تونس- الصباح: على الرغم من المحاولات غير المبتكرة ولا الجديدة(مثل التنشيط الشوارعي واستقبال الجمهور الوافد على قاعة الافتتاح من طرف ممثلين متنكرين في ازياء مسرحية: اقنعة وغيرها...) فان «المفاجاة» الحقيقية في حفل افتتاح الدورة 14 لايام قرطاج المسرحية لم تكن متمثلة الا في تفاصيل حفل الافتتاح ذاته... الجمهور الذي اقبل بكثافة على قاعة الكوليزي-مساء امس الاول- وجد نفسه - ولاول مرة في تاريخ انتظام دورات هذه التظاهرة المسرحية الدولية العريقة - خارج اطار ذلك الفضاء - المعلم - الذي يسمى المسرح البلدي او مسرح مدينة تونس... ففيما كانت الحركة على اشدها في محيط قاعة سينما «الكوليزي» كان الصمت مخيما والحركة ساكنة والاضواء منطفئة في وحول مبنى المسرح البلدي الذي لا يبعد الا بضعةامتار، بل بضع خطوات عن قاعة سينما الكوليزي... الغريب - هنا - ان الدورة 14 هذه لايام قرطاج المسرحية قد وضعت تحت شعار الاحتفال بمائوية المسرح التونسي... فما رايكم في دورة مائوية المسرح التونسي وهي تهمش وتقفز في ليلة افتتاحها على المعلم التاريخي الوحيد الذي يمكن للزائر ان يستمع داخله بكل وضوح في لحظة اصغاء تاريخي لصدى اصوات وانات واطياف اجيال من الممثلين التونسيين الذين اسسوا للحركة المسرحية في تونس منذ مايزيد عن المائة عام.؟ «بروفة» 1 داخل قاعة سينما «الكوليزي» (ولا ننسى ان التظاهرة مسرحية) كان «الجو» لاهو بالمسرحي ولا هو بالسينمائي على الرغم من تفرق مجموعة من الممثلين في ارجاء مختلفة من القاعة... مجموعة الممثلين هؤلاء كانوا بصدد تقديم عرض مسرحي مقطعة اوصاله ومبعثر عنوانه «بروفة» عرض حاول من خلاله مخرجه رضا دريرة، على مايبدو، تقديم تحية للرموز التاريخيين للحركة المسرحية في تونس(علي بن عياد - محمد عبد العزيز العقربي الخ). الجمهور الذي لم يستحسن في غالبيته هذا العرض كان يتطلع باستمرار الى الركح حيث جلست فتاة كانت تعزف على الة القانون دون ان تكون قد اثارت الكثير من الانتباه ولكن حتى الركح لم يكن يعد بشىء لانه كان بدوره شبه قفر الا من مجموعة انفار من الممثلين كانوا من حين لاخر يصعدون اليه وينزلون لتقديم اما لوحة راقصة او مقطع من اغنية اوبرالية تتطلب اذنا مهيأة... كل هذا دون ان يكون الجمهور قد تبين ان كان مايشاهده هو وقائع لحفل افتتاح الدورة 14 لايام قرطاج المسرحية ام هو مجرد «بروفة»... على ان الحال تغير نسبيا بمجرد ان اضيئت الشاشة العملاقة لقاعة سينما الكوليزي وبرزت صور ومشاهد لفيلم بطلاه طفلان(ولد وبنت) تسللا الى فضاء المسرح البلدي واقتحما ركحه وجعلا يمرحان في فضائه... هذا الفيلم مثل نقطة الضوء الوحيدة المثيرة والمبتكرة في تفاصيل ووقائع حفل افتتاح الدورة 14 لايام قرطاج المسرحية...لانه عكس بفنية علاقة ذات الممثل «جسدا وحنجرة وعواطف وانفعالات بالفضاء المسرحي». «بروفة» 2 على ان ملامح البعثرة و«الضياع» عادت لتخيم من جديد على اجواء الحفل خاصة في جزئه الثاني(فقرة الافتتاح الرسمي) والقاء كلمات الترحيب فلقد بدا السيد محمد ادريس نفسه مدير الدورة وهو يلقي كلمته الترحابية بالضيوف وكانه يجري «بروفة» وذلك على الرغم مما عرف عنه من قدرة على «الخطابة والارتجال». فهل تكون محاولات الاتيان بما لم ياته الاوائل هي التي حكمت على حفل افتتاح الدورة14 لايام قرطاج المسرحية بان ياتي باردا وباهتا ومبعثرا ام «لعنة» فضاء المسرح البلدي الذي وقع تهميشه في دورة المائوية هي التي لاحقت الحفل وجعلته يبدو كذلك... ومع ذلك سنبقى نردد مع الطفلين البريئين اللذين صنعا الفرح في حفل الافتتاح من خلال حضورهما اللامع والعفوي سواء من خلال الفيلم او من خلال تواجدهما في القاعة... سنبقى نردد معهما أننا جميعا على العهد دائما حاضرا ومستقبلا مع المسرح التونسي في حله وترحاله مع مسارحه وابداعاته بمختلف أنماطها ومدارسها وأيضا مع مبدعيه بمختلف أجيالهم...