واجه السيد سلوبودان ميلوزوفيتش الرئيس اليوغسلافي السابق في حربه كل دول أعضاء حلف الشمال الاطلسي، بعد أن فعلت تلك الدول المستحيل لعدم خوض حرب معه، وتعرضت بلاده لضربات جيوش كثير من دول الحلف التي عارضت الحرب ضد العراق، وبعض هذه الدول على غرار ألمانيا، قالت جهرا وصراحة أنها لن تحارب العراق حتى وإن صدر قرار من مجلس الامن بالحرب! وها هو السيد ميلوزيفيتش يتمتع أولا بكل الاحترام الواجب لمتهم، وها هو يحاكم علنا، وها هو يمنح مثل أي كان كل فرص الدفاع عن نفسه، بل ها هي المحكمة تراعي الظروف الصحية للقائد الصربي ويعلن رئيس محكمة الجزاء الدولية ان المحكمة ستقوم بمراجعة جذرية لظروف سيرها في ضوء الوضع الصحي للمتهم. وعلى الرغم من أنه متهم في 66 قضية، تم عقد 295 جلسة، ولانه قرر الدفاع عن نفسه بنفسه رغم عدم حرمانه من محامين دوليين، فإنه سيكون هو كما تقول وسائل الاعلام، من يحدد جدول الاعمال، ومن يختار الشهود، ومن يرسم حدود استجوابهم. كما جاء أنه أعلن عزمه تقديم 1631 شاهدا في 150 يوما أخرى سمحت بها غرفة الاتهام. بل ان خبيرة قانونية قالت «انه على ميلوزوفيتش أن يقرر ما اذا كان يريد أن يبقى على مستوى رئيس دولة، أو مستعد لقبول دور المتهم! هذا في حالة ميلوزوفيتش، أما في حالة مهزلة محاكمة صدام فقد رأينا العجب العجاب، يقولون في الاول انه ستتوفر له كل فرص المحاكمة العادلة، ثم يتراجعون، ويمنحونه صفة أسير حرب وليس رئيس دولة ثم ينزعونها منه، وبعد أن أسقط في أيديهم منذ جلسة لائحة الاتهامات وهي لا تتعدى ال 8 وليس 66 على غرار ميلوزوفيتش، ها هم يحتالون لحرمانه من حق الدفاع عن النفس باسم قانون لا وجود له أصلا، وإن وجد ولوّح واحد بفصل منه أتى آخر ليناقضه حتى وإن كان الاول والثاني على اتفاق حول ضرورة ادانة صدام، وحرمانه من حق الدفاع عن النفس! ولأن المهازل لابد أن تتواصل تقبل شكوى الكويت وترفض شكوى إيران ضد صدام لان علاقتها بأمريكا على غير المطلوب بدعوى أنه أقام عليها حربا، وأنه استعمل الكيمياوي فيها، وإذا كان هناك فريق يتهم صدام ببدء الهجوم على ايران وآخر يقول العكس، فالثابت لدى العالم كله أن الطرف الذي بدأ بدكّ المدن الآهلة بالسكان المدنيين بالصواريخ هي ايران، وعندما طالب العالم بوقف هذا الدمار وحصر الحرب في ميادينها لم يصدر عن صدام حسين إلا الاصرار أن يطلق هو آخر صاروخا على مدينة ايرانية لانه ببساطة لم يبدأ بها! وعلى افتراض أنه هو الذي بدأ الحرب فالثابت انه عرض إيقافها على مجلس الأمن 5 مرات، على الاقل، وعندما قبلت ايران في الاخير بلغة العقل كان أن علّق الخميني أن قبولي بهذا القرار يعادل شربي لكأس سمّ! والثابت ان محاكمة الحقد الذي سيتعرض لها صدام، هي سبب أساسي للرهان على أن العراق لن يخرج سليما من أزماته الطويلة، وأنه بالتأكيد ستنطبق عليه تلك القاعدة الشهيرة: أزمة تلد أخرى، لكن الامر هذه المرة على علاقة بأزمات الموت وليس بأزمات إدارة شأن!