للتونسي عادات وتقاليد يوارثها جيل عن جيل هذه العادات تساهم بشكل كبير في نحت مميزات الحضارة التونسية وسماتها التاريخية وتجذير خصائصها الاجتماعية ومن بين هذه العادات نذكر «العولة» التي ظلت على امتداد عشرات السنين مناسبة هامة ومميزة عند كل العائلات التونسية ويعتبر موعد انطلاق التحضيرات «للعولة» من اهم الاحداث العائلية فيستعد لها التونسي استعدادا خاصا. هذه العادة بدأت تختفي شيئا فشيئا من مجتمعنا بسبب تغيّر نمط العيش في تونس وخروج المرأة للعمل. «الشروق» ارادت ان تتعرف اكثر الى خصائص «العولة» في تونس ومعرفة مدى محافظة التونسيين على هذه العادة التي تجمع بين الفائدة الغذائىة والفائدة الاقتصادية. فالتقت مجموعة من النسوة وخرجت بالشهادات التالية: في الحقيقة لا يمكن الجزم بأن جل التونسيين قد بدأوا في التخلي عن هذه العادة حيث لازالت العولة تحتل مكانة هامة وتأتي في صدارة اهتمام العائلة التونسية في منطقة الشمال الغربي وخاصة في الارياف حيث يعتبر التخلي عن العولة امرا يستدعي السخرية من قبل الجميع. اما في بعض المناطق الاخرى فتقتصر العولة على العائلات الكبرى ويحدث هذا في بعض المدن بزغوان وطبرقة وغيرها من المناطق وتقول السيدة هادية (اصيلة ولاية زغوان) ان جلّ العائلات بمسقط رأسها لا يولون اهمية للعولة وتخلّوا عنها. وتضيف ان والدتها عادة ما تعمد الى جلب امرأة تحذق العولة بأنواعها مقابل مبلغ مالي، اما هي فتفضل شراء ما تحتاجه من السوق. **محافظة على العادات الآنسة منيرة طالبة جامعية وأصيلة مدينة باجة ترى ان «العولة» و»الكسكسي» و»المحمص» الدياري لا يمكن ان نستبدلها بما يوجد في السوق وتشير الآنسة منيرة ان جلّ الفتيات بمدينتها يحرصن على تعلّم ابجديات «العولة» ويتنافسن فيما بينهن على اتقان صنع «الكسكسي الدياري» و»البهارات». وتؤكد السيدة وحيدة سلامة ان «العولة» تحتوي على قيمة غذائية كبيرة وفائدة صحية باعتبار انها تصنع في البيت وبطريقة سليمة ونظيفة بالاضافة الى نكهتها الفريدة التي لا يمكن ان نجدها في المواد الغذائية المصنعة. وتحرص السيدة وحيدة على تعليم ابنتها كل هذه العادات الحسنة لما فيها من فائدة لها وللجيل القادم. وتدعو السيدة وحيدة الى ضرورة تعليم بناتنا هذه العادة حتى لا تندثر. السيدة سامية زوجة شابة لازالت متمسكة بعادة الجدود وتعتبر العولة مهمة جدا فهي تمكنها من تخفيض مصاريف المعيشة وعادة ما تجلب امرأة لتحضير ما يلزمها من مؤونة طيلة السنة وتهتم بتحضير الفلفل والبهارات والكسكسي وغيرها من المواد الغذائية التي يمكن احضارها في المنزل. **ضيق المكان والوقت ما يمكن تأكيده هو ان سكان العاصمة وخاصة القاطنين بالعمارات قد تخلّوا عن العولة لعدة اسباب لعل اهمها ضيق الوقت بالنسبة للموظفات والعاملات اللاتي يصعب عليهن ايجاد الوقت الكافي للقيام بتراتيب العولة ثانيا الاقامة بعمارات سكنية لا يتوفر بها فضاء يسمح بتجفيف العولة. وتؤكد الآنسة اشراق ان عائلتها تخلت عن «العولة» منذ سنوات عديدة بسبب عدم وجود فضاء مناسب لذلك. اما سوسن متزوجة منذ ثلاث سنوات تقول ان «العولة» تحتاج الوقت والجهد وباعتبار عملها بشركة خاصة فإنها لا تستطيع تحضير العولة نظرا لضيق وقتها وكثرة اعمالها وانشغالها بشؤون منزلها. * ناجية المالكي