منذ احتلال مدينة القدس قبل ما يزيد على أربعين عاما مارست سلطات الاحتلال شتى أنواع الطرق من أجل الاستيلاء على الأرض والعقار وتدمير البنية التحتية والمنشآت لكن أخطر ما يقوم به الاحتلال بشكل غير مباشر هو تدمير الانسان واضعاف قوته وتحييده عن اهم القضايا المصيرية التي تحيط بمستقبله وبوطنه. واحدى طرق تدمير الانسان المقدسي وخاصة الشباب، هو عدم التشدد في مكافحة ظاهرة المخدرات، من ناحية تهريب المخدرات بشكل كبير الى المناطق العربية وبحسب احصائيات رسمية يتم ضبط 10% فقط من المخدرات المهربة ومن ناحية ترك المروجين والمتعاطين يمارسون نشاطهم بحرية، ومن ناحية اخرى العقوبات غير الرادعة المتخذة بحقهم. وفي ظل الظروف السابقة إضافة إلى عوامل أخرى اجتماعية واقتصادية ساعدت في انتشار المخدرات باتت المناطق العربية من القدس تعتبر مكانا آمنا للمروجين والمتعاطين، لكن رغم قتامة الصورة الا ان هناك مراكز تعنى بالحد من هذه الظاهرة ومعالجة المتعاطين. المشكلة تتفاقم وفي لقاء مع الخبير في شؤون المخدرات ومدير مركز صامد للتثقيف المجتمعي حسني شاهين قال أن المشكلة تفاقمت بين فئة الشباب حيث اصبح انخفض سن المتعاطي ليبدأ من سن 12 عام، ومن أشهر أنواع المخدرات في الأراضي الفلسطينية المرجوانا المهجنة بالمواد الكيماوية والحبوب المهلوسة من نوع استكازي والتي تؤثر بشكل سلبي وضار على خلايا الدماغ العصبية والهروين، مضيفا أن هناك 200 حالة وفاة خلال الثلاثة أعوام الماضية، 90% من هذه الحالات في القدس وضواحيها. أماكن البيع والتعاطي أما بخصوص أماكن انتشار المخدرات في مدينة القدس وضواحيها أوضح شاهين أنها تكثر في الاماكن السياحية والمتنزهات العامة في البلدة القديمة وشارع صلاح الدين، إضافة إلى وجود وكر في مخيم شعفاط ، وهو معروف للتجار والمدمنين لا يبعد عن الحاجز العسكري المقام على مدخل المخيم سوى خمسين مترا، لا يداهم من قبل الشرطة الاسرائيلية إلا إذا علمت بوجود مدمن إسرائيلي، فيما تتغاضى عن نشاط المدمنين العرب. وبين شاهين أن من يتم ضبطه يتاجر بالمخدرات في القدسالغربية أو إسرائيل يصدر بحقه حكم مشدد ومضاعف، وبالمقارنة مع ممن يضبط في القدسالشرقية فلا يكون حكمه مشددا وعلى الأغلب لا يكمل مدة حكمه كاملا «لحسن سلوكه» فيرجع إلى المخدرات ثانية. وبين شاهين أن مكافحة المخدرات يجب أن تتم من خلال عدة محاور، منها التوعية والإرشاد من خلال محاضرات للجامعات والمدارس والمراكز والمؤسسات الاجتماعية، وإنشاء مراكز تثقيفية وتعليمية وتدريبية للحد من انتشار هذه الظاهرة. وكشف شاهين عن آخر الاحصائيات حول انتشار ظاهرة المخدرات، التي تؤكد أن عدد المتعاطين يبلغ 18000 متعاط، منهم 6000 مدمن. وقال شاهين: «أن القدس كالجسد المحتضر مليء بالهموم والافات الاجتماعية يحتاج لاعادة تأهيل من جديد، ومشكلة المخدرات سياسية اجتماعية بحاجة الى تطوير برامج وتشريعات». أفخاخ مخدرات.. ومن بين أساليب الاحتلال المتبعة لايقاع الشباب في شرك المخدرات هي زج السجناء الأمنيين في غرف السجناء المدنيين وبالذات مع تجار ومدمني المخدرات من أجل