موعد رائق وتاريخي أفصحت بأسراره العائلة ا لموسعة للصالون الثقافي والبيئي «الشجرة» بأكودة لكل عشاقه والمهووسين بفنون الأدب وشتى تفريعات الابداع الانساني، حيث شرّعت الشجرة بكامل فروعها المخصبة بدار رجل الأعمال وأحد الداعمين لمختلف الأنشطة الثقافية بمدينة أكودة الأخ الكريم مراد بن عمر، وقد تمّ الاختيار أن يكون عنوان اللقاء «همسة ربيع» للدلالة على وفائنا لهذا الفصل الذي يودعنا وفي القلب حُرقة.. واعتراف كامن بفضله على النفوس فهو نبراس أحلامنا وملهم أشواقنا لذا لا غرابة في أن يكون الجمعة الفارط يوما استثنائيا وعلى غير العادة بمدينة الزيتون والرمّان.. خاصة إذا أفصح عن مباهج عديدة وانفرد الصالون الثقافي «الشجرة» بطريقته الخاصة في النزول بديار العائلات، حتى تكون فضاء مناسبالمصالحة العائلة «الأكودية» مع بيئتها ومبدعيها بمختلف الفنون، وحتى تسمح أيضا بالحوار البناء والتلقائي بين أفراد الأسر الذين يتجاذبون أطراف الحديث مع الكاتب والممثل والفنان التشكيلي والموسيقي ويحاولون من خلال ذلك تقصّي الخبر الحيني واليقين دون اللجوءالى وساطات. الأمسية الناجحة التي أقيمت بمنزل الأخ: مراد بن عمر وأشرف عليها سيادة معتمد أكودة مصطفى شفيق البواب وحضرها ثلة من الاطارات المحلية وعدد كبير من الضيوف الذين لبّوا دعوة الصالون الى جانب الهيئة الموسّعة للصالون يتقدمهم الشاعر جلال باباي الذي نشّط الأمسية بتميّزه المعهود، تضمّنت مداخلة قيمة وهامة قدمها الشاعر والمسرحي الصادق عمّار بعنوان «الشجرة في البيئة العربية» أو «شجرة العشق القديم» وقد تطرقت الى موقع الشجرة ومكانتها في وجدان الشاعر العربي في ما قبل الاسلام (إمرؤ القيس، لبيد بن ربيعة..) ثم تعززت هذه المكانة في القرآن الكريم وفي السنة النبوية وفي الممارسة اليومية للعرب المسلمين. ومن أبرز ما تمّ التعرض له امتزاج صورة الحبيبة بصورة الشجرة وكذلك صورة الفرس وما للشجرة من حظوة عند عرب ما قبل الاسلام حتى أنهم كانوا يتبرّكون بشجرة إسمها «ذات أنواط» يقيمون لها احتفالا سنويا ويعلّقون بها سيوفهم وبعض ملابسهم قبل الخروج الى الحروب تبرّكا وطلبا للنّصر منها. وفي القرآن الكريم وجوه عديدة للشجرة فهي كانت في البدء أداة ابتلاء آدم منذ خلقه وهي التي سترافق الانسان في حياته حتى أنها تستقبله في الجنّة أو في النّار. المداخلة في مجملها كانت إبرازا للمفهوم الشعري والوجداني والحضاري للشجرة كرمز حياة ورمز ثقافي، ثم دار حوار شيّق وممتع مع ضيفة شرف «صالون الشجرة» الثقافي بأكودة الفنانة المتألقة: سلوى محمد أتت خلاله على أبرز محطاتها ونوادرها بشتى أعمالها التلفزيونية والاذاعية وغيرها وقد استطاعت السيدة الكريمة سلوى محمد أن تؤمّن باقتدار حديثا ذا شجون من خلال حسن المحاورة للحضور الغفير والافصاح عن اختلاجات الذات كما وفقت الممثلة المبدعة: سلوى محمد في الإتيان على فواصل بارزة في مسيرتها الفنية الطويلة التي تناوبت عليها كل من «زعرورة» و»حبيقة» و.. وللحفر في جزئيات خالدة من رحلة الفنانة: سلوى محمد قدّم الممثل القدير: عبد اللّه الشاهد شهادة في شأن السيدة سلوى أتى خلالها على العفوية التي اتسمت بها