع والايجابيات التي اتى بها النظام الصحي التونسي المطبّق منذ سنة 1958 والخدمات الجليلة التي قدّمها للمواطنين فقد استوجبت التطوّرات الحاصلة ادخال اصلاحات لمعالجة النقاط السلبية التي برزت مع الايام». وأتى الوزير على ذكر أهم الاهداف التي قام عليها الاصلاح الجديد والتي من ابرزها تحسين الخدمات الصحية المسداة للمضمونين الاجتماعيين وتمكينهم جميعا من تلقي العلاج المناسب بقطع النظر عن امكانياتهم المادية بالاضافة الى ترشيد المصاريف الصحية بما يتلاءم مع امكانيات البلاد وقال: «وجدنا انفسنا امام صندوقين وأمام نظامين وتأكد لنا ان تعدد الأنظمة والهياكل قد اوجد صعوبة كبيرة في التنسيق بالاضافة الى ان ارتفاع التكاليف الجملية المحمولة على الأسر التونسية والتي بلغت في حدود سنة 2003 نسبة مرتفعة 52.2 قد تطلبت البحث عن حلول وعلاجات». **وفاق وأفاد الوزير ان كل خطوات إعداد «المشروع» قد خضعت الى مبدإ التشاور واعتمدت بالأساس على التمشي الوفاقي بين كل الأطراف المعنية بالاصلاح وقال: «الاصلاح قام على الاستشارة والصيغة الوفاقية مكّنت من فتح المجال مع كل الاطراف التي لم يكن خافيا ان لها مصالح... واوضح الوزير ان التقاء المصالح لم يكن بالامر الهيّن» وأضاف: «الاصلاح يعني الحكومة بدرجة اولى لكن كان لابدّ من احترام حقوق المنظمات الوطنية (اتحاد الشغل / اتحاد الفلاحين / اتحاد الصناعة والتجارة) ومقدّمي الخدمات الصحية في الدفاع عن مصالح منظوريهم..». وأكد الوزير انه تم تشريك الجميع في كل المراحل وانبنى «المشروع المقترح... على الاستجابة لأكثر عدد ممكن من الرغبات والطلبات.. وتحدثّ الوزير عن مختلف المراحل التي مرّ بها اعداد المشروع والتي انطلقت بمرحلة اولى ضبطت فيها المبادئ الاساسية لعملية الاصلاح والقائمة اساسا على ارساء نظام قاعدي اجباري موحّد لكل المضمونين الاجتماعيين واحداث نظام تكميلي اختياري الى جانب النظام القاعدي مع تلافي الازدواجية في التغطية بين هذين النظامين مع الفصل بين الهياكل المموّلة للخدمات الصحية والمؤسسات الصحية المسدية لهذه الخدمات وتنظيم العلاقات بين الصناديق الاجتماعية والقطاع الخاص . وأشار الوزير الى ان هذه المرحلة قد انتهت الى إحداث لجنة وطنية للتأمين على المرض كإطار للتشاور كما تكوّنت فرق عمل فنية. وذكر الوزير انه تم عقد ازيد من 70 اجتماعا عقب عرض الملف على مجلس وزاري بتاريخ 15 سبتمبر 2000، وانه قد تمّ عقد سلسلة اخرى من الاجتماعات خلال شهري افريل وماي الماضيين انتهت الى حصول وفاق حول مبادئ الاصلاح وأهدافه والآليات الكفيلة بتجسيمه افضت الى عرض مشروع القانون في صورته النهائىة على مجلس الوزراء الأخير المنعقد يوم اول امس الاربعاء. **مفاوضات جديدة حول المسائل الاجرائية وأبرز السيد الشاذلي النفاتي ان طبيعة القانون التوجيهية (بتنصيصه على المبادئ العامة والتوجهات الاساسية فقط دون الجوانب التطبيقية والاجرائىة). ستفترض وجود مراحل اخرى هامة للتنفيذ النهائي للمشروع من ذلك انه سيتواصل الحوار مع كل الاطراف من جديد بعد المصادقة المرتقبة لمجلس النواب حول «المشروع» خلال الاسابيع القليلة القادمة ذلك ان اعداد العدة للتطبيق الفعلي في احسن الظروف سيتطلب سنة أخرى من العمل والتفاوض وأضاف الوزير: «سنسهر على حسن التطبيق وسنواكب خطوات التنفيذ عبر الهيكل الذي اذن رئيس الدولة بإحداثه وهو المجلس الوطني للتأمين على المرض الذي ستكون كل الاطراف ممثلة فيه لكي نقيّم الاعمال المنجزة ونبحث سويا وكل من موقعه على حلول لكل ما قد يعترض تطبيق المشروع الجديد... واشار الوزير الى ان الوصول الى الوفاق النهائي» يتطلب ان يتنازل كل طرف عن البعض من ذاتيته وحقوقه حتى نضمن نجاح الاصلاح الهام. **التمشي التدريجي واتفاقيات وذكر الوزير ان التدرّج في اقتطاع المساهمات سيرافقه تدرّج في تقديم الخدمات وأكد على ان المضمونين الاجتماعيين الذين سيتوجهون الى القطاع العمومي سيمنحون امتيازات اضافية وذلك في اطار التمشي الرامي الى تدعيم مكانة المستشفيات العمومية والقطاع الصحي العمومي. وفي إطار تنظيم