الصحة العالمية.. استهلاك الملح بكثرة يقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    عُثِرَ عليه بالصدفة.. تطورات جديدة في قضية الرجل المفقود منذ حوالي 30 سنة بالجزائر    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    السلطات الاسبانية ترفض رسوّ سفينة تحمل أسلحة إلى الكيان الصهيوني    الديبلوماسي عبد الله العبيدي يعلق على تحفظ تونس خلال القمة العربية    يوميات المقاومة .. هجمات مكثفة كبّدت الاحتلال خسائر فادحة ...عمليات بطولية للمقاومة    فتحت ضدّه 3 أبحاث تحقيقية .. إيداع المحامي المهدي زقروبة... السجن    المنستير .. المؤبّد لقاتلة صديقها السابق خنقا    في ملتقى روسي بصالون الفلاحة بصفاقس ...عرض للقدرات الروسية في مجال الصناعات والمعدات الفلاحية    رفض وجود جمعيات مرتهنة لقوى خارجية ...قيس سعيّد : سيادة تونس خط أحمر    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    ارتفاع عجز الميزان الطاقي    دغفوس: متحوّر "فليرت" لا يمثل خطورة    العدل الدولية تنظر في إجراءات إضافية ضد إسرائيل بطلب من جنوب أفريقيا    تعزيز نسيج الشركات الصغرى والمتوسطة في مجال الطاقات المتجددة يساهم في تسريع تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي قبل موفى 2030    كاس تونس - تعيينات حكام مباريات الدور ثمن النهائي    الترفيع في عدد الجماهير المسموح لها بحضور مباراة الترجي والاهلي الى 34 الف مشجعا    جلسة بين وزير الرياضة ورئيس الهيئة التسييرية للنادي الإفريقي    فيفا يدرس السماح بإقامة مباريات البطولات المحلية في الخارج    إمضاء اتّفاقية تعبئة قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسسة بنكية محلية    وكالة (وات) في عرض "المتوسط" مع الحرس .. الموج هادر .. المهاجرون بالمئات .. و"الوضع تحت السيطرة" (ريبورتاج)    طقس الليلة    سوسة: الحكم بسجن 50 مهاجرا غير نظامي من افريقيا جنوب الصحراء مدة 8 اشهر نافذة    القيروان: إنقاذ طفل إثر سقوطه في بئر عمقها حوالي 18 مترا    تأمين الامتحانات الوطنية محور جلسة عمل بين وزارتي الداخليّة والتربية    كلمة وزير الخارجية التونسي نبيل عمار أمام القمة العربية    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    صفاقس: هدوء يسود معتمدية العامرة البارحة بعد إشتباكات بين مهاجرين غير نظاميين من دول جنوب الصحراء    وزارة الفلاحة توجه نداء هام الفلاحين..    "فيفا" يقترح فرض عقوبات إلزامية ضد العنصرية تشمل خسارة مباريات    جندوبة: وزير الفلاحة يُدشن مشروع تعلية سد بوهرتمة    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    هل سيقاطعون التونسيون أضحية العيد هذه السنة ؟    106 أيام توريد..مخزون تونس من العملة الصعبة    اليوم : انطلاق الاختبارات التطبيقية للدورة الرئيسية لتلاميذ الباكالوريا    سوسة: الإطاحة بوفاق إجرامي تعمّد التهجّم على مقهى بغاية السلب باستعمال أسلحة بيضاء    ناجي الجويني يكشف عن التركيبة الجديدة للإدارة الوطنية للتحكيم    المعهد الوطني للإحصاء: انخفاض نسبة البطالة إلى حدود 16,2 بالمائة    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    رئيس الجمهورية يبحث مع رئيس الحكومة سير العمل الحكومي    قيس سعيد يُؤكّد القبض على محام بتهمة المشاركة في وفاق إرهابي وتبييض أموال    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    محمد بوحوش يكتب...أدب الاعتراف؟    الخُطوط التُونسية في ليبيا تتكبد خسائر وتوقف رحلاتها.    بطولة اسبانيا : أتليتيكو يهزم خيتافي ويحسم التأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    إصدارات.. الإلحاد في الفكر العربي الإسلامي: نبش في تاريخية التكفير    زلزال بقوة 5.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    استشهاد 3 فلسطينيين بنيران جيش الاحتلال في الضفة الغربية    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بن علي لمجلة «أفريك ماغازين»: تونس اليوم، نموذج للنجاح
نشر في الشروق يوم 06 - 10 - 2009

نشرت المجلة الشهرية «افريك ماغازين» في عددها لشهر أكتوبر 2009 الحديث الذي خصها به الرئيس زين العابدين بن علي. وأبرز رئيس الدولة في هذا الحديث الذي أجراه السيد زياد الإمام المدير العام رئيس تحرير المجلة المكاسب الهامة التي حققتها تونس والتي جاءت ثمرة رؤية استشرافية وبرامج واصلاحات متتالية.
