تونس - الشروق أون لاين: عبّرت 13 جمعية ومنظمة تونسية عن ذهولها العميق واستنكارها الشديد بعد أن تمّ مؤخّرا استدعاء الأستاذ حميّد بن عزيزة رئيس جامعة تونس والأستاذ سفيان الغالي مدير المدرسة العليا للعلوم الاقتصادية والتجارية بتونس، وكاتبها العام سلطان الطرابلسي، للمثول بمركز الأمن بالقرجاني (الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية) وذلك للإدلاء بأقوالهم في خصوص قضية رفعتها مُدرّسة من المؤسسة المذكورة إثر خلاف مع إدارتها في مسألة مهنية وبيداغوجية. وبحسب بلاغ لهذه المنظمات، وهي الجمعية التونسية للدفاع عن القيم الجامعية وجمعّية يقظة من أجل الديمقراطية والدولة المدنية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وجمعية النساء التونسيات للبحث والتنمية وجمعية لم الشمل والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية واللجنة من اجل احترام الحريات وحقوق الانسان في تونس ومركز تونس لحرية الصحافة والمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب والجمعية العربية للحريات الأكاديمية وجمعية البحوث حول الانتقال الديمقراطي في تونس ومدارات معرفية، فإنّ بداية الأحداث تعود إلى منتصف السنة الجامعية المنقضية حين امتنعت الشاكية عن إصلاح ورقة امتحان لطالب رخّص له المجلس العلمي للمؤسسة إجراء الاختبار في وقت لاحق لوقته الأصلي الذي تزامن مع وفاة والده. وإثر رفض المدرّسة تكرارا القيام بواجبها (إصلاح الورقة في وقت أوّل ثمّ إرجاعها وتسليم العدد في وقت ثانٍ، بعد أن وافقت على إصلاحها) طلبت الجامعة مثولها أمام مجلس التأديب. إلاّ أن الوزارة، باعتبارها سّلطة الاشراف المخوَّلة في الغرض، لم تحرّك ساكنا طوال أشهر من تسلّمها الملف. وفي المقابل تلقّى المسؤولون الثلاثة بأسمائهم الشخصية وليس بصفاتهم العلمية والبيداغوجية والإدارية، في انقلاب غريب للأدوار، دعوة لاستجوابهم في القضية التي رفعتها المدرّسة من قبل مركز أمن مختصّ في القضايا الإجراميّة. وعبّرت الجمعيّات والمنظمات عن ذهولها العميق واستنكارها الشديد من المنعطف الخطير الذي أخذته الأحداث بخصوص مسألة بيداغوجية عاديّة كان بإمكان سلطة الإشراف لو تدخلت في الإبّان أن تطوقها وتعالجها بما يخوّله لها القانون وهو ما يعد سابقة في تاريخ الجامعة التونسية. وإعتبرت هذا الاستدعاء مساسا مع سابق الإضمار بصورة الجامعي، وتدخلا مرفوضا في استقلالية المؤسسة الجامعية في إدارة الامتحانات التي تضمنها في الأصل النصوص القانونية الجاري بها العمل، وانتهاكا سافرا للحريات الأكاديمية التي يضمنها الدستور التونسي من قِبل السلط العمومية في شأن بيداغوجي داخلي أدارته الهيآت العلمية المعنية بالمرونة والحزم المستوجبيْن. كما عبّرت عن اندهاشها من موقف سلطة الإشراف المتّسم بالغياب التام والسلبية المضرّة إزاء النزاع المهني والذي كان على الوزارة أن تطوقه وتحله إما بإحالة المدرسة على مجلس التأديب أو بمحاسبة المسؤولين في حال أثبت التحقيق الداخلي اقترافهم لخطأ مهني. ودعت الجمعيّات والمنظمات سلطة الإشراف لتدارك أمرها والقيام بما يلزم لغلق هذا الملف ولصون حرمة الجامعة واستقلاليتها والتصدّي لمحاولات النيل من الحريات الأكاديمية. وذكرت أنها تخشى يكون التطوّر الأخير الذي آلت إليه المسألة مقدّمة لحملة تشهير بالجامعيين وتشويه للجامعة عشية انطلاق المسار الانتخابي لتجديد الهيآت المسيّرة للمؤسسات الجامعية خصوصا وأن الأستاذ حميّد بن عزيزة كان من بين الذين اجمعوا من رؤساء الجامعات والجامعيين (الممثَّلين في الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي) على رفض التعديلات الارتجالية والمسقطة التي حاولت سلطة الإشراف إدخالها، خلال السنة الجامعية المنقضية، على النصوص المنظّمة للانتخابات. كما عبّرت عن تضامنها مع الجامعيين الذين وقع استدعاؤهم من قبل الأمن وتدعو المجتمع المدني لالتزام اليقظة لحماية الحريات الأكاديمية ولإحباط كلّ المحاولات الرامية لضرب استقلالية الجامعة تمهيدا للتضييق على الحريات العامّة والخاصّة بكامل البلاد.