تونس الصباح: اول الغيث قطر ثم ينهمر.. مقولة قد تنطبق على التعاطي الهادىء الى حد الآن لوزارة التربية والتكوين مع ملف الدروس الخصوصية بتوجيهها هذا الاسبوع منشورا الى كافة المؤسسات التربوية حتى يطلع على فحواه ويوقع عليه كافة المربين ويكون الجميع على بينة من الشروط المنظمة لتقديم هذه الدروس. ومما لاشك فيه انه في اعادة فتح الوزارة للملف والحرص على اعادة التذكير بالبنود المنظمة للدروس الخصوصية والالتماس الجاد بتطبيقها بدقة بعيدا عن كل اشكال التجاوز والتحايل على القانون.. ما يعتبر تفاعلا مطلوبا مع مشاغل الاولياء وتجاوبا مع نداءاتهم لوضع حد للمخالفات ولما يصفونه بالمتاجرة بابنائهم. وقد جاء هذا التحرك المتوقع من الوزارة باعتبارها المسؤولة الاولى على فرض احترام التراتيب المنظمة لعملية التعلم والتنشئة السليمة ولاسيما جودة التعليم والمكتسبات. اذن جاء التحرك لاعادة تفعيل النص المقنن لهذه الدروس والصادر منذ سنة 1988 عبر التذكير بالشروط بكل فوج وعدم انتمائهم الى اقسام المدرس المنظم للدروس والفضاءات المحتضنة لها. الى جانب السمو بمكانة المربي ووضعها فوق كل اعتبار وتجنب الزج بها في ممارسات وسلوكيات تمس بسمعة اطارات التدريس ولن يكون ذلك الا بالامتثال للاجراءات المنظمة لتعاطي هذه الدروس ومراعاة الاهداف التي امنت اللجوء الى تقديم مثل هذه الخدمات التعليمية وتأمين حد ادنى من شفافيتها على ان الملفت في ما ورد بالمنشور التوجه الرامي الى اخضاع هذه الدروس الى المراقبة البيداغوجية والادارية.. والمراقبة لا يمكن الا مباركتها والحث على تطبيقها لفرض احترام الشروط المذكورة سابقا والتصدي لكل تجاوز في ابانه.. لكن هذا يطرح تساؤلات حول كفاية عدد المراقبين للقيام بهذه المهمة التي يفترض ان تكون منتظمة وذلك بالنظر الى الانتشار الكاسح لهذا النشاط بعديد المناطق.. ثم اذا كان المقصود بالمراقبة البيداغوجية تفقد مردود المدرس اثناء آداء هذه المهمة الخاصة فالاحرى توجيه هذا الجهد الى الدرس العادي داخل القسم عسى ان ينعكس افضل على عطاء المدرس ونعني اكبر عدد من التلاميذ عن الاستعانة بالدروس الخصوصية.. اما اذا كان المقصود بالمراقبة البيداغوجية التحري من الظروف التي تقدم فيها هذه الدروس من حيث اريحية العمل وعدد التلاميذ بالفوج الواحد وعدم انتسابهم الى نفس المدرس بالقسم فهذا جميل ومطلوب. ويبقى المطلوب اكثر التعاطي بكل حزم مع الحالات المخالفة وتطبيق القانون على ان يجد ملف هذه الدروس طريقه نحو المصلحة كما يتعين على الاولياء التعاطي بكل موضوعية ورصانة بعيدا عن الاندفاع المفرط في الاقبال على هذه الدروس في شتى المواد وفرضها على ابنائهم لا لشيء الا للحصول على اعداد ممتازة ومطاردة التفوق في كل المجالات حتى اذا استوجب الامر اللجوء الى «الدوباج» وتنشيط اداء التلميذ عبر هذه الحصص ويتحولون اثرها الى اول المتبرمين من نشرها والمتذمرين من تداعياتها على ميزانيتهم الاسرية.