القيروان- الشروق أون لاين - سعيدة الجلاصي: لا نعلم إن كان مسؤولونا سيأخذهم الأسف على حال دار لقمان فقط عندما تحل مصيبة بولاية مجاورة أو تحدثنا الوقائع عن ضحايا إنهيار هذا المبنى أو ذاك كما نتساءل عن جدوى المناسباتية في فتح تحقيق ما إلا حال وقوع الكارثة؟ القيروان ليست ببعيدة عن خارطة الإهمال والتراخي و اللامبالاة الذي يطال البنى التحتية لمدينتها العتيقة التي لم يتبق منها إلا الإسم. وها نحن نثير مرة أخرى موضوع المدينة العتيقة والمقامات والمعالم الأثرية والتراثية والدور المهجورة بعد أن كنا فتحنا في تحقيق سابق هذا الموضوع و أشرنا إلى مواطن الداء و إقترحنا الدواء على لسان أهلها و مختصيها أملا في أن تتحرك الجهات المعنية و الدولة بهياكلها ووزاراتها في رسم خارطة واضحة للنقاط السوداء داخل مدينة القيروان. وبالرغم من عدم تواجد عقارات أو بنايات ملك الأجانب بالقيروان كما في بعض الجهات لبلادنا إلا أن كل ما يسم يغلب على القيروان عديد المعالم التراثية و الأثرية التي بلغت مستوى الحضيض من التردي. فالمتنقل بين أنهجها وأزقتها ودكاكينها سيدرك تماما موت المدينة دون مبالغة، مدينة كل بنيانها متداعية للسقوط فما يسمى "بالمر" وسوق "الماجل" مهددون و خاصة نزل "المرحلة" و الذي تم إغلاقه يمثل كارثة باتم معنى الكلمة حيث يؤكد المتواجدون أن مجرد سقوط حجارة واحدة قد تعصف بكل البنايات المحاذية. وتغلب على دور المدينة العتيقة أبوابها المقفلة وجدرانها المتصدعة و شقوقها البارزة و روائح الرطوبة المنبعثة منها بعد أن هجرها مالكوها و بقيت خطرا محدقا بالأجوار. و لعل من الأسباب الأخرى التي جعلت المدينة على تلك الشاكلة ما تعانيه شبكة المياه وقنوات الصرف الصحي التي اكل عليها الدهر وشرب و أصبح تسرب المياه تحت الأرض يزحف شيئا فشيئا وسط تراخ كبير من المسؤولين المتعاقبين و رغم قرارات صادرة بالهدم في بعض المنازل إلا أن الأمر على أرض الواقع لا يزال محرجا و مخجلا. ونتساءل عن الهبة السعودية التي نالتها القيروان مؤخرا لصيانة المدينة و التي بلغت 20 مليارا ،هل ستكون في محلها و هل سيصرف كل مليم في كل حجر منها و هل ستكون عين الرقيب ساهرة ؟ ثم هل أن الدراسات فيما يتعلق بصيانتها ستكون ذات جدوى وعن طريق مكاتب مختصة والأهم كيف سيكون الإنجاز هل عن طريق مقاولات لا تطالها شبهة أم أننا سنسمع عن تعطيلات وما لف لفها؟ إنه وخلافا للمدينة العتيقة تشكو الأرباض بما يفوق ال20مقاما ومعلما في حالة لا تبعث على الإرتياح بل هي في حاجة للتدخل العاجل والتفكير في توظيفها بعد صيانتها ضمانا لمردوديتها وإستغلالها بعيدا عن سياسة الترقيع و الإلتفات إلى ما تعانيه المنازل ب"القرقبية" و زنقة سيدي الغرداوي وحي سيدي عمر عبادة. وبالإضافة إلى كل الدور سواء المتواجدة داخل السور أو خارجه فإنه من المهم أن نشير إلى أن هنالك 65 مسجدا داخل السور فقط أغلبها مسكوت عنه وأغلبها في حاجة للتدخل والعناية . يبقى ملف صيانة المعالم و المقامات و الدور العتيقة ملفا خطيرا بمعنى أهميته لن يحل في جزء منه إلا بتحرك الدولة و تحديد إستراتيجيات واضحة ومسح دقيق وإيجاد قانون واضح فيما يتعلق بملكية عديد الدور التي هجرها أصحابها فتشتت الملكية بهذا الخصوص يشتت الجهود في التدخل وبأي شكل من الأشكال سواء للترميم أو الصيانة أو الهدم أو إتخاذ أي إجراء بشان حماية الديار والأجوار.