"عشاق الشمس" هي واحدة من المسرحيتين التونسيتين المبرمجتين ضمن المسابقة الرسمية لأيام قرطاج المسرحية، وكان يوم أمس الأول موعد عرضها في المسرح البلدي بالعاصمة. والمسرحية هي من انتاج القطاع الخاص (المسرح الحي بسوسة) وتحمل امضاء المخرج المسرحي رضا دريرة، تمثيل سوسن بلحاج مبروك، وطارق الزرقاطي، ونصر الدين دغمان. خيانة فجريمة يبدأ العرض بموسيقى تبدو في تركيبتها وإيقاعها، مستقبلية، ولكن ما أن يقع تشغيل، أو توظيف الإنارة حتى ينكشف الركح : ديكور لبيت يظهر منه حمام.. إمرأة تغسل رجلا شبه عار.. ومع بدء الحوار يبدأ الفضاء المكاني بكلّ ما يتضمنه من أحداث وشخصيات، من التشكل، يحكي معيش زوجين من الفلاحين يعيشان في مزرعة بأحد الأرياف «البعيدة» وبتتالي اللوحات تنكشف وظيفة الزوج العامل في حراثة الأرض، وعلاقته بزوجته، وطحّان أو «رحّاي» القرية، الذي يكشف للزوجة خيانة زوجها، وارتباطه بإمرأة أخرى.. وأمام الصدمة تحدث الجريمة بقتل الزوجة لزوجها، وقرار الطحّان بمغادرة القرية. بين التراجيديا وحياة الريف وتطرح المسرحية في الواقع، عند العودة للنص الأصلي للكاتب د. هروفر، قضايا الوجود والعبث والبحث عن الذات، والصراع من أجل إثباتها، من خلال مأساة الزوجة في صراعها مع الطبيعة والرغبات بقي السؤال : كيف قدم المخرج رضا دريرة والفريق العامل معه، هذه القضية؟ منذ انطلاق الشارة الفنية الأولى في العرض وهي الموسيقى الدرامية حاول المخرج اعطاء طابع تراجيدي أو مأساوي واضح للعمل أكد تصميم الديكور على طريقة التراجيديا اليونانية.. ولكن ما أن بدأ الحوار بين الشخصيات حتى تهاوت كل هذه الدلالات وتحول الفضاء الى بيت ريفي، لا يتفق في الواقع مع الموسيقى الدرامية التي بدت مستقبلية، بعيدة عن الفضاء الزماني للأحداث.. وكذلك الديكور المصمم، على طريقة التراجيديا اليونانية.. ورغم محاولة المخرج إبقاء الحوار في درجة التراجيديا يدور حول قضية الانسان الأزلية وهي البحث عن الذات ومصارعة الطبيعة، بدت الشخصيات غريبة في تكوينها ومرجعيتها عن مثل هذه الحوارات والقضايا.. كما أن لغة الحوار، التي بدت ريفية لم تكن موفقة بدورها وكان من الأفضل وخصوصا في التراجيديا، استعمال اللغة العربية. مزج بين المسرح والسينما وتبقى الاضافة البارزة في النهاية، في استعمال الصورة أو السينما، في العرض كمحاولة من المخرج، تقديم كتابة فنية حديثة تمزج بين المسرح والسينما أو الصورة.. ورغم توظيف هذه الأداة أو الوسيلة الفنية، في حكي ما يجري من أحداث بالتوازي بين ما يقع على الركح وما يدور بعيدا عنه، بدا ذلك على المستوى الجمالي بالخصوص، غير موفق، وفيه إفراط كثير، خفض من حضور الممثلين على الركح.. فقد غلبت المشاهد السينمائية أحيانا على المشاهد المسرحية المباشرة.. خطأ فني ولعل من نقاط الضعف الكبيرة التي لوحظت كذلك في العرض، وهي في الواقع أخطاء فنية لا تشفع لمخرج له تجربة كبيرة في المسرح، المرور من لوحة الى أخرى أو من منظر الى آخر، فالوقت الذي يستغرقه التحول أو المرور بين المناظر، طويل جدا.. وهذا فيه تأثيرسلبي على سير الأحداث ومقلق للمتفرج. وعموما تبقى الكتابة المسرحية التي قدمها المخرج رضا دريرة في مسرحية «عشاق الشمس» محاولة من أجل إيجاد كتابة فنية جديدة على الأقل على المستوى المحلي أو التونسي.