ستظل السياسة التربوية في أي بلد في العالم علما غير صحيح وستقوم باستمرار على مقاربات يأمل أصحابها أن تفضي إلى تحقيق المردودية الداخلية المثلى للمؤسسة التربوية وهي التكوين، ويجب الاعتراف أن جزءا هاما من الأولياء في بلادنا حتى لا نقول المجموعة الوطنية أصبحوا يشيرون بشيء من عدم الرضا حتى لا نقول أكثر إلى مستوى التكوين الناجم عن بعض هذه المقاربات في التعليم الابتدائي ببلادنا. هذا الأمر اشتكى منه أساتذة المدارس الاعدادية متذمرين من مستوى التلاميذ الذين يصلون إليهم، كما استفاد التعليم الخاص من هذا الوضع ليجد نوعا من المشروعية من خلال استغلال الهنات التي تبرز هنا وهناك في منظومة التعليم العمومي.. انه أمر يطرح أكثر من دعوة لضرورة فعل شيء ما في اتجاه التطوير وهو ما انتهت إليه سلطة الاشراف من خلال إلغاء الارتقاء الآلي وإلغاء بعض المناظرات التي لا جدوى بيداغوجية ترجى منها بل ان السيد حاتم بن سالم وزير التربية خلال زيارة التفقد التي أداها إلى ولاية بنزرت في اليوم الأول للعودة المدرسية وضع الاصبع على الداء من خلال حثّ الاطار التربوي على تحسين مستوى التكوين من خلال اعتماد آليات كثيرة منها تطوير الحساب الذهني واستعمال «اللوحة». والحقيقة ان هذا هو مربط الفرس في تواضع المردودية الداخلية لمدرستنا. إن أبناءنا اليوم يئنّون تحت وطأة كتب لا حصر لعددها تكون فيها الأجوبة بنعم أو لا أو الربط بسهم!! من يستطيع أن ينكر فضل «اللوحة»في تخريج أجيال كاملة تمسك اليوم بدواليب الادارة وكبريات المؤسسات.. مهندسون وأطباء ومدراء ومحامون مسحوا اللوحة بأهداب عيونهم ملايين المرات ليرسموا في عقولهم ضوابط الحساب وقواعد لغة الضاد ومفردات لغة «فولتار»؟ من ينكر أن الأجيال السابقة لم تكن تحمل في محافظها الدراسية غير كتابي القراءة والحساب و«اللوحة» لقد كان أيامها الجهد موجها إلى عقول التلاميذ لا إلى حواملهم البيداغوجية. ما نقوله ليس دعوة للعودة إلى الوراء فلكل جيل خصوصياته وزمانه ولكن كانت عقول التلاميذ هي المقصد والهدف. ألم يقل بعضهم بعفوية بالغة وباللغة البسيطة التي يفهمها شعبنا «العلم في الراس وليس في الكرّاس» وكم من كراريس لا تحمل في سطورها قيمة غير ثمن الحبر الذي طبعت به.