ما هي الخيارات والخصائص التنموية في المنوال التونسي وكيف يستمد هذا المنوال قوته وما هي الثوابت التي يرتكز عليها؟ كل هذه الأسئلة والمسائل أجاب عنها وتولى تحليلها السيد المنجي البدوي كاتب الدولة للتكوين المهني في منبر حوار نظم في ولاية منوبة. المنبر الحواري شهد أيضا إلقاء السيد منصر الرويسي رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان محاضرة تحت عنوان «تونس التغيير مسار ديمقراطي مستحدث ومتميز» تولى فيها التعرض لمختلف المحطات السياسية وأكد فيها على الواقع الملموس للتعددية السياسية. ففي مداخلته أكد السيد المنجي البدوي أن المنوال التونسي للتنمية يستمد قوته من وفاق وطني واسع من خلال منهج الاستشارة مع مختلف مكونات المجتمع من أحزاب ومنظمات وطنية ومهنية وأيضا خلال أعمال المجالس العليا والاستشارات الوطنية التي أذن بها رئيس الدولة. وحدد البدوي سبعة ثوابت يرتكز عليها المنوال التونسي هي الإنسانية والشمولية والوطنية والاعتماد على الذات والإصلاح المتواصل والتدرج والنجاعة والتضامن والاستدامة. وبين السيد المنجي البدوي بأن التضامن يمثل مبدأ دستوريا ومنهجا للعمل ضمن كل الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية ومبدأ قانونيا ومسلكا تنمويا. كما يرتكز المنوال على مبدإ اعتماد التدرج في ادخال الاصلاحات الجوهرية عبر التنسيق بين مختلف أوجه السياسة التنموية. وبين السيد منجي البدوي أن تونس وعلى مستوى كل العالم نجحت بصفة ناجعة ومتواصلة في تقليص نسبة الفقر حيث مر من أكثر من 7٪ سنة 1987 الى 3.8 ٪ سنة 2008 . وقد تميزت تونس في انجاز برنامج الاصلاح الاقتصادي بمؤشرين نوعيين مميزين يهم الأول عدم اللجوء الى اعادة جدولة ديونها صيانة لمصداقية قرارها الوطني وكانت من البلدان النامية القليلة جدا في العالم التي حققت الاصلاح الهيكلي دون اعادة جدولة الديون. ويخص الثاني ادماج تنمية الموارد البشرية والرفع من نسب الاستثمارات الاجتماعية ضمن الخيارات التنموية الأساسية فكانت من الدول القليلة التي أنجزت برامج الاصلاح الهيكلي مع التحكم في نفس الوقت في نسب الفقر وتقليصها وتحسين المؤشرات الاجتماعية. مؤشرات فقد مرت نسبة التضخم من 8٪ سنة 1987 الى 3٪ سنة 2008 ومرت خدمة الدين من 26.3 ٪ سنة 1987 الى 15,4 ٪ سنة 2008 . ومكنت الاصلاحات الجذرية والتواصلة للاقتصاد منذ تحول السابع من نوفمبر من تحقيق نسق نمو متسارع ومدعم ومتواصل. وبيّن السيد المنجي البدوي أن التحولات الاجتماعية حققت دعما للرأسمال البشري نتائج قياسية اذ تطور الدخل الشهري لكل أسرة من 81 دينارا سنة 1986 الى 333 دينارا سنة 2008 وبلغت نسبة التحويلات الاجتماعية من ميزانية الدولة 61 ٪ بعد أن كانت لا تتجاوز 44.1 سنة 1986 . وأكد البدوي بأن الوفاق الاجتماعي احتل صدارة اهتمامات الرئيس بن علي وان قدرة المنوال التنموي التونسي على التفاعل مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية للعولمة واستباقها مكن تونس من الارتقاء الى مصاف الدول الصاعدة مثل ما تؤكد ذلك جل مؤشرات وتقويمات المؤسسات الدولية وآخرها وكالات الأممالمتحدة المتخصصة. تحديات وبين البدوي خلال المحاضرة التي ألقاها أمام جمع كبير من الطلبة ووجوه المجتمع المدني بجهة منوبة بأن نجاح النموذج التونسي في التنمية منذ تحول السابع من نوفمبر ونتائجه الايجابية المحققة على جميع الأصعدة لا تخفي أهمية التحديات المطروحة حاضرا ومستقبلا. وقال إن تونس الواثقة من صحة خياراتها والمدعومة بمكتسباتها الهامة بفضل قيادتها الرشيدة قادرة على مواجهة هذه التحديات...