الإيقاع بهم وتفتيت إرادتهم، وبدلا من إخراجهم من السجن كمناضلين تخرجهم كمدمنين، كما أن للبطالة أثر بالغ في انتشار المخدرات حيث اضطر العامل الفلسطيني العاطل عن العمل التوجه إلى سوق العمل الإسرائيلي دون تصريح، فيعتقل ويوضع مع مدمني المخدرات فيتعلم منهم. مواطن مقدسي ... ضحية السجن المواطن «ع» والذي فضل عدم ذكراسمه بالكامل كان ضحية تنفس المخدرات في السجن، حيث اعتقل واتهم بسرقة أربعة رشاشات من دبابة، وقضى مدة عام كامل، وكان ذلك كافيا لادمانه على المخدرات. يقول «ع»: «لقد ادمنت على المخدرات عن طريق التنفس، حيث انني وضعت مع شخص كان يدخّن طوال الليل، ثم بدأت تظهر علي أعراض الرجفة وأوجاع الاسنان والقيء، ورفضت إدارة السجن عرضي على الطبيب، وعرض علي هذا الشخص التدخين، ورغم رفضي مرارا وافقت في النهاية، وقمت بالتدخين وشعرت بالقوة والنشاط»، وتابع «بفحص البول الخاص بي، تبين أن جسمي مليء بالمخدرات وبعد فترة قصيرة خرجت من السجن، لاجد نفسي في مواجهة الحياة، فهربت إلى الوكر في مخيم شعفاط لشراء وتعاطي المخدرات، وازدات معرفتي بالتجار وطرق التعاطي وأنواعها، وأصبحت أتعاطى الحبوب المخدرة وأحقن نفسي بالابر، واستمر الوضع على ذلك أربع سنوات، حيث انعكس هذا الوضع المدمر على حياتي الزوجية وعلى والدي وعائلتي، حتى اني قمت بسرقة مصاغ زوجتي، وبعت بعض الاثاث وحطمت بعضه دون ادراك. وحاول «ع» ان يتعالج من الادمان فدخل المشافي والمراكز لسنوات عديدة، لكنه لم يستطيع الاكمال، ومؤخرا رفع «ع» الراية البيضاء وبالفعل تم علاجه من الادمان. المواطن «ع» أكد أن الشرطة الاسرائيلية تتغاضى عن ظاهرة التعاطي في مخيم شعفاط، رغم قرب الوكر من الحاجز العسكري، مشيرا الى انها لا تتحرك وتداهم الوكر الا إذا علمت ببيع مخدرات إلى شباب يهود أو إذا تقدم يهودي بشكوى ضد تجار المخدرات، ودعا الأهالي والمؤسسات الوطنية إلى حماية الشباب والاهتمام بهم لأن المخدرات تفترس الإنسان مهما كان عمره مؤكدا على أن الإحتلال له دور كبير في انتشارالمخدرات لعدم جديته في مكافحتها. من جهته أكد مدير مركز النور والطهارة في مخيم شعفاط أحمد حجازي أن عدم وجود مراكز لمعالجة متعاطي المخدرات في المناطق العربية وعدم وجود توعية بهذا الشأن في الوسط العربي، أدت إلى زيادة في نسبة متعاطي المخدرات بأنواعها المختلفة خاصة في مدينة القدس وضواحيها كما وانتشرت بين فئة الأطفال. راتب بدل بطالة للمدمن!!! وقال حجازي أن الجهات الإسرائيلية المعنية بالمدمنين تصرف للمدمن راتبا «بدل بطالة» يصل إلى 3500 شيكل (حوالي 900 دولار)، ويتم إجراء فحوصات لهذا المدمن كل عام، فإذا أثبتت الفحوصات أنه تعافى يتم قطع الراتب عنه، وهو ما يعتبر دافعا قويا للمدمن للاستمرار في التعاطي، وذلك لأن المتعافى لا يجد أي عمل لدى مشغلين إسرائيليين بسبب ملفه «غير النظيف» لدى الشرطة الإسرائيلية. وتطرق حجازي إلى المشاكل الناجمة عن تعاطي المخدرات من سرقات لتأمين ثمن المخدر والتفكك الأسري وسجن والضياع، وبالتالي يتحول المدمن إلى تاجر ومهرب للمخدرات، وتحدث عن الأسباب التي تقود إلى