كشفت مرحلة تقديم الترشحات للانتخابات التشريعيّة 2009 المزيد من عورات ومساوئ الأحزاب السياسيّة في علاقة بمدى الجديّة في التعاطي مع الإجراءات والضوابط القانونيّة المنصوص عليها في «المجلّة الانتخابيّة» وفاعلية العمل الحزبي والتنظيمي المنجز داخل مختلف هذه الأحزاب في تأطير المناضلين والأنصار وتهيئتهم لهذا الموعد الانتخابي والسياسي الهام. وذكرت مصادر مطّلعة ل «الشروق» أنّ أسباب الرفض الإداري للقائمات الانتخابيّة تعود أساسا إلى جهل بتراتيب التقديم الشكليّة من ملء للاستمارات ووثائق الترشّح بالإضافة إلى السهو أو تعمّد إدراج أسماء لمترشحين سجلهم الشخصي يحتوي بعض الإشكاليات القانونيّة والقضائيّة المحجّرة في المجلّة الانتخابية. تعويض «في الوقت الضائع» وعندما يُقال هذا الكلام فليس به أيّ تجنّ على أيّ حزب أو قيادة مّا بل هي معطيات تُنقل من أجل تشخيص واقع أحزاب المعارضة التونسيّة خدمة لمستقبلها وتطوير أوضاعها في المستقبل ، إذ من المؤسف أن يتعرّض عدد هام من قائمات انتخابية لأحزاب لها عقود من العمل السياسي القانوني والتنظيمي على غرار حزب الوحدة الشعبيّة الّذي تعرّض إلى «ضربة مُوجعة» برفض الإدارة تسليم وصولات نهائيّة لسبع من قائماته في كلّ من دوائر باجة ونابل وتطاوين وسيدي بوزيد وجندوبة وصفاقس2 وتوزر. استفهامات حقيقيّة كما أكّدت مصادر من المكتب السياسي لأعرق أحزاب المعارضة وهي حركة الديمقراطيين الاشتراكيين سقوط قائماتها في كلّ من المنستير وسيدي بوزيد ومدنين ومنوبة وصفاقس (القائمة الّتي يرأسها عبد العزيز الرباعي) ، ولئن أكّد المصدر قدرة الحركة على تلافي هذه الوضعية بشكل سريع وترميم ما حدث فإنّ حدوث مثل تلك الوضعيات داخل (ح د ش) يتناقض مع ما أكّدته قيادتها من أنّها أعدّت كما يجب التحضيرات المتعلّقة بالانتخابات بصفة مبكّرة وعلى أفضل الوجوه. من جهة أخرى لم يتمكّن الحزب الديمقراطي التقدمي إلى حدود أوّل أمس الجمعة من الحصول على الوصولات النهائيّة إلاّ لعدد قليل من قائماته (خمس قائمات فقط هي قابس ، قبلي ، سليانة ، الكاف ، زغوان من جملة 23 قائمة تلقى بخصوصها الردّ الإداري) علما أنّ الأمينة العامة للحزب السيّدة ميّة الجريبي عقدت ندوة صحفية هذا الأسبوع و«تباهت» باتمام حزبها تقديم قائمات في جميع الدوائر وهو أمر طرح استفهامات حقيقيّة داخل المشهد السياسي الوطني بحكم ما هو معروف ومتداول عن أوضاعه الداخلية نتيجة الاستقالات وحالة التوتّر الدائمة الموجودة في جلّ هياكله، وقالت مصادر مقرّبة إنّ قيادة التقدمي كانت أمام تحدّ عددي حقيقي يهمّ المراهنة على أناس لا علاقة لهم بالحياة السياسية ولهم وضعيات اجتماعيّة معقّدة أو ينتمون الى حركة سياسية محظورة وفي حقّهم أحكام قضائيّة سابقة، وذكرت نفس المصادر أنّ قيادة الحزب حاولت وفعلت ما في وسعها وبكلّ الطرق والوسائل من أجل ضمان التقدّم في 26 دائرة لإبراز قوّتها وقدرتها على المنافسة وإبراز عدم تأثير الانسحابات والاستقالات السابقة من مختلف هياكله ومنها على وجه الخصوص مكتبه السياسي. الضحية السياسية وسياسيّا ، تحوّلت «عملية سقوط قائمات التقدمي» إلى شماعة للحديث عن استهداف سياسي متعمّد من السلطة السياسيّة ومواصلة التحصّن بموقع «الضحيّة السياسية» عوضا عن مجابهة الأوضاع بعقلانية وموضوعيّة واستخلاص الدروس. كما تأكّد ل «الشروق» سقوط قائمة بنزرت لحركة التجديد في انتظار رصد مآل بقية القائمات الّتي تقدّمت في آجال متأخّرة جدّا في إطار ما عُرف بالمبادرة الوطنية للديمقراطية والتقدّم. وبالتوازي مع ذلك تعرّضت قائمات تابعة لأحزاب الوحدوي الديمقراطي والحزب الاجتماعي التحرري وحزب الخضر للتقدّم إلى «الإسقاط» في حدود متقاربة (من 4 إلى 6 قائمات لكلّ حزب) إلى حدّ مساء الجمعة في انتظار تشخيص كامل الوضعيات ولكلّ حزب على حدة.