قام الاسلام على العلم ودعا كل مؤمن الى التعلم، ونوه بالعلم والتعليم تنويها ما نجد مثيلا له في غيره من الاديان السماوية، اذ ربط بين النجاح في الدنيا والفوز في الآخرة بالعلم.. جاء عن الامام الشافعي رحمه ا& قوله من أراد الدنيا عليه بالعلم ومن أراد الآخرة عليه بالعلم ومن أرادهما معا اي الدنيا والآخرة فعليه بالعلم. فمن الحقائق التي يجمع ويجتمع عليها العالم كله من مسلمين وغير مسلمين انه لا تفكير ولا خلق ولا ابداع ولا انجاز ولا تقدم ولا حضارة الا بالعلم، والدين الاسلامي الحنيف يعتبر أكبر داع للعلم واكبر نصير للعلم، فقد حرك الهمم وفتح البصائر على مكانة العلم ونوّه ونبّه على دوره في حسن اسلام المسلم وعلى دور العلم في الاستقامة وتحقيق الامن والأمانة والاستقرار والازدهار، فلا يوجد عاقل في هذا الكون ولا مصلح عرفته الدنيا منذ القدم الا ويعتبر ان العلم منطلقا وعمودا فقريا لكل تقدم ولكل ازدهار ولكل رقي يحققه الانسان على وجه هذه البسيطة، ولهذا كان لكل الحضارات القديمة والحديثة التي تعاقبت على هذه الارض إكبار للعلم وسعي كبير لنشره ودعمه واستخدامه في شتى مجالات الحياة وقد سجلت لنا آثار الغابرين نماذج عظيمة وأمثلة رائعة من ذلك الاهتمام بالعلم فكان للحرف المكانة السامية وللكتاب القيمة البالغة وللمفكر والمعلم المحل والمكانة العالية والرفيعة في النفوس. يقول جلّ شأنه في محكم التنزيل {شهد ا& أنه لا إله الا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط} الآية 18 من سورة آل عمران، الحق سبحانه وتعالى بدأ بنفسه ثم ثنى بالملائكة ثم ثلث بأهل العلم وما ذلك الا تشريفا وتفضيلا لأهل العلم. ويقول في آية أخرى جلّ شأنه {يرفع ا& الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} الآية 11 من سورة المجادلة ويقول الحبيب المصطفى ے في ما يرويه الدارمي عن الحسن رضي ا& عنهما ان النبي ے قال: «من جاءه الموت وهو يطلب العلم ليحيي به الاسلام فبينه وبين النبيين درجة» في حديث آخر: يشفع يوم القيامة ثلاثة، الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء». وغير ذلك من الآيات الكثيرة من كتاب ا& العزيز الحاثة على طلب العلم، وكذلك الاحاديث النبوية الشريفة على صاحبها افضل الصلاة وأزكى التسليم، وهذا يتعلق بكل علم نافع ويشمل في ذلك العلوم الدينية، التفقه في الدين وغيرها من العلوم التي يحتاجها الانسان، بل انها عدت من فروض العين، حيث يقول معلم البشرية ے : «من سلك طريقا يلتمس به علما سهّل ا& له طريقا الى الجنّة»، فالعلم هنا نكرة اي ان ينطبق على كل علم ينتفع به الانسان وينفع به أمته ودينه ومجتمعه، فنحن بحاجة الى الطبيب الحاذق المسلم وبحاجة الى المهندس البارع المسلم، وبحاجة الى الاطار المسلم الكفء في كل المجالات،وقد ضربت بلادنا أمثلة رائعة في هذا المجال مجال تخريج الاطارات العليا بما تحقق من أطر سامية في كل المجالات ومن الجنسين، وهو ما جعل من هذه الرقعة الصغيرة من أرض ا& الواسعة على الرغم من قلة امكانياتها تسجل فائضا كبيرا في مختلف الاطارات وهو ما لم يتحقق لأية أمة. أحبتي في ا&، علينا ان نتقي ا& في أبنائنا، فلا شيء أغلى منهم، لا شيء يعدلهم، إن أبناءنا مفخرة ويا لها من مفخرة واعتزاز ويا له من اعتزاز ونعمة من نعم ا& العظيمة، نعمة كبرى ان نرى من أبنائنا الطبيب والمهندس والمحامي والقاضي والمحاضر في الجامعات، نعمة ان نرى من أبنائنا الأطر العليا التي كنا لا نراها الا عند غيرنا من غير المسلمين، وها نحن نرى هذا الخير العميم في بلادنا ويتجاوز نفعه وصداه حدود بلادنا، فلكم ان تتصوروا كم من طبيب وطبيبة تونسية لحما ودما يعمل بكفاءة واقتدار خارج حدود بلادنا، كم من مهندس في مختلف المجالات يعمل خارج حدود بلادنا وربما في أعتى دول العالم، هل كنا نحلم بذلك يوما ما؟ عندما كان حظنا من التعلم الذهاب والتردد على كتاتيب تعليم القرآن لمن أسعفه الحظ بذلك، انها نعم ا& السابغات علينا، علينا ان نتدبرها وان نتصورها وان نحمد ا& عليها ملء أفواهنا وملء قلوبنا وملء مهجنا وملء صدورنا وملء أفئدتنا، انها النتائج الطيبة لسياسة تعليمية حكيمة في مجال العلم والتعلم، سياسة راهنت على العلم والتعلم. علينا ان نواكب أيها الاحبة في ا& أبناءنا في عودتهم المدرسية بما ينبغي ان نواكبهم فيه من حب واخلاص ودعاء بالتوفيق والنجاح، نجاح أبنائنا في رسالتهم ليس بالامر الهين علينا ان نبدأه من اليوم بمواكبتهم في عودتهم المدرسية والعناية والرعاية حتى نضمن نتائجهم الطيبة آخر السنة. يتبع بقلم : الشيخ محمد الرزقي الورتاني الإمام الخطيب لجامع الهداية بحي حشاد بمعتمدية بنزرت الجنوبية