أشاد مسؤول بصندوق النقد الدولي في ندوة صحفية انتظمت أمس بالبنك المركزي بحسن سير الاقتصاد التونسي وب»صلابته» أمام الصعوبات التي عرفها الاقتصاد العالمي خلال السنوات الأخيرة وخاصة في القطاع السياحي، وقال السيد «دومينيكيو فانيزيا» رئيس اللجنة المكلفة بإعداد تقرير حول الاقتصاد التونسي لفائدة صندوق النقد الدولي ان الاقتصاد التونسي في وضعية مريحة جدا وأنه مؤهل لتحقيق نسب نمو أرفع من المسجلة حاليا. وأشار المتحدث الذي كان مرفوقا بالسيد توفيق بكار محافظ البنك المركزي إلى أن تواصل اعتماد السياسات الاقتصادية الحذرة مكّن تونس من تجنّب تأثيرات تباطئ النمو الاقتصادي العالمي وتداعيات تراجع أداء القطاع السياحي مما جعلها تكون قادرة على المحافظة على توازناتها الاقتصادية، بالاضافة الى ما وفّره الانتاج الفلاحي القياسي المسجل من تحسين للأوضاع. وأكد السيد «دومينيكيو فانيزيا» أن تحسّن مؤشرات الاقتصاد العالمي وخاصة في أوروبا هي عوامل مشجعة من أجل المحافظة على نسق النمو المسجل على المدى القصير. وأضاف ممثل صندوق النقد الدولي أن استعادة الاقتصاد التونسي لنشاطه وحيويته تأكدت خلال السنة الحالية من خلال الانتاج الفلاحي القوي وعودة النشاط السياحي الى مستواه المعهود والنتائج الجيدة المسجلة في المجال التصديري دون اعتبار المواد الطاقية والبترولية. مؤشرات طيبة ويعتقد المتحدث أن نمو الاقتصاد التونسي سيتجاوز بالاعتماد على المعطيات المتوفرة نسبة 5.5 وأن عجز الحساب الجاري بميزان الدفوعات سيكون في حدود 2.5 من الناتج الوطني الخام للبلاد وهو ما يعني تحسّنا بحوالي نصف نقطة مائوية (0.5) في الناتج الوطني الخام مقارنة بالسنة الفارطة (2003). وأعاد ممثل صندوق النقد الدولي التحسّن المرتقب لمجمل هذه المؤشرات الى المداخيل الهامة المتأتية من حركة الخوصصة والتفويت في القطاعات العمومية والتي ستتمكن من الحط من حجم الدّين الخارجي بنسبة 1.5 من الدخل الوطني الخام ليكون في حدود 52 وهو ما سيمكّن من المحافظة على مستوى جيد من الاحتياطات المالية قادرة على تغطية 3 أشهر من نشاط توريد البضائع والخدمات الى البلاد. تجاوز وتحسين وعلى الرغم من أن المتحدث أشار الى أنّ أداء الاقتصاد التونسي هو الأفضل وسط مجموعة الدول الشرق أوسطية والافريقية الشمالية بحكم عدم تراجع وتدعم الدخل الفردي مقارنة بما هو عليه لدى البلدان الصاعدة (مثل المكسيك وبولونيا)، فإنه يرى أن على تونس في السنوات القادمة أن تعمل على تجاوز أرقام النمو المسجلة حاليا وتحسينها وقال ان تونس لها من المؤهلات والامكانيات ما يجعلها قادرة على بلوغ نسب مرتفعة بما سينعكس بشكل ايجابي على طبيعة الظروف الاجتماعية والحياتية للمواطنين وتحسين البنية التحتية والتخفيض من نسب البطالة. تحديات وأولويات ولتحقيق مجمل تلك الغايات والأهداف يرى ممثل صندوق النقد الدولي ضرورة انجاح مسار تحويل الاقتصاد التونسي في مجال الانفتاح المتواصل نحو الخارج، هذه المهمة التي يعتقد المتحدث أنها في حاجة الى تشجيعات وتدعيمات هامة في ظل التحديات التي يطرحها إلغاء الاتفاقيات متعددة الألياف السنة القادمة والتي قد تخفض من نسق تصدير منتوجات النسيج والملابس الجاهزة. وأشار السيد «دومينيكيو فانيزيا» الى أن لجنة صندوق النقد الدولي التي نفّذت عملها في تونس منذ 16 جوان الفارط حددت أولويتين هامتين متكاملتين في مجال السياسة الاقتصادية التونسية، تنصّ الأولى على ضرورة مواصلة الاصلاحات الهيكلية بنفس جديد يهدف الى تحسين الانتاجية الاقتصادية التي تمثل المحرّك الأساسي للنمو الاقتصادي وتوفير مناخ يمكن القطاع الخاص من دخول غمار الاستثمار في مجالات جديدة غير تقليدية. مع ضرورة مواصلة تحرير التجارة الخارجية وتحسين مناخ الأعمال وتقوية النظام المالي التي تعتبر من الركائز الهامة. وتبرز الأولو ية الثانية في تقوية السياسات الاقتصادية من أجل مسايرة الاصلاحات الهيكلية وتعتقد لجنة صندوق النقد الدولي في هذا الباب أن مواصلة سياسة المرونة في مجال معدل سعر الصرف في السوق واعتماد مساندة قوية للموازنات المالية للحد من حجم الدين الخارجي كما أن السياسة النقدية يجب أن تضع في أولوياتها استقرار الأسعار الذي سيكون ضروريا لتأمين القدرة التنافسية للاقتصاد طيلة مسار الاصلاح الاقتصادي». يُذكر أن بعثة صندوق النقد الدولي أجرت عملها في تونس طيلةالأسبوعين الفارطين والتقت الى جانب المسؤولين الحكوميين وممثلي المؤسسات المالية والبنكية الأطراف الاجتماعية ممثلة في الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة. وأنجزت البعثة عملها في اطار الفصل القانوني رقم 4 للصندوق الذي ينص على ضرورة تقديم مسح سنوي لاقتصاديات كل البلدان المنتمية إليه وعلمت «الشروق» أن تقرير اللجنة التي كلفت بدراسة وضع الاقتصاد التونسي سيكون محل نقاش لمجلس ادارة صندوق النقد الدولي الذي سينعقد في أكتوبر القادم.