أعمالها الفنية والمتاعب الكثيرة التي اعترضت الفنانين في تلك الحقبة بحكم تواضع الامكانيات المادية وبفضل الصمود وحب لا متناه لمهنة التمثيل أمكن لسلوى محمد وغيرها أن يبرز على الساحة وينتشر صيتهم بين الناس الى حدّ هذه الساعة واستشهد السيد عبد اللّه الشاهد بعديد الطرائف التي حصلت أثناء تصوير بعض المسلسلات فأضحكت الحضور وضاعفت من اعترافهم بنجاحات الفنانة سلوى محمد. كان للشعر أيضا سلطان الحضور وقمر يطلع بهيا عند منعطف الأماسي الخالدات بفضاء الصالون الثقافي الشجرة بأكودة، حيث تغنّى وأنشد الثنائي: بشرى ابراهيم الهوني (شاعرة من ليبيا الشقيقة) وسليمان بن يوسف (كاتب وشاعر من تونس) قصائد صادقة وشفافة طافحة بالحب والأشواق والجرح العربي الذي مازال ينزف في العراق وفلسطين، فردّدت بشرى الهوني مقاطع من قصائد مختلفة المدارات لمسنا فيها عطرا أنثويا على غرار «إمرأة من نار» و»غفلة الوقت» و»وجع».. كما انساب شعر سليمان بن يوسف بسيطا وجذابا الى أفئدة الحاضرين فقال قصائد في شأن «بشرى» و»تونس» كما أفصح عن «آه» وذكرى «الشهيد».. التي تضمنها ديوانه الجديد «أقولها شعرا بكل اللغات»، ثم تتالت القراءات التي تداول عليها الشعراء: السيد السّالك، الصادق عمّار وجلال باباي». وفي اختتام أشغال الحلقة الثالثة من صالون «الشجرة» الثقافي والبيئي بأكودة، بادر ربّ البيت الذي نزلنا به وهو الأخ الفاضل مراد بن عمر بالاحتفاء كأبهى ما يكون بضيوفه المبجلين حيث تمّ تكريم الممثلة القديرة والفنانة المتألقة سلوى محمد من طرف السيد معتمد أكودة الى جانب الشاعرين بشرى ابراهيم الهوني وسليمان بن يوسف، كما وزعت دروع لرمز الشجرة على كل الاطارات المحلية التجمعية، وضيوف الصالون من مربّين وشعراء، الى جانب تسليم شهادة شكر وتقدير ودرع رمزي للشجرة للسيد محمد الصادق ونّاس الذي احتضن فعاليات اللقاء الثاني من الصالون. ------------------------- هوامش اللقاء * حرصا منه على انتظام الصالون في موعده المحدّد، وتفادي تأجيله الى موعد لاحق، عمل السيد مراد بن عمر جهده لتقليص مدة سفره الى فرانكفورت الى يومين بغية العودة صبيحة يوم الجمعة 21 ماي 2004 الى جانب تأجيله لرحلة عمل الى فرصوفيا يومي 24 و25 ماي، فشكرا من الأعماق لهذا المثقف الغيور. * لاحظنا حضورا قياسيا للمشرفين على المنتديات ونوادي الابداع الأدبي والصالونات الثقافية بعديد الجهات على غرار: السيد السالك (القيروان)، صالح السباعي (حاجب العيون)، صالح سويسي (قصر هلال)، شوقي الحمادي (المكنين) وفتحي قديش (القلعة الكبرى)، وهذا مؤشر ايجابي يبرهن على اشعاع فكرة الصالون على مختلف الجهات. * وزّعت عائلة السيد مراد بن عمر بعض الهدايا التذكارية على الحاضرين كما بادر الكاتب سليمان بن يوسف بإهداء كل الوافدين على الصالون اصداراته المكتوبة المختلفة ونسخا من قرصيه اللّيزريين بغية تدعيم الرغبة في المطالعة لدى أفراد الأسر والعائلات. * التقطت عديد الصور التذكارية التي خلّدت تاريخ الصالون، وقد تهافت العديد من الحاضرين على أخذ صور مع سلوى محمد وبشرى الهوني وسليمان بن يوسف الذين لبّوا الرغبة بكل رحابة صدر والشيء من مأتاه لا يستغرب.