بقرار رسمي من الحكومة.. يصدر للمرة الثالثة على التوالي بعد قراري 1998 و2002... يجري في ايطاليا هذه الايام تسوية ملفات اقامة عدد من المهاجرين السريين... قال عنهم ضيف «من المهجر» السيد الهادي خيرات كاتب عام الاتحاد المحلي للكنفدرالية الايطالية للعمل في مدينة بيروجا انهم كل المهاجرين الذين دخلوا التراب الايطالي قبل غرة ماي 2009 ويعملون في الخفاء. كما صرّح ل«الشروق» ان تسوية الوضعيات قد تطال ايضا من تواجدوا بإيطاليا بعد ذاك التاريخ اذا كانوا يعملون وذلك بالتعاون مع رؤسائهم في العمل... مشيرا الى ان هذا المقترح الرسمي للحكومة الايطالية يستقطب أحيانا مهاجرين سريين من باقي الدول الأوروبية المجاورة... بحثا عن الاقامة. قرار التسوية سبقته قبل أشهر قليلة محاولة تمرير مقترح وصفه ضيف «من المهجر» باللاإنساني. يتحدث عنه بحماسة ليقول إن المقترح الاخير لحكومة اليمين المتطرّف لو تم تمريره كان سيجرد التعامل مع المهاجر السري من الانسانية... اذ يطالب بتجريم الطبيب الذي يشخص الحالة الصحية لمهاجر سرّي دون الابلاغ عنه. يقول «نجحت النقابات في التصدي لمقترح الحكومة خلال شهر أفريل الماضي وذلك بالطعن فيه عبر احتجاجات مسترسلة نجحت في قطع الطريق أمام تمريره». كما قال ضيف «من المهجر» ان النقابات تحاول التصدي لاستصدار قوانين صارمة جدا ضد انسانية المهاجر السرّي لكنها في المقابل ما تزال تبحث عن اصغاء جدي لنصائحها من قبل هؤلاء الوافدين. نادمون يعبّر أغلبهم عن ندمه الشديد في اختيار التسلل الى الشواطئ الايطالية... وبأنه «تسرّع» في «الحرقة»... لكن أغلبهم لا يفكر في خطو خطوة الى الوراء... لذلك نحاول ان نبعدهم قدر المستطاع عن دخول السوق السوداء للمخدرات وشخصيا، يقولها بنبرة آسفة، كثيرة هي المرات التي رددت فيها على مسامع بعضهم «تجنّب المتاهات وحاول ايجاد عمل وقتي في حضائر البناء او غيرها حتى العثور على حلّ». ويشير السيد الهادي خيرات كاتب عام الاتحاد المحلي للكنفدرالية الايطالية للعمل في مدينة بيروجا إن الظروف الصعبة التي يعيشها المهاجر السرّي تحوّله الى شخص مهيإ للعمل في الممنوع وربما العودة جثة الى الوطن... قائلا «يعيشون تحت الخوف من الترحيل في أية لحظة عاجزين عن العمل دون وثائق تثبت إقامتهم في ايطاليا فيلجؤون الى السوق السوداء للعمل... وتبقى النصيحة عالقة تبحث عن اصغاء... «لا تتسرّع وانتظر فرصتك القانونية». رجع صدى يجرّه فجأة الى الحديث عن نصيحة أخرى لا صدى لها في الوطن... حين يتساءل لماذا يرغب أغلب الشباب في التسلل بطريقة غير قانونية خارج أرض الوطن؟ وهل إن الأمر متعلق فقط بتلك الصورة العالقة في أذهانهم... بأن الجنّة على الضفة الاخرى للمتوسط؟ وضعيات صعبة يعيش العمّال في المهجر وضعيات صعبة ويقتات أغلبهم من القروض تماما كما يعيش الشغالون في الوطن... والصورة التي يعود بها هؤلاء صيفا صورة عادية قد لا تكون الحافز لتلك الرغبة. وبيّن السيد الهادي خيرات ان الازمة المالية التي اندلعت في مصارف الولاياتالمتحدةالامريكية في أوت 2008 والتي تحولت الى أزمة اقتصادية عالمية عمّقت من صعوبة تلك الوضعيات فتواتر طرد العمّال... ويتواجد في ايطاليا اليوم حوالي 60٪ من العاطلين حوالي 20٪ منهم تونسيون. كما أوضح ضيف «من المهجر» ان نسبة المسرّحين بلغت الى غاية شهر جويلية الماضي حوالي 40٪... حوالي 30٪ منهم (تونسيون) انتقلوا للاقامة في فرنسا بمساعدة من «السيجال» (الكنفدرالية الايطالية للعمل). ويصف ضيف «الشروق» الازمة الاقتصادية الحالية بأنها «أفظع» من أزمة الثلاثينات. كما يقول كاتب عام الاتحاد المحلي «للسيجال» في بيروجا إن إيطاليا ليس لها الامكانات المادية الكافية للمساعدات الاجتماعية مقارنة مثلا بألمانيا وفرنسا... لذلك فهي غير قادرة على التعويض للكم الهائل من عمّالها المسرحين. ويعود ضيف «من المهجر» صاحب الثلاثين سنة تجربة في المهجر الى الحديث عن الهجرة السرية بحماسة ليقول إن الهجرة ظاهرة تاريخية... وإن اللاقانوني منها يعالج بإيجاد حلول اقتصادية واجتماعية له في البلدان المصدرة للمهاجرين جنوب المتوسط. كما يرى ان الهجرة المنظمة قد تكون الحل الانموذج لايقاف نزيف الهجرة السرية فاقتراح استقبال 4 آلاف عامل تونسي سنويا ما بين 2003 و2007 يعد قرارا هاما... فلماذا لا يتم التشجيع على الهجرة المنظمة والمضي في تنمية دول الجنوب عوض استصدار القوانين الصارمة؟