وأشار رئيس تحرير «افريك ماغازين» في تقديمه لهذا الحديث إلى ما عبّر عنه رئيس الدولة من اعتزاز وفخر بتوفقه إلى وضع تونس على درب التقدم. وهو ما اعتبره سيادته اهم انجاز حققه في حياته.
كما أبرز الكلمات التي ترددت باستمرار على لسان سيادة الرئيس خلال الحديث على غرار «العمل والبرنامج والوطنية والمتابعة» وتناول الحديث كذلك مواضيع مختلفة مثل الانجازات والنجاحات الاقتصادية والسياسية لتونس والمرأة والشباب والاستقرار بالاضافة إلى القضية الفلسطينية التي جعل منها رئيس الدولة قضيته الشخصية.
وفي ما يلي النص الكامل لهذا الحديث
ما هي حسب رأيكم أهم التغيرات العميقة والتحولات المجتمعية التي شهدتها تونس منذ ارتقائكم إلى الحكم ؟
ان مكاسب العشريتين الاخيرتين متعددة والتحولات عميقة وجذرية. فمن بلد على حافة الافلاس والفوضى سنة 1987 أضحت تونس اليوم نموذجا للنجاح. انها اليوم بلد التنمية المتضامنة والحرية وتساوي الحظوظ بين كافة المواطنين بلد يطيب فيه العيش.
ففي ظرف عشريتين من الزمن ارتقت تونس إلى مرتبة البلد الصاعد. والاقتصاد التونسي يحتل اليوم المركز الاول في افريقيا من حيث القدرة التنافسية ويعتبر من بين الاقتصاديات الاربعين الاوائل في العالم وفقا لمنتدى دافوس الاقتصادي العالمي.
والساحة السياسية التي كانت سابقا ذات لون واحد أضحت ساحة تعددية. ومختلف الاصلاحات التي بادرنا بها قد رسخت مؤسسات دولة القانون وكرست بذلك الحكم الرشيد ومناخا من الاستقرار والسلم المدنية. والاجيال الجديدة التي ارتقت إلى المدرسة والى الحياة النشيطة بعد تغيير 1987 تتميز بحيويتها وطموحها. وبفضل الانجازات المحققة في مختلف الميادين تعيش هذه الاجيال اليوم صلب مجتمع يحفز على المبادرة والابتكار.
كما أن هذه الاجيال الجديدة منفتحة وتتميز بالحيوية ويبرهن تحكمها في العلوم والتكنولوجيات الجديدة للاتصال بصورة جلية على التطور المشهود لبلادنا على طريق بناء مجتمع المعرفة واقتصاد الذكاء. ونحن نفخر بالخصوص بنموذج المجتمع المتضامن الذي توفقنا إلى بنائه والذي مكننا من تأمين استفادة كل شرائح شعبنا وكل جهات البلاد من ثمار النمو الاقتصادي بالتوازي مع ترسيخ ثقافة المبادرة الحرة والجهد والبذل الضروريان لتحقيق الازدهار الفردي.
