تحت نجوم الليل القاتم أكتب هذه الأسطر بريشة ترتجف من فظاعة ما سأكتب عن أعمالنا الدرامية في شهر البركة شهر رمضان الكريم الشهر الذي تجتمع فيه العائلة كبارا وصغارا حول مائدة واحدة تنتظر بفارغ الصبر حلول الفطر لتنعم بأشهى الأطباق. الجو يسوده نفس جميل والمكان تعطره أذكار «محمد مشفر» فترى العائلة تنعم بهذا الجو الذي يعبق فيه أريج مجتمع عربي اسلامي لا يزال متشبثا بالقيم والمبادئ التي تميزه عن سائر المجتمعات الاخرى الا أننا ويا للأسف الشديد عندما نفتح قنواتنا يصيبنا الذهول من هول ما نرى من أعمال درامية لا تتماشى ومجتمعنا وان كان هذا هو واقعنا فلابد من البحث عن حلول للحد من هذه الظواهر لا تقديمها في عمل درامي تصرف عليه الملايين لترويج صورة فظيعة للمجتمع التونسي أمام المجتمعات الاخرى تخالف الصورة الجيدة التي تشكلت لها بناء على ما تنعم به من أمن واستقرار وتوازن أفادها. إن أعمالنا الدرامية نسجت بخيوطها السوداء صورة سوداء لمجتمعنا: (مخدرات رشوة علاقات غير شرعية الى غير ذلك من الفضائح). وهو ما يؤكده مسلسل «المكتوب» و«نجوم الليل» للمخرج مديح بالعيد الذي تبثه قناة حنبعل، كيف يسمح في مثل هذا الشهر ان نشاهد مشاهد منافية تماما لأخلاقياتنا (disco خمر لباس فاضح عبارات سوقية...) إني أعتبر هذا اساءة الى باقي شرائح المجتمع الذي مازال يعيش في قوقعته الخاضعة لقيم الاحترام والمبادئ والاخلاق النبيلة وان كانت هذه المشاهد تمس بالدرجة الأولى الفئة التي خرجت عن عاداتنا وتقاليدنا وذهبت وراء شهواتها الشيطانية متأثرة بحياة الغرب (جاء يمشي مشية الحمام تلف مشيتو). إن مسلسل «نجوم الليل» لم يختلف عن سياق الاعمال السابقة فسمة الميوعة وهشاشة السيناريو من أبرز مميزات هذا العمل والمواضيع المطروحة كالقمار والتحيل والخمر والاغتصاب والمخدرات، وهي مشاكل نابعة من جملة التغيرات التي شهدها المجتمع التونسي منذ تفتحه على الحضارات الاخرى، لم تعد بحاجة الى ترجمتها الى لغة السيناريو وتجسيدها في أدوار تصلنا عبر أشخاص (حك رأسك ولي ممثل). إن مسلسل المكتوب لسامي الفهري خير فاضح لهذه المشاكل ولا أجد سببا مقتنعا في إعادة طرحها. فلا اختلاف بلن هذا وذاك الا في عدسات الكاميرا: كاميرا الفهري المكتوب بثوبه الكاشف. وكاميرا مديح بالعيد «في الاعادة إفادة». وأريد الاشارة أيضا الى أن صاحب السيناريو مهدي نصرة لم يأت بالجديد. فالنص الذي كتبه لم يقدم المواضيع والقضايا التي يشكو منها المجتمع التونسي في مشاهد راقية شكلا ومضمونا بأداء مميز من قبل محترفين يجعلونك تعيش القصة وكأنها حقيقة بل كان سردا خاليا من عناصر التشويق كما هو شأن الأعمال المصرية. آخر الكلام: الدراما التونسية عرجاء نصا واخراجا