بتكليف من الرئيس زين العابدين بن علي تولى السيد عبد الوهاب عبد ا& وزير الشؤون الخارجية إلقاء كلمة تونس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الملتئمة بنيويورك في دورتها الرابعة والستين. وأكد وزير الشؤون الخارجية في هذه الكلمة على التمسك بمنظمة الأممالمتحدة وبالمبادئ التي قامت عليها واعتبارها الاطار الأمثل لتنسيق الجهود وتوحيدها في التعامل مع القضايا المطروحة ومواجهة التحديات الماثلة واصلاح نظام العلاقات الدولية من خلال العمل على تكريس المبادئ النبيلة الواردة في ميثاق الأممالمتحدة وإيجاد حلول عاجلة وناجعة للقضايا العالقة والحد من مخاطر الأزمات الاقتصادية والاجتماعية ودعم أطر التعاون والشراكة المتضامنة في إطار مقاربة أكثر شمولية تقوم على الربط المتين بين السلم والأمن والتنمية. وبين السيد عبد الوهاب عبد ا& أن المجموعة الدولية مدعوة اليوم الى مضاعفة الجهود للتركيز على تحقيق التنمية المستدامة وتكريس القيم الكونية النبيلة التي بات العالم اليوم أحوج ما يكون إليها كالتعاون والتسامح والتضامن والتآزر مؤكدا على ضرورة تسريع وتيرة المسار الاصلاحي لمنظمة الأممالمتحدة بما يتلاءم ومقتضيات الوضع العالمي ويضفي أكبر قدر من العدالة والتوازن على العلاقات الدولية لا سيما عبر توسيع مجلس الأمن واضفاء مزيد من الشفافية والنجاعة على أدائه ومزيد تفعيل دور الجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي. وأبرز الجهود التي تبذلها تونس للارتقاء الى مصاف الدول المتقدمة ضمن رؤية مستقبلية متبصرة أرسى دعائمها الرئيس زين العابدين بن علي وشملت كافة الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية وتجلت في الاصلاحات العميقة التي أفضت إلى تعزيز البناء الديمقراطي ونشر ثقافة حقوق الإنسان فكرا وممارسة وتكريس الحريات العامة وتشريك كافة مكونات المجتمع في المسار السياسي للبلاد ضمن دولة القانون والمؤسسات مشيرا إلى أن البلاد عاقدة العزم على المضي قدما في مسيرة التطوير والتحديث لتعزيز قدراتها على مسايرة التحولات العالمية والاسهام الفاعل في بناء عالم يسوده السلم والاستقرار وفي ارساء علاقات دولية أكثر توازنا وتضامنا. وبيّن الوزير أن واقع العولمة يستدعي العمل على الاحاطة الدائمة بالشباب والانصات المتواصل لمشاغله لحمايته من كل أشكال الاقصاء والتهميش ومن مخاطر الانغلاق والتطرف وغرس لديه ثقافة التسامح والاعتدال والوسطية وأبرز في ذات السياق دعوة الرئيس زين العابدين بن علي إلى وضع سنة 2010 تحت شعار السنة الدولية للشباب وإلى عقد مؤتمر عالمي للشباب برعاية منظمة الأممالمتحدة وبالتعاون مع المنظمات الدولية المعنية يحضره الشباب من كل أنحاء العالم ويفضي إلى اصدار ميثاق دولي يكون هو الرابطة الوثقى التي تشد شباب العالم إلى القيم الكونية المشتركة. وقال إن الهدف الأسمى لمبادرة رئيس الجمهورية هو توعية الأجيال القادمة بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقها في تكريس القيم الكونية بما يعزز مقومات السلم والأمن والاستقرار في العالم معربا عن الأمل في أن تحظى هذه المبادرة بتأييد ومساندة الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة. واستعرض السيد عبد الوهاب عبد ا& التوجهات الأساسية لسياسة تونس الخارجية مشيرا في هذا الشأن إلى جهود تونس في سبيل بناء الاتحاد المغاربي وفي تفعيل العمل العربي المشترك. وجدّد تأكيد موقف تونس الثابت والمبدئي في مساندة القضية الفلسطينية العادلة والوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق في كفاحه من أجل استرجاع حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على أراضيه. وعبّر في هذا الصدد عن الارتياح للمواقف الايجابية الصادرة عن الإدارة الأمريكية بخصوص قضية الشرق الأوسط وعناصر التسوية العادلة والشاملة للصراع وحل الدولتين داعيا الأطراف الراعية لمسيرة السلام الى تكثيف الجهود لحمل اسرائيل على الكف عن سياستها الاستيطانية دون شروط مسبقة حتى يتسنى استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي على أساس القرارات الدولية ومرجعيات العملية السلمية ومبادرة السلام العربية. وفي خصوص الوضع في افريقيا أكد وزير الشؤون الخارجية ان افريقيا قادرة اليوم ان تنهض بأوضاعها وتتخلص من مشاكلها من خلال التعويل على قدراتها الذاتية في المقام الاول وعلى تعاون المجتمع الدولي معها لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأعرب في هذا الصدد عن تقدير تونس لجهود القائد معمر القذافي قائد الثورة الليبية رئيس الاتحاد الافريقي من اجل تعزيز الأمن والسلم ودفع مسار التنمية في القارة الافريقية حتى تتبوأ المكانة التي هي بها جديرة وتتمكن من الإسهام من موقع الفعل والمبادرة في الشؤون الدولية بما يضفي المزيد من العدالة والتوازن على العلاقات الدولية ويحقق تمثيلا جغرافيا متكافئا في منظمة الأممالمتحدة من أجل عالم يسوده الأمن والسلام وتتعزز فيه قيم التعاون والوفاق والتضامن. وذكر وزير الشؤون الخارجية في إطار استعراضه لثوابت السياسة الخارجية بحرص البلاد الدائم على تطوير علاقاتها مع أوروبا حيث تشهد علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي تطورا ملحوظا يجسده حرص الجانبين على الارتقاء بعلاقاتها إلى مرتبة الشراكة المتقدمة فضلا عن الاسهام الفاعل في تعزيز السلم والنهوض بالتنمية في الفضاء الأورومتوسطي وفي انجاح مسار الاتحاد من أجل المتوسط بهدف بناء فضاء متوسطي يسوده الأمن والاستقرار والازدهار. وأضاف ان تونس تعمل كذلك على تطوير أواصر الصداقة وتوسيع مجالات التعاون واثرائها مع بلدان القارتين الأمريكية والآسيوية لإقامة شراكة متضامنة. وأوضح من جهة أخرى ان العالم اليوم يحتاج وبشكل ملح إلى العمل من أجل الحفاظ على البيئة داعيا المجموعة الدولية الى اعطاء التضامن الدولي بعدا عمليا خاصة عبر وضع آليات كفيلة بمجابهة التغيرات المناخية وانجاز برامج للتأقلم مع هذه الظاهرة بما يمكن من الاقتراب من أهداف الألفية للتنمية للأمم المتحدة ورفع التحدي الكبير الذي تطرحه التغييرات المناخية على المجموعة الدولية. وقال السيد عبد الوهاب عبد اللّه في ختام مداخلته ان نجاح جهود المجموعة الدولية لتحقيق التنمية وتطوير علاقات التعاون يبقى رهين توفر مناخ عالمي يسوده الأمن والاستقرار والعدالة.