يتحدث مسؤولون سابقون وخبراء أمريكيون عن سيناريوهات للوضع في العراق في أعقاب تسليم السلطة إلى حكومة عراقية مؤقتة تحكم في ظل وجود نحو 150 ألف من قوات الاحتلال الأمريكي المنتشرة فوق الأراضي العراقية. ويقول هؤلاء أن تسليم السلطة يمكن أن يفتح الباب إلى السيادة أو الديكتاتورية أو الفوضى. وأول السيناريوهات الثلاثة التي يجري تداولها في واشنطن هو أن يكون العراق مستقرا نسبيا، ليصبح مزدهرا ويتحرك إلى الأمام على غرار الوضع الأفغاني الحالي، ويتدفق النفط وتقل هجمات المقاومة، فيما يخلد الأكراد والعرب السنة إلى الهدوء ويعملون في نطاق بنيان السلطة الجديدة في بغداد، حيث تكون القوات الأمريكية في معظمها غير مرئية وتشعر بالضجر في قواعدها المنتشرة في العراق. أما السيناريو الثاني فهو أن العراق لا يواجه حالة من التجزئة إلا أنه يدخل في نظام حكم ديكتاتوري أكبر مما ترغب فيه الولاياتالمتحدة، وتكون العلاقات مع واشنطن والقوات الأمريكية متوترة وتظهر تحركات معادية للعراقيين وانتهاكات لحقوق الإنسان في الوقت الذي يلجأ فيه القادة الجدد للعراق إلى عادات النظام السابق الذي أطاح به الغزو الأمريكي، ولكن الخدمات الأساسية تتحسن. أما السيناريو الثالث فيشير إلى أن العراق سيبقى حتى صيف 2005 يترنح تحت «تشدد إسلامي» غير مسيطر عليه... إنه في المراحل الأولى للتمزق مع سقوط أجزاء من أراضيه تحت نفوذ تركيا، إيران وجيران آخرين. وتؤجل الانتخابات ويكون هناك فشل في تحقيق وحدة سياسية، ويلوح في الأفق حرب أهلية. ويقول معظم الخبراء في واشنطن الذين يتنبأون بتلك السيناريوهات إن التحديات التاريخية التي يمثلها العراق إضافة إلى الأخطاء التي ارتكبتها الولاياتالمتحدة في العراق منذ احتلالها قد تجعل السيناريو الأول بعيد التحقق، بينما الدلائل على التصميم العراقي لرؤية الأمور تتحسن قد يجعل الآن السيناريو الثالث أكثر بعدا. وهذا يترك السيناريو الثاني على الرغم من أن بعض المتفائلين في السابق يعتقدون بأن من الممكن تدهور الأمور ليكون السيناريو الثالث هو الممكن كما يقول جون أولترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، الذي سبق له العمل في إدارة التخطيط السياسي بوزارة الخارجية الأمريكية. وربما يكون العامل الأكثر حسما هو كيفية شعور العراقيين المنخرطين في العمل تجاه الإصلاح في بلادهم بعد ما يمكن أن يكون من المؤكد أن هناك عاما آخر من التغيير والأمور غير المؤكدة. ويقول الخبراء أن العوامل السياسية وليس العسكرية هي التي ستكون حاسمة في تقرير طبيعة الأوضاع. ويبدو أن الخبراء بشأن العراق يتفقون على نقطتين هما أن العراق لن يكون منارة للديمقراطية في المنطقة كما وعدت حكومة بوش وأن ما سيحدث في انتخابات الرئاسة الأمريكية في شهر نوفمبر لن يكون له سوى تأثير ضئيل على مصير العراق. ويقول الخبير في مؤسسة هيريتيج اليمينية، جون هالسمان أن «فكرة ديمقراطية جيفرسون بعيدة جدا عن الصورة وحتى لا تدخل في قائمة السيناريوهات» ويضيف «إن ما قتلها هو ابو غريب» في إشارة إلى أعمال التعذيب التي مارستها قوات الاحتلال ضد الأسرى العراقيين في سجن ابو غريب. وقال «إن الصور سيئة الصيت عن الانتهاكات اضطرت العراقيين وغيرهم من أبناء المنطقة إلى التراجع بعد أن كانوا متشككين في المشروع الأمريكي لجعل العراق منارة للديمقراطية.» أما مارينا أوتاواي، من مؤسسة كارنيجي للسلام في واشنطن فإنها تعتقد أن «السيناريو الأكثر إيجابية للعراق هو الذي تكون فيه الحكومة قادرة على توسيع العملية السياسية بحيث تدخل فيها بعض من كانوا بالنسبة للولايات المتحدة الأشخاص السيئين. وقالت إنه «إذا ظلت قطاعات كبيرة من العرب السنة والبعثيين خارج الخيمة فإن فرص وجود عراق مستقر بعد عام من الآن ضعيفة جدا.»