«أحلى تصويرة في الحفلة تعيش معايا توه سنين بعودي واللبسة الكحلى نغني ونطرب السامعين» لم يكن مجرد تعبير ورد في احدى أغنياته ولكنه وصف حقيقي لأداء طبع حضور الفنان عادل سلطان في ليلة ثانية من ليالي مهرجان المدينة بسوسة مساء الاربعاء 2 سبتمبر بفضاء «دار الشرع» لقاء جمعه بجمهور غفير شكل علامة مضيئة تجانست مع فنان يحمل أكثر من ابداع. طاقة صوتية رفيعة، صور شعرية عميقة، ألحان شذية، كلمة هادفة، فصاحة، خصوصية، هوية بفن ملتزم صفات برتبة توجهات لم تكن وليدة المناسبة مبادئ برتبة قناعات لم تساير الابتذال ولم ينحرف عنها عادل سلطان. في عرضه «أنا عربي» كان وفيا لكل ذلك لتكون بالتالي سهرة ستبقى عالقة في ذهن من حضر ولن تنسى. ساعتين من النشوة من «أنا عربي»، «العفو»، «سنة الحبيب»، «موش من توه»، «إن شاء ا& مساكن زينة» مرورا «بتثبت»، «غنى يا عود»، «أمي»، «العصفور العاشق»، »«عندك بحرية يا ريس»، «الحفلة» وصولا إلى نقطة البداية «أنا عربي» . الأغاني التي قدمها عادل كافية للتعبير عن نفسها في رحلة إبداع دامت ساعتين أخذت السامع إلى الأفق فطرب حد الانتشاء وحلم حد الواقع حفزه للالتقاء بذاته دون قناع فلم تنفصل الكلمة عن اللحن جسمها صوتا وظف كل تقنيات التعبير فهز الحاضرين بصفائه ونقاوته وطربه واقتحم كيانهم بكلمات في رتبة عِبَر وحِكم تزج المشاعر فتسلطن عادل كما يكون التسلطن، جسم الابتهال إلى حد الخشوع وتغنى بالأم والوطن والحبيبة دون تصنع وتغزل دون ابتذال هي أغان وان انفصلت عناوينها ولكن فحواها توحّد في جوهر أفرز الهوية في معناها الوجودي، فجسم عادل فكرة المشروع الفني بآليات وإن كانت خاصة شكلا فإنها إنسانية مضمونا . جمهور رفيع لم يجد الجمهور من وسيلة للتواصل مع عادل غير التصفيق الحار المتواصل لفترات زمنية طويلة عقب كل موال وكل أغنية اضافة الى انصات وصل حد الالتزام وتمعن حد الانضباط فكان التكامل في أبهى حلله وهو ما أعطى للعرض هيبته ولمعانيه تجليات. عادل يتفاعل استقبلنا عادل بعد العرض بروح المبدع ودماثة أخلاق الفنان وأكد ل«الشروق» أن مشروعه الفني يواصل طريقه بخطى ثابتة «اعتبارا أن العزيمة والمثابرة ما زالتا في درجاتها العالية» ويضيف عادل : «أقول هذا لأني أسبح ضد التيار وذلك منذ سنوات إلا أن ذلك لم يبعدني ولم يشتت معنوياتي مثلما يتصور البعض». وعن تصنيف توجه الموسيقى هذا أكد عادل قائلا : «أنا فنان الواقع رغم أني لا أريد استعمال هذه الكلمة لاقترانها بما يسمى تلفيزيونات الواقع وهي أبعد ما يكون عن الواقع لأن الواقع ما وقع بطبيعته لا بفعل فاعل، وفيما يخص اعتماده لبعض الأغاني العاطفية علّق عادل قائلا : «لا أعتبرها عاطفية بل أغان تعانق الإنسانية في أعلى درجاتها ولعلها تهيء المرء لمناجاة ربه».. وعن تعدد التجارب الغنائية الصوفية وشروط تقديم هذه النوعية : شبه عادل الظاهرة بالمخارق والزلابية في رمضان في اشارة الى الأعمال التي تفتقد الى مشروع ورؤية وغايتها تجارية بحتة لا تستند إلى دراية وعمق فني وأكد عادل قائلا : «إنني أجزم أنني لم أكن في يوم من الأيام ولن أكون بفضل ا& مناسباتيا في أعمالي والمتمحص في أرشيفي في الاذاعة والتلفزة أو الصحف المكتوبة سيلاحظ ذلك وقد كنت وفيا ولم أحد قيد أنملة عن خطي ومشروعي الذي رسمته لنفسي والذي ألهمني إياه الواقع العربي من خلال أغاني تكرس وترسخ الاعتزاز بالهوية العربية والاسلامية».