قضت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس مؤخرا بإدانة شاب وسجنه مدّة خمسة أعوام من أجل اتهامه بارتكاب جريمة السرقة والسلب باستعمال العنف الشديد. المتهم في عقده الثالث، تعمّد يوم الواقعة اعتراض سبيل شابين كان يركبان دراجة نارية ويقومان بجولة بحي العمران الأعلى، وقام بايقافهما بعد أن وضع نفسه كحاجز أمامهما في الطريق. وبعد أن توقفا سألاه عن مبتغاه، عندها طلب منهما أن يمكناه من مبلغ مالي وان يتنازلا له عن الدراجة، فحاول أحدهما صدّه ونهيه عن طلبه، فما كان من المتهم في القضية الحالية إلا أن سدّد له ضربة قوية في مستوى الرأس فأسقطه أرضا مغميا عليه ثم تولى الاعتداء بالعنف الشديد على المتضرر الثاني، الذي حاول التصدي له والصمود في وجهه دفاعا عن نفسه وعن صديقه وما ملك، وأمام اصراره وعناده في الدفاع عن نفسه، لم يجد المتهم غير التسلّح بقارورة غاز مخدّر ومشل للأعصاب كانت معه، وقام برش خصمه بكمية من الغاز فأسقطه أرضا، دون أن يفقد وعيه، لكنه لم يعد قادرا على الحركة لتأثير الغاز المخدّر الذي أصابه. وبعد ذلك قام المتهم بسلبهما إذ استولى على مبالغ مالية كانت مع المتضررين كما استولى على جهازي هاتف جوال واستولى أيضا على الدراجة النارية ولاذ بالفرار. ومن سوء حظه ان كانت دورية أمينة تمرّ صدفة من نفس المكان، فلاحظ أعوان الأمن وجود شابين ملقيان على الأرض أحدهما بطلب النجدة ولاحظوا أيضا المعتدي وهو يركب الدراجة النارية ويهمّ بالفرار، فلحقوا به، إلا أنه انطلق كالريح على الدراجة لذلك اضطر الأعوان لمطادرته، وعندما اقتربوا منه، قام بالقاء المبلغ المالي والهواتف الجوالة والدراجة النارية، أرضا وحاول الفرار مترجلا، حيث تسلق حائطا وقفز إلى داخل منزل أحد أقاربه، إلا أن أعوان الأمن تمسكوا بمطادرته خاصة وأنه كان متلبسا، وتمكنوا في الأخير من القاء القبض عليه، ومع ذلك حاول الاعتداء على أحد الأعوان. بعد إلقاء القبض عليه، وبعد نقل المتضررين إلى أحد المستشفيات حيث تم الاحتفاظ بأحدهما للعلاج فيما أسعف الثاني حينا، نقل المشتبه به إلى مركز التحقيق، واستمع المحققون إلى أقوال المتضرر الذي روى لهم كامل تفاصيل ما تعرّض له رفقه صديقه وجابه المتهم بتوجيه اصبع الاتهام له متمسكا بحقه في مقاضاته وتتبعه عدليا، وهو نفس الموقف الذي عبّر عنه المتضرر الأول وبالتحرير على المتهم حاول في البداية التفصّي من المسؤولية، إلا أنه تراجع عن ذلك واعترف بكل ما نسب له، مؤكدا أنه فعلا اعترض سبيل المتضررين بقصد افتكاك الدراجة النارية التي كانا يركبانها وأرجع ذلك إلى أنهما قاما باستفزازه اثر جولاتهما في الحي فقرر الانتقام منهما كما اعترف بسلبهما وسرقة هواتفهما الجوالة بعد الاعتداء عليهما ورش أحدهما بقارورة نار مخدر ومشل للأعصاب. وبعد أن أنهى المحققون أبحاثهم وتحرياتهم تمت احالة المظنون فيه على أنظار أحد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس حيث واصل اعترافاته وأقر بالاعتداء على المدّعيين وسلبهما وافتكاك الدراجة النارية، كما أقر بمسؤوليته في الجريمة وفي التهم المنسوبة إليه لذلك قرر ممثل النيابة العمومية اصدار بطاقة ايداع بالسجن ضدّه بعد أن وجه له تهمة السرقة الموصوفة والسلب والاعتداء بالعنف الشديد باستعمال سلاح أبيض على من وقعت عليه السرقة. وقد أحيلت ملفات القضية على أنظار دائرة الاتهام التي رأت تأييد قرار ختم البحث الصادر عن قلم التحقيق وقررت بدورها تأييد لائحة الاتهام وإحالة المتهم صحبة ملفات القضية على احدى الدوائر الجنائية المختصة بابتدائية تونس. وقد مثل المتهم أمام هيئة المحكمة خلال الأيام القليلة الماضية، لكنه تراجع كليا عن تصريحاته التي كان قد أدلى بها سواء لدى باحثه الابتدائي أو أمام قلم التحقيق وأنكر كل التهم المنسوبة إليه جملة وتفصيلا. وصرّح بأنه خالي الذهن تماما من وقائع الجريمة رغم مجابهته باعترافاته خلال كافة أطوار البحث وطلب من هيئة المحكمة القضاء في شأنه بعدم سماع الدعوى. لسان الدفاع عاضد منوبه في إنكار واعتبر ألا شيء في ملفات القضية يؤكد بصورة صريحة إدانته وقال المحامي إن اعترافات منوبه أمام باحث البداية ولدى قلم التحقيق لا تعتبر دليلا قاطعا، لأن اعترافات المتهم في القانون الجنائي التونسي غير كافية إذ لابد من وجود عناصر خارجية تدعمها، واعتبر لسان الدفاع أن ملفات القضية يشوبها الشك، في حين يحسب الشك في المادة الجزائية دائما لفائدة المتهم، وطلب المحامي من المحكمة تبرئة ساحة منوبه والقضاء في شأنه بعدم سماع الدعوى، فيما تمسّك ممثل النيابة العمومية بالمحاكمة طبقا لفصول الاحالة ولائحة الاتهام وبعد أن استمعت الهيئة القضائية إلى كافة أطراف القضية، قررت حجزها للمفاوضة والتصريح بالحكم لتقضي في الختام وفي جلسة علنية بادانة المتهم والقضاء في شأنه بالسجن مدة خمسة أعوام من أجل ما نسب إليه إلا أنه يحق للمتهم الطعن في هذا الحكم بالاستئناف.