التعاطي وكان أبرزها انفتاح سوق العمل في المدن الاسرائيلية، خاصة الملاهي اضافة التفكك الاسري. مركز النور يستقبل.. يستقبل مركز النور حالات من القدس والداخل الفلسطيني والضفة الغربية وتبلغ اعمار الذين يخضعون للعلاج 18 عاما حتى 50 عاما، ويتم التعالج مع المدمنين ضمن خطة علاجية مدروسة وموحدة، ويستمر العلاج من شهر الى عام وذلك حسب تقييم الحالي وتحديد نوع المخدر. ونوه إلى المجهود الكبير الذي يبذلونه خلال علاج المرضى حتى الوصول إلى مرحلة التعافي، وقال « لا يقتصر عملنا على إرشاد المريض حتى الوصول لمرحلة التعافي، اضافة الى تأهيل أو تزويج أو إرجاع إلى أهلهم، والمرحلة الأصعب في العلاج هي محاولة دمجهم في المجتمع. وطالب حجازي بايجاد مخصصات ثابته للمراكز التي تعالج المدمنين، ومتابعتها بشكل دائم، لان هدفها ورسالتها تتمحور حول انشاء جيل قادر على حمل المسؤولية، ومجتمع خال من الافات. دير السلطان للأقباط الأرثوذكس وهو من الأديرة القديمة بالقدس ويغلب على الظن أنه جدد في العصر الفاطمي صلاح الدين أرجعه للأقباط بعد استرداده لبيت المقدس ولعله عرف من وقتها باسم دير السلطان ويقع هذا الدير بجوار كنيسة القديسة هيلانة وكنيسة الملاك والممر الموصل من كنيسة هيلانة إلى سور كنيسة القيامة ولدير السلطان أهمية خاصة عند الأقباط لأنه طريقهم المباشر للوصول من دير مار أنطونيوس حيث مقر البطريركية المصرية إلى كنيسة القيامة ومعنى فقدانه عند الأقباط أن تصبح جميع أملاكهم لا تساوي شيئاً ويضطر الحجاج الزوار إلى المرور في طريق عمومية طويلة ليصلوا إلى كنيسة القيامة وتبلغ مساحته حوالي 1800م2، وتقع ساحته فوق كنيسة القديسة هيلانة وفي الزاوية الجنوبية الغربية من هذه الساحة تقع كنيستان تاريخيتان هما كنيسة الأربعة كائنات الروحية الغير متجسدة (الأربع حيوانات (ومساحتها 42م2، وكنيسة الملاك ميخائيل وهي في الدور الأرضي ومساحتها 35م2، وللوصول من هذا الدير إلى كنيسة القيامة يجب الدخول إلى كنيسة الأربعة حيوانات والنزول منها إلى كنيسة الملاك والخروج من بابها إلى ردهة كنيسة القيامة وقد ادعى الأحباش ملكيتهم لهذا الدير رغماً عن أن الوثائق التاريخية الإسلامية تثبت ملكية الأقباط والكنيسة المصرية له وربما يرجع هذا الادعاء إلى المرسوم الذي أصدره السلطان المملوكي المنصور قلاوون بألا يمنع الأحباش من دخول هياكل القيامة أو دير السلطان بناء على طلب من ملك الحبشة لأن اللاتين الموجودين هناك كانوا يضايقونهم وقد سمح لهم الأقباط بالإقامة في الدير لأن الحبشة كانت خاضعة للكرازة المرقصية في الإسكندرية وعزز من اعتقاد الأحباش في أحقيتهم بالدير أنهم أقاموا فيه منذ القرن الحادي عشر الهجري (17م) عندما طردوا من أملاكهم لعجزهم عن أداء الضرائب وقام الأقباط باستضافتهم في الدير ومن وقتها ظهرت مشكلة دير السلطان بين الأقباط والأثيوبيين وقد تدخل البريطانيون في هذا النزاع لصالح الأثيوبيين ونصحوهم بسرقة مفاتيح الدير وقد تم بالفعل في العام 1850م، ولكن متصرف القدس عقد مجلساً للنظر في أمر النزاع وحضره أعيان القدس وكبار رجال الدين في الطوائف الثلاث (الأرمن الأقباط الحبشة) وانتهى المجلس إلى إعادة مفاتيح الدير إلى الأقباط وظل البريطانيون يحرضون الأثيوبيين للاستمرار في ادعاء ملكية دير السلطان ومن بعدهم قام «الإسرائيليون» بعد منتصف ليلة عيد القيامة المجيد (20من أبريل 1970م) وأثناء انشغال الكنائس في إقامة صلوات ليلة هذا العيد بتغير كوالين ومفاتيح الدير وتسليم المفاتيح الجديدة للأثيوبيين وأقاموا المتاريس ومنعوا المطران القبطي من الدخول للدير بعد انتهائه من الصلاة وعلى إثر هذا الاعتداء قام الأنبا باسيليوس المطران القبطي في القدس بالاحتجاج لدى السلطات «الإسرائيلية» وقام برفع ثلاث قضايا أمام المحاكم «الإسرائيلية» كان آخرها أمام محكمة العدل العليا المؤلفة من خمسة قضاة يرأسها القاضي أجرنات الذي كان وكيلا لوزارة العدل بفرنسا وبعد دراسة المحكمة للوثائق التي قدمها الأقباط ومعاينتها للدير بادر رئيس المحكمة قائلا: أنتم ارتكبتم عملاً لصوصياً ومخالفاَ للنظام والقانون هذا الدير قبطي 100% ويعاد إلى أصحابه فوراً ورغم صدور قرار أجرانات في عام 1971م، بإعادة الدير للأقباط وتغريم الشرطة «الإسرائيلية» والأسقف الأثيوبي إلا أن سلطات الاحتلال ترفض تنفيذ القرار. عن موقع القدس أون لاين النشاشيبي يفتح صفحات من حياته السياسية والصحفية والادبية من منا لا يعرف الاستاذ ناصر الدين النشاشيبي؟؟ هل يعتبر سياسيا أم كاتبا أم مؤرخا؟؟ الاستاذ النشاشيبي جمع على مدار أكثر من ستين عاما بين السياسة والتاريخ والأدب والفن والثقافة.. أحب وما زال يحب فلسطينوالقدس والكتابة، حيث يقول: «القدس ستبقى تسري في عروقنا وستبقى لقمة العيش في غذائنا ولن نكفر بها ولن ننشد مدينة اخرى سواها وسنبقي الضغط على جميع العرب للانتساب لها..القدس كل ذرة فيها تساوي الدنيا بأسرها»، وقال أيضا: «سألاقي وجه ربي وأنا أكتب، فالكتابة هي ثروتي الوحيدة وهي عطائي وبستمي وشقائي، ولا نعمة توازي نعمة القراءة». ولد الاستاذ ناصر الدين النشاشيبي العام 1924 في مدينة القدس، تلقى تعليمه في مدرسة المطران ثم أنتقل إلى مدرسة الرشيدية، ثم إلى بيروت حيث حصل على شهادتي البكالوريوس والماجستير في جامعتها «العلوم السياسية» و«الادب العربي»، تلقى تعليمه على أيدي خيرة الادباء اللبنانين. درس الحقوق في مدرسة الحقوق بالقدس لكنه لم ينهي دراسته بسبب حرب عام 1948، لكنه بعد الحرب أصبح يوزع نشاطاته بإلقاء المحاضرات ونشر الكتابات في جريدتي الدفاع وفلسطين، فكان مدافعا عن قضية بلده..يكتب باسم أجنبي مستعار لمدة ثلاث سنوات، مما أثار تساؤلا وقتها: «من هو هذا الانجليزي المناصر للعرب؟؟». ومنذ نعومة أظافره فان النشاشيبي يملك ثروة هائلة فهو ينتمي لعائلة مقدسية عريقة لها أملاك وعقارات عديدة، لكنه إراد أن يعمل ويحقق ذاته من خلال تعبه لا بالاعتماد على أموال والديه، وقد أتّبع في عمله تقاليد ما زال يلتزم بها حتى اليوم، ولا يحيد عنها دون أي اعتبار لأي التزام عائلي أو سياسي. وفي لقاء مع الأستاذ ناصر الدين النشاشيبي، تحدث عن حياته مع السياسة والأدب، وعن أسفاره وتنقلاته في العواصم العالمية واجتماعاته مع زعماء دول العالم ولقاءاته بفنانين وأدباء عرب وأجانب.. النشاشيبي والصحافة.. تنقل النشاشيبي في كل الدول العربية وعمل في مختلف الصحف العربية في كل عاصمة عربية وقد ظهرت له المقالات الافتتاحية في صحف لبنان والعراق وفلسطين «صحفية الحياة الجديدة» كما عمل رئيس لتحرير جريدة الجمهورية المصرية اضافة إلى انفراده بكتابة صفحة كاملة صباح كل خميس في الجريدة، ويقول: «اثارت كتاباتي في الصحف العربية معارك صحفية، وكانت اغلى هدية لي عند بيع اعداد كبيرة من الصحف لقراءة مقالي»، ويضيف: «ليس هناك احلى من صحافة بلدي وليس هناك أشهى من كتاب بلدي». استطاع الاستاذ النشاشيبي أن يهدي المكتبة العربية أكثر من خمسين كتابا في السياسة والادب والتراجم والرحلات من القدس إلى الصين إلى اليابان والهند وباكستان، وقد أنضم إلى المكاتب العربية بتوجيه من الجامعة العربية، وأضاف: «كان معنا مجموعة من الشباب الفلسطينيين وكنا نستقبل اكبر شخصيات العالم من يهود وانجليز بها». أما أول كتاب ألفه الاستاذ النشاشيبي فكان عنوانه «الشباب المحموم بالخرطوم»، أما آخر كتاب ألفه حتى الآن فهو بعنوان «كلام يجر كلاما» وذلك عام 2007. وعن صحافة اليوم..فيقول عنها النشاشيبي بشكل صريح: «انهم يخلطون الحابل بالنابل يعرضون الاخبار باسلوب بدائي «هزيل جدا».. اشعر بالضيق عند قرائتي للصحف اليوم، وأضاف: «الصحافة ليست مجرد الحصول على خبر..الصحافة هي الفن في بسط وتقديم الخبر، واختيار الصحافة الملائمة للخبر واعطاء القراءة الصورة المطلوبة، انا لا اهاجم احدا واقدر الصحافة في بلدي وأنا اعلم ما هو الدور الذي تستطيع أن تلعبه الصحافة، أما الصحفي الناجح فهو الصحفي الحيادي واذا فقدت الحيادية فقدت القوة». النشاشيبي والمشاهير.. كان حريصا على مقابلة اكبر عدد من الزعماء العرب..وعاش سنوات طويلة من عمره كرئيس تحرير جريدة الثورة المصرية، حيث استطاع ان يجتمع مع رؤساء وقادة وزعماء واصبح النشاشيبي صديقا شخصيا لرجالات ومشاهير كبار. يقول الاستاذ النشاشيبي: «كنت فخورا بعلاقتي برجالات العرب وعلى رأسهم نوري السعيد «صانع الوزراء» العراقي، ورياض الصلح بطل الاستقلال اللبناني»، حيث يعتبر أن وفاته من أكبر الخسائر للعرب، يذكر ان الصلح كان والد زوجته. أما علاقته بالرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر فيعتبرها النشاشيبي لا مثيل لها، حيث يقول: «لم أرشح نفسي لاي منصب، فقد كان يعرض علي الكثير وبترشيح منه وافقت على أن اكون سفيرا متجولا لجامعة الدول العربية». وبين الزعيمين نوري السعيد وعبد الناصر يقول الاستاذ النشاشيبي: لم أحاول أن أدخل المعارك الصحفية ضد رجل العراق نوري السعيد المعروف بعداءه الشديد لمصر وعبد الناصر». ويضيف :»صداقتي بالملك حسين رحمه الله منعتني من خدش الصداقة من قريب أو بعيد، وهذا ينطبق على الكثير من زعماء ورجالات العرب علاقتي جيدة بالمرحوم الحاج امين الحسيني وكلني حين كنت بالقاهرة بأن اسافر إلى أعضاء الهيئة العليا وأدعو لمقاطعة اللجنة الدولية لانه يطغى عليه الطابع الصهيوني وذلك يدل على مدى الثقة التي كان منحها لي. ولم تقتصر لقاءاته على السياسيين فقد سنحت له فرصة اللقاء بالفنانة فاتن حمامة، والموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب والممثلة لبنى عبد العزيز وغيرهم الكثير. ويُذكر أن النشاشيبي يحمل جواز سفر عراقي ولبناني وسوداني. النشاشيبي والقدس.. لمدينة القدس مكانة خاصة لدى النشاشيبي، فرغم تجواله في مختلف عواصم العالم إلا أنه يقول عنها :»انا لم اغادر القدس يوما الا لأعود اليها واسكن في أروقتها..لم أودع يوما بلدي إلاّ وفي نفسي قرار بأن أعود وكنت دائما التزم بذلك..فعندي حب كبير لها». وأضاف: «القدس هبة تتمناها كل دول العالم لكي تفتخر بعد الفوز كعاصمة للثقافة العربية، فأي قيمة لعمّان والقاهرة وبغداد دون القدس..من حكمها يحكم الوطن العربي كله، فتاريخ المنطقة كلها محصور بالقدس». وقال بلهجة شاعرية: «نحن لك يا قدس وسنبقى لك ولن ننسى التصاقنا بك ولا محباتنا لك لانك المدينة التي اختارها الله مسرى..يا قدس نعتذر عن تقصيرنا وعن بعض جحودنا عن تأخرنا..انتي الغالية وستبقين كذلك». وبحكم معايشته للكثير من الاحداث التاريخية العربية والعالمية يقول ناصرالدين النشاشيبي بأن التاريخ سيعيد نفسه، حيث سيرحل أهالي الداخل الفلسطيني من مدنهم وقراهم، مضيفا: «تاريخ القدس يجب أن يكتب بالدم ليكون مستقبلها مضيء ومشع..فندعو الى النضال والكفاح لا المفاوضات والاتفاقيات». وحول رؤيته للدولة الفلسطينية قال الاستاذ النشاشيبي: «ليس المهم ان تاتي الدولة الفلسطينية المهم ان تعيش ويكون لها سيادة ولا تكون بحاجة الى معونات و(الشحذة) واذا ستكون كذلك من الافضل ان لا تأتي». التقته في القدس/ ميسة أبو غزالة القدس.. عين السؤال عبد السلام العطاري قاب قوسين ومحبة وعتاب تقفل القدس حكايتها للعام 2009 كعاصمة للثقافة العربية، والواقع لم يكن بحجم الآمال التي رُبطت وعقدت عليها الآمال الأهل من المحيط إلى الخليج ولم يرتقِِ حتى التهليل والنشيد إلى حجم صرخاتها منذ أن نالها النهش وخرّ بها سوس الأغراب ونعقت على سفوحها غربان الخراب . النشيد الصادح هنا وهناك كان يذوب في قيعان غائرة بلا قرار ولم يصّاعد إلى حفاف المُتمنى من الأمل المرجو بإدنى صوره التي لم تعكس سوى صورة ضباب يرمي برماد دون طلل أو بلل على تيجان أزهار كان يملؤها الأمل بان تتفتح في ضحاها اللامع على ذهب تعب من التغنّي به. النشيد اللافح من حناجر تَرِدُ على ايقاع نشيجها وحزنها وفرحها، هذا النسيج العائم المالح العالق على أسوارها التاريخ ولا غير الحمام الباكي هديلاً، ولا غير همسات وتضرّعات عجائز حواريها القديمة بقيت وحدها تَرِدً عين الدعاء وعين الرجاء والعمر يهرول على شطآن الامال المفقودة، والخيابات خسارة دائمة بحقها.... تقول... لا شيء بعد... وما زلنا ننتظر ما كان من عهود ووعود ملأت الأسماع، والآذان باتت لا تقدر على حمل ما كان يرد قناة (استاكيوس).. حتى جفّت من دفق ناشف كريح شرقية تغتصب طراوة الأرض وتمتص رحيق السنابل وتعض على سقان عارية من عباءة الدفء وجمرة النار التي تخبو كلما قارب القلب على حرارة الدفق. يقول... الحروف العاجزة عن حمل الكلام... شيخ يصّاعد بحلمه كي يرى القدس طليقة الجناح، فرحة بسيل الكلام الجارف ليليه سيل النهر العذب حين ينحت مجراها بين صخور صلّدة ما كلّ من تفتيتها حتى يروي ظمأ الإنتظار... فلا بأس يا أيها المشتعل بمنارة الشيب التي تضيء الأمل في عتمة ليلها الطويل لربتما العقود تفك عقدة السؤال والجواب ربما العالق على كتف الأفق ولعل غيمة تعود به ذات شتاء وتهطل به على قبتها وتغسل أبراج الحمام لتنام بسلام... بعد سنوات... وسنوات عجاف. رَصفُ القدس القديمةَ فاطمة عبيدات /القدس ضجيج اليومِ مختلفُ اللبِّ، يأخذُ الوقتَ نحو المجهولِ الغريب.. فتُراكَ تلثمُ اللحظات كي تتسابقَ في مسارِ خطاها... يومٌ في ديجورِ الحجارةِ الصامتة.. حجارةٌ كرصفِ سلسلةٍ تُزينُ صدرَ السماءِ الوردية.. ولا ينسى (المنسيُّ من متنِ الكتابِ)، بوتقةَ عشقهِ في رحابِ أتربةِ الزمان.. رويداً رويداً، وترانيمُ الألحانِ من هاتفي أخذت بالزغاريدِ في دفءِ حقيبتي، فبتُّ نحوَ الوجهةِ التي أردتُ لذاتي أن أمتطيها... ظلالُ روحٍ تتسربلُ مع الشجنِ إلى شقوقِ التاريخ.. هكذا جاءَ وفيه رفولهِ رخامةٌ تلفُ الزوايا...وكأنما في حضرةِ المجهولِ أسمحُ للمكانِ بمراقصةِ أطرافِ جسدي، كميلِ الثوبِ فوقَ خاصرةِ البوادي... جاءَ والجيوبُ تبتلعُ كفيهِ في غمرهِ غوصٍ برحمِ الطمأنينة.. هالةٌ تجوبُ وريقاتِ الشجرْ، وتنهمر فوقَ وقوفنا، كليلِ القدسِ يطلُ من جبينِ الغيمِ خجلاً وَرِعَا... حرفٌ يداعبُ حرفاً ويرتحل مع جموحِ الفكرةِ ويختبئُ بهدوءٍ سلس.... والقدسُ في حضرة الكونِ تجتذب خِصالَ حرائرها في ذواتنا... نسيرُ فيها وموجُ البحرِ يتقاذفُ الأزمنة برونقٍ عجيب... أحاديثُ القومِ وسلسبيل مطافهم، تترائى في الأفق أمام مآقِ أعيُننا... وتسألني القدسُ في لحظةٍ متسارعةٍ ما بينَ الأرضِ والفضاء؟!!... هناكَ موكبٌ يزفُّ أجيجَ إبتساماتي، ألا ألقاكِ خيلاً في مبتهلِ نقشِ الجموحِ والصهيل؟!... فجائني صوتهُ من على يميني، يباعدُ أضرحةَ الهواءَ ويشقُ الفراغَ نحوَ إصاخةِ السمْعِ، وكأنما يا فاطمة جموحُ القدسِ في جعبةِ روحكِ يتمشقُ الذكرى ويتنهد... فما كانَ من إطلالةِ وجهي إلّا أن تأخذَ زاويةً نحوَ مضيقِ مشرقها ومغربها... خطانا تتخابطُ هنيهةً، تنحو بنا كَسِرْبِ الأحداثِ القابعةِ بينَ رموشِ الإزدواجيّةِ الغريبة... أطرقنا نسيرُ ولا ندري؟!، نسيرُ علَّ المسيرَ يغسلُ القَسَمات من ظلامٍ أطاحَ بها... وأثناءَ المرورِ من جادةٍ تقرعُ بوابةَ الجوعِ بوجلٍ مَهيب... بادرني حينها؟!... أيحقُ لرسمِ حبيباتِ الفولِ والحمص أن تحتلَ مكانها في دفينِ الألم... أجبتهُ: كيفَ لا؟، ووجهُ الزيتِ فوقَ حناءِ الولادةِ يُجددُ الإنتماءَ فينا، هَلمَ بنا.... فالجنونُ عارٍ بخلافِ أكذوبة الأجسادِ التي تُلقى فوقَ وضوحِ عُزلتها، وعُريها الآفَ الأقمشة... جنونٌ يلقاهُ جنون، والنهايةُ تحتَ إطلالةِ (الجديدِ) تتقدم... تسوقُ القافلةَ إلى مخدعها الأخير... بينَ إخضرارِ العشبُ وتمشقِ السورِ لعبثيةِ هاماتنا،، تلاقينا في خضمِ وداعنا نحو اللقاءِ القريبِ الحاضر....