كما عملنا على دعم بروز مجتمع سياسي تعددي ومجتمع مدني متشبع بالقيم الديمقراطية وبروح المواطنة. فتونس تعتبر اليوم مجتمعا مزدهرا يملك 80 بالمائة من مواطنيه مساكنهم ويتمتعون بنفس الحقوق والفرص دون تمييز على أساس الجنس أو الجهة. تلك جميعها ضمانات تتيح لبلادنا أن تواصل بثقة مسيرتها نحو التقدم ورفع تحديات المستقبل.
تتوالى المراتب الجيدة التي تحوزها تونس في التصنيفات الدولية. كيف تفسرون هذا النجاح الاقتصادي وهل هناك خصوصية تونسية ؟
يسجل الاقتصاد التونسي مثلما أشرتم إلى ذلك عن حق نتائج بارزة مكنته من حيازة تقييمات ايجابية في تقارير المؤسسات الدولية ومختلف الاجهزة العالمية المتخصصة. فكل المؤشرات تبرهن على الحصيلة الايجابية التي سجلتها بلادنا نمو اقتصادى متواصل منذ سنة 1988 بنسبة تناهز 5 بالمائة كمعدل سنوي دخل فردي تضاعف أكثر من أربع مرات ليبلغ اليوم 5 آلاف دينار وقاعدة اقتصادية متنوعة مع نسبة نمو هامة للقطاعات ذات القيمة التكنولوجية العالية على غرار الصناعات الميكانيكية والمعلوماتية والالكترونية وصناعة مكونات الطائرات.
وتحتل تونس اليوم المرتبة الاولى في افريقيا في ما يتعلق بالقدرة التنافسية لاقتصادها مثلما يشهد على ذلك التصنيف الاخير الصادر عن منتدى دافوس الاقتصادي العالمي. كما أن تونس التي تتميّز بطبقة وسطى تضم ثلاثة أرباع السكان وبنسبة تمدرس للاطفال قدرها 99 بالمائة ومؤمل حياة عند الولادة ب 74 سنة وبنسبة فقر تم النزول بها إلى حدود 3،8 بالمائة من السكان تعتبر أول بلد في العالم العربي من حيث جودة الحياة وفقا لتصنيف منظمة انترناشيونال ليفينغ. كما تعتبر تونس البلد الاكثر أمانا في القارة الافريقية حسب التقرير الاخير لمؤسسة غلوبال بيس أندكس.
وهذه الحصيلة الايجابية جدا يعود الفضل فيها إلى الاصلاحات التي قمنا بها بصورة متواصلة من أجل تعصير أدوات الانتاج وتحرير الاقتصاد وتحسين محيط الاعمال وكذلك بفضل حيوية مؤسساتنا وذكاء شعبنا وقدرته على البذل والتضحية.
وعلى الرغم من ذلك فإننا لا نكتفي بهذه المكاسب على ما تكتسيه من أهمية ونحن نعمل على تنميتها رغم الظرفية العالمية غير المواتية الموسومة بالازمة الاقتصادية والمالية والتي تؤثر على أسواقنا التصديرية التقليدية اضافة إلى انعكاساتها على مجمل بلدان المعمورة التي تأثرت بدرجات مختلفة بهذه الازمة. و قد بادرنا منذ بداية هذه الازمة إلى اقرار جملة من الاجراءات من أجل الحد من انعكاساتها على اقتصادنا ومن أجل الاستفادة منها ومن فرص النمو التي تتيحها. وذلك هو الذي مكننا من الحفاظ على نسق نمو صلب ومواصلة انجاز المشاريع التنموية المبرمجة.
وبطبيعة الحال نظل يقظين ازاء تطور الازمة العالمية ونتطلع طبعا إلى أن تنتهي بسرعة ويتم ايجاد العلاج الملائم لعدم استقرار سوق الطاقة الدولية حتى يتيسر لنا سريعا الاستفادة من مجمل دعامات مسيرