حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي سوف يتعرّض «سي أحمد بن صالح»، وبصفته النقابية، إلى امتحان جديد، سيكون بورقيبة هو اللاعب الأساسي فيه.. الأستاذ أحمد بن صالح، كاتب عام الاتحاد العام التونسي للشغل، والذي قدّم بعنوان المركزية النقابية مجسّدة في الاتحاد العام التونسي للشغل، التقرير الاقتصادي والاجتماعي الذي أنجزه الاتحاد، إلى مؤتمر الحزب الحر الدستوري في 1955، قدّمه كذلك إلى مؤتمر الاتحاد سنة 1956.. يقول «سي أحمد بن صالح»: «كما ذكرت آنفا، وبمناسبة الحديث عن مؤتمر الحزب آخر 1955، احتوى البرنامج، الذي أنجزناه بالاستعانة بخبراء في مجالات التربية والتعليم والاقتصاد والاجتماعيات، احتوى تحليلا للمجتمع التونسي، بحيث جاء التقرير منصّصا بالبحث والاقتراح لخمس نقاط: أولا: تصفية الاستعمار. ثانيا: الرفع من شأن الإنسان التونسي. ثالثا: إصلاح الهياكل، وهنا لا يهمّ الاصلاح هياكل الدولة فقط، بل كذلك العقلية. رابعا: التنمية انطلاقا من الجهات (أي أن كلّ جهة تتصرّف في السبيل الذي يؤمن خطتها). خامسا وأخيرا: قبول طريقة أو مبدإ التخطيط، أو التصميم كما كنّا نطلق على هذا الأمر، ويكون التخطيط هنا عقلانيا. كل هذه النقاط، التي تمحور حولها البرنامج تحولت إلى برنامج عشرية، أي مخطط رباعي أوّل وثان وافق عليه في الإبان مجلس النواب. كان هذا التصميم (التخطيط) يقتضي خروج المسؤولين إلى الجهات، وأذكر أنه في مقدمة البرنامج كتبت بأن الفترة الانتقالية تقتضي وجوب تحرّر الجزائر». وهنا، وبعد أن قبل مؤتمر الاتحاد البرنامج، حدث أن أصبح بورقيبة الذي دعم البرنامج في 1955 في مؤتمر الحزب بشدّة، أصبح إذن معاديا لهذا البرنامج، إذ يضيف «سي أحمد»: «بعد إمضاء اتفاقية الاستقلال في 20 مارس 1956، تكوّنت حكومة برئاسة بورقيبة وكنت كاتبا عاما للاتحاد، وقد عيّن بورقيبة في حكومته تلك أربعة مسؤولين من الاتحاد، وقد ناداني لكي أنضم إلى الحكومة، فقلت له: عندي مهام يا سي الحبيب.. فأنا كاتب عام للاتحاد، ونائب أول لرئيس المجلس التأسيسي، فقال لي: «أريد أن أعطيك Les affaire sociales فقلت له يا سي الحبيب: Les affaires موجودة أما l‘économie فمازالت بعد.. وفي آخر سبتمبر 1956، كان مؤتمر الاتحاد الذي انتخبت على اثره كاتبا عاما من جديد، ولكن بعد أسابيع، من الحدث، صادف أن سافرت في مهمة مغاربية نقابية، إلى المغرب الأقصى، وكنت في ضيافة الملك محمد الخامس، تمت إقالتي في غيابي، من مهامّي بالاتحاد، وكان هذا الاجراء، قد اتخذه المكتب التنفيذي». قلت ل«سي أحمد» مقاطعة: هل سبق هذا الاجراء، مقدمات أو مؤشرات على مثل هذا الحدث؟ فقال: «قبل مؤتمر الاتحاد سنة 1956، وقع ما يمكن أن نقول عنه بالاختلاف، أو الانشقاق.. بحيث عرف المشهد النقابي تكوين «الاتحاد التونسي للشغل»، وقد جاء بورقيبة بنفسه إلى تونس العاصمة وأعطى المفتاح لمقرّ بنهج اليونان.. لكن التصدّع لم يحدث والانقسام فشل.. لم أكن راضيا على هذا الاجراء، وقد طلبت شخصيا بعد أن تحادثت معهما، من أحمد التليلي الكاتب العام المساعد للاتحاد، وعبد اللّه فرحات عضو المكتب التنفيذي المكلّف بالمالية، أن يذهبا إلى بورقيبة ويطلبا منه عدم شقّ النقابة (الاتحاد العام التونسي للشغل) وأن أحمد بن صالح (المتحدث) مستعدّ للانسحاب»..