هو علي بن خميّس بن صالح الخماسي ولد بالقصيبة في شهر أوت من سنة 1876 أحرز على الشهادة الابتدائية من المكتب العربي الفرنسي بنزرت ، أكمل ثقافته من مطالعاته الخاصة في اللغتين العربية والفرنسية وخاصة في التاريخ الذي أشبع هوايته منه. وقد بدأ حياته بإعطاء دروس خاصة أعطت نتائجها الطيبة. اضافة الى انه كان من المؤسسين البارزين لجمعية النهضة التمثيلية سنة 1923 حيث تولى تسيير نشاطها رفقة جماعة من المتحمسين نذكر منهم محمد القطاري الحسن التركي... وغيرهم. مع بداية سنة 1902، بدأ الناس يسمع عن المربي علي الخماسي الذي كان نشيطا كعادته وحريصا على نفع إخوانه فقد وجّه عنايته في تلك الفترة الى الاهتمام بتثقيف غيره من أبناء بنزرت وقد ساعدت هذه الدروس الكثير من التلاميذ على الحصول على (شهادة البروفي Brevet العربي) والملاحظ ان نشاطه التعليمي الخاص هذا الذي تواصل 11 سنة اي الى سنة 1913 قد قوبل بالامتعاض من طرف سلطات الحماية التي رفعت شكوى ضده وجهتها الى إدارة العلوم والمعارف وأدعت فيها ان استمرار هذه الدروس سيؤدي حتما الى تقلّص نشاط المدارس الحكومية الموجودة ببنزرت وأمام هذه الحيرة بادرت السلط الفرنسية بمنعها فوقف علي الخماسي يكافح لرفع قرار التحجير وأمام ثباته وصموده تراجعت إدارة العلوم والمعارف في قرارها على اثر تدخلات المحامي الفرنسي الشهير «ألبان روزاي» لدى المقيم العام الفرنسي. تأسيسه للمدرسة القرآنية كانت السلطات الفرنسية قد عمدت منذ السنوات الاولى من احتلالها لتونس الى توجيه التعليم حسب اختيارات استعمارية قصد تكوين شباب ممزق الشخصية جاهل لمسؤولياته وغير مطلع على مآثر أمته وامجاد شعبه فأسس السلطات الفرنسية العديد من المدارس الابتدائية وجعلتها خاصة بأبناء الفرنسيين واليهود والأجانب وجلبت اليها احسن المربين الأكفاء وقصرتها على تعليم الفرنسية فحسب، كما أنشأت لأبناء المسلمين من جهة أخرى معاهد اطلقت عليها(مدارس عربية فرنسية) وجعلت حظ تعليم العربية بها منقوصا. وأمام هذه الاوضاع تفطّن التونسيون لهذه المكيدة وأدر كوا أبعاد الخطر المحدق بهم وجابهوا هذه السياسة بردّ فعل عنيف تمثّل في اقبالهم على تأسيس المدارس القرآنية وتخصيص جانب مهم من ساعاتها للغة العربية والتعليم الديني والتاريخ الاسلامي بها. ولعل من أبرز المدارس القرآنية هي التي أسسها الراحل علي الخماسي يوم 2 جانفي 1913 وهي «المعارف» وهي ثاني مدرسة من نوعها في الجمهورية وفعلا برز هذا المشروع الهادف وكان برنامج التعليم فيه يشتمل على تحفيظ القرآن وتدريس علوم الدين من فقه وحديث ومواد أخرى مثل الصرف والنحو والأدب والإنشاد والجغرافيا والحساب... كما خصص لتلاميذ هذه المدرسة دروسا في التمثيل فأصبحوا يقدّمون بعض الروايات بمناسبة الأعياد واحتفالات آخر السنة الدراسية. وقد تخرّج من هذه المدرسة ثلة من مثقفي بنزرت وأبطالها الذين مازالت بنزرت تعتزّ بهم وتفخر أمثال: محمد الحبيب بوقطفة (19061943) وحسن النوري (19051939) ومحمد الحبيب الذوادي (19381961) وحسن قارة بيبان ومحمد الصالح الخماسي. حوالي سنة 1930 فكّر في تكوين المعلمين بيداغوجيا فراسل المدرسة الخلدونية ملحا عليها كي تنظم دروسا بيداغوجية لمعلّمي المدارس القرآنية. كما نظّم مسابقة لجميع ابناء تلك المدارس بكامل البلاد فنجح فيها أفذاذ منهم فقيد المسرح التونسي «خليفة السطنبولي» (19151948). نشاطه في الميدان الاجتماعي كان من مؤسسي الجمعية الخيرية الاسلامية ببنزرت سنة 1907 كما ساهم المرحوم في تأسيس جميع فروع الخيرية بهذه الولاية مثل منزل بورقيبة منزل جميل، غار الملح... وشارك في تأسيس جمعية النهضة التمثيلية عام 1923 وبقي عدة سنين ضمن هيئتها المديرة. كما شارك في تأسيس جامع منزل بورقيبة وجمعية قدماء المكتب العربي الفرنسي بها وفرع قدماء المدرسة الفلاحية . أهتم كذلك بالطفولة المشردة وكتب عنها المقالات العديدة. إيمان الشنيتي المصادر : أعلام من بنزرت للأديب رشيد الذوادي نشرية جمعية النهضة التمثيلية ببنزرت