العلاقات بين صندوق التأمين على المرض الجديد (CNAM) الذي نصّ عليه المشروع ومقدّمي الخدمات الصحية (اطباء ممارسة حرة / صيادلة/ اصحاب مصحات خاصة / اطباء اسنان / بيولوجيين واصحاب مراكز التصوير والأشعة). أوضح الوزير ان اتفاقا اطاريا سيتم توقيعه بين كل الاطراف وان اتفاقيات خصوصية سيتم ضبطها بحسب تنوّع القطاعات الصحية الخاصة. وقال: «كل مقدمي الخدمات الصحية الخواص سيكون بامكانهم الانخراط في هذا التمشي والاستفادة من المزايا التي ستقدم لهم... واشار الوزير الى ان الاصلاح الجديد ستكون له اهداف اقتصادية بالاضافة الى بعده الانساني ذلك انه سيفسح المجال امام الشباب من الاطباء والصيادلة والبيولوجيين وغيرهم من الانتصاب لحسابهم الخاص وضمان مدخول محترم بما يضمن آفاقا جديدة لتشغيل الاطارات. **صيغ التكفل وأفاد السيد الشاذلي النفاتي ان لجانا تعد حاليا عددا من الوثائق الهامة المتعلقة ببعض الصيغ التطبيقية (قائمة الأدوية / قائمة العلاجات الطبية والتعريفات / كيفيات الخلاص..) وقال الوزير انه بعد نقاش طويل مع سائر الاطراف تم الاتفاق على 3 صيغ للتكفل والتي سيكون المضمون الاجتماعي مخيرا بين احديها وهي: 1 المنظومة العلاجية في القطاع العمومي: والتي ستتلقى الدعم الكبير والتي تنبني على دعم توجه المواطنين الى القطاع الصحي العام الذي يبقى الركيزة الاساسية في البلاد والتي لا يمكن الاستغناء عنها على اعتبارها مكسبا وطنيا... وأشار الوزير الى ان العمل منصبّ حاليا على النظر في حلول للقلق الناجم عن حالة الاكتظاظ التي عليها المؤسسات الاستشفائية والعلاجية العمومية. 2 المنظومة العلاجية الخاصة: القائمة على ضرورة اختيار طبيب للعائلة، وهي طريقة قال عنها الوزير انها ذات فوائد عديدة وتمكّن بالأساس من التقليص من الكلفة العلاجية، وسيتمكن خلالها المريض من دفع نسبة فقط من تكاليف التداوي والعلاج على ان يقوم الصندوق الجديد (CNAM) بصرف الباقي مباشرة الى الطبيب او الصيدلي او صاحب المخبر او المصحة الخاصة. 3 نظام استرجاع المصاريف: يتجه خلاله المريض مباشرة الى القطاع الخاص ويدفع كامل التكاليف على ان يتم في وقت لاحق تمتيعه بصرف مستحقاته من المصاريف. **استفسارات وفي اجابته عن سؤال ل «الشروق» حول الحقوق المكتسبة لأعوان الصحة العمومية الذين يتمتعون بمجانية التداوي قال الوزير انه سيقع المحافظة علىها ولن يقع المساس بكل الحقوق المكتسبة الأخرى الموضوعة عبر التعاونيات او التأمينات الجماعية. وفي سؤال آخر ل «الشروق» عن المراكز الصحية ببعض المؤسسات (صوناد/ستاغ / الخطوط الجوية التونسية) ومصيرها في ظل النظام الجديد للتأمين على المرض قال الوزير انها ستحافظ على تواجدها وستواصل أداء دورها. وعن استفسار ثالث ل «الشروق» حول ما اذا كان سيتم فتح المستشفى العسكري الذي يتوفر على عدة اختصاصات طبية رفيعة امام العموم قال الوزير: «ان اتفاقيات حالية تربط بين الوزارة والمستشفى المذكور وان التمشي الحالي يرمي الى تحسين هذه الاتفاقيات بما يمكن من اتاحة الفرصة امام اكبر عدد ممكن من المضمونين الاجتماعيين للاستفادة بما يوفره هذا المستشفى». **وعي ضروري و»مسؤولية تاريخية» أكد السيد الشاذلي النفاتي خلال الندوة الصحفية التي خصصها لتقديم ملامح المشروع الجديد لنظام التأمين على المرض على ان القناعة حاصلة الان بأن نجاح «الاصلاح» سيكون مرتبطا بالاساس بتحمّل كل الاطراف لمسؤوليتهم كاملة وقال: بالتصوّر الحالي وبالنسب المقترحة يمكن ان نضمن التوازن المالي للصندوق.. ونوّه الوزير بالمناخ الطيب الموجود حاليا في التفاوض حول المسائل الاجرائية المتبقية لبدء تطبيق برنامج الاصلاح المذكور وألمح الى أهمية وعي المواطن والمضمون الاجتماعي بأن الصندوق الجديد هو مكسب يجب المحافظة عليه لأن الضرر ان حصل فسينعكس بالضرورة على قدراته هو بالذات واشار الوزير الى أن النظام الجديد للتأمين على المرض يرمي الى ايجاد تكامل بين القطاعين العام والخاص ولا يهدف الى احداث تنافس بينهما لأن المصلحة المرجوة هي مصلحة عامة تلحق الجميع دون استثناء عند النجاح او الفشل.