موسم الحصاد التعليمي يبلغ هذه الأيّام منتهاه ليفسح المجال استعدادا لدورة جديدة في حياة مدارسنا وجامعاتنا. لغط وأحاديث متنوّعة تقييما لمسار تعليمنا في ضوء ما استجدّ هذه السنة الدراسيّة... أطلق البعض خطابا تشكيكيا اتّكأ على بعض الأخطاء... مثل موضوع اختبار الحساب في امتحان السادسة لتقديم استنتاجات عدميّة ألغت كل ملمح تطويري وإصلاحي يجري بنسق حثيث لضمان صيانة ما يُجمع التونسيّون على اعتباره مكسب المكاسب الوطنيّة أي تعليمهم ومدرستهم قاعدة حاضر تنميتهم ومستقبلها.. لقد كان من اللافت أنّ هذه السنة الدراسيّة بالذات قد مرّت في كنف هدوء واضح كان ثمرة تواصل ايجابي بين وزارة التربية ونقابات التعليم مما فسح المجال لتفرّغ مختلف الأطراف الفاعلة في العملية التربوية لإنجاز مهامها الجوهرية المتعلّقة بأهداف التربية والتكوين بعيدا عن أجواء التوتّرات المشحونة التي تساهم بشكل سلبي في تعطيل مسار تحقيق هذه الأهداف وتحويل وجهة العملية التربوية نحو متاهات يصعب التحكم فيها بما يعنيه ذلك من أضرار معنوية وكلفة مادية ثقيلة في قطاع تخصّص له الدولة نسبة الاستثمار الأكبر من ميزانيتها. سنة دراسيّة مرّت دون تسجيل أيّ إضراب في أيّ من مستويات التعليم أو قطاعاته بما يترجم مسار التوافق والتواصل الإيجابي الذي تتطلّبه هذه المرحلة الانتقالية في مسار إصلاح منظومتنا التعليمية دون أن يعني ذلك الغاء مضامين المطلبية الشرعية لنساء ورجال التعليم في تونس حيث لا معنى لوضع بيداغوجي وتربوي جيّد لمدرستنا دون وضع مادي محترم ومقبول للرافعة التي تقوم عليها هذه المدرسة وهي معلموها وأساتذتها. إجراء جديد قرّرت وزارة التربية تنفيذه دعما لاتجاه الإصلاحات التنظيمية التي تعود بالفائدة لجميع الأطراف ويتمثل في الزام الإدارات بمدّ الأساتذة بجداول أوقاتهم للسنة الدراسية القادمة مع موعد انتهاء السنة الحالية أي موفّى شهر جوان الماضي بالإضافة إلى النظر في حركة النقل وتقريب الأزواج في مواعيد مبكّرة حتى تكون العودة المدرسية القادمة مستكملة شروط النجاح بشكل استشرافي مبرمج يقي العودة من عراقيل الفوضى والاعتباطيّة. صحيح أن تعليمنا يواجه تماما كما واقع التنمية في البلاد تحديات تفرضها صعوبة المرحلة وتنامي المتغيّرات المتسارعة لكن إرادة التطوير الدّائم صيانة لهذا المكسب هي ما يجعل افتخارنا بما تحقّق في هذا القطاع كجزء ممّا أنجز في مجال التنمية البشريّة قناعة يمكن أن نرفع بها رؤوسنا عاليا دون غرور أو مغالطة للذّات، نزداد قناعة بصواب الاختيارات التي تقود المسيرة ونحن نستمع إلى شهادات التثمين كتلك التي استمعنا اليها على لسان جون بول كارترون رئيس منتدى «كرانس مونتانا» مخاطبا سيادة رئيس الجمهورية ومن خلاله كل التونسيين تقديرا وإجلالا لمكاسب بلادنا. يحقّ لنا الافتخار دون غرور أو تغاض عن المشاكل والتحدّيات، ويقظة دائمة لمواجهة أخطائنا دون عقد، وإصلاح ثغراتنا دون خوف أو إخفاء. لعل ذلك هو مبعث التأسيس المتجدّد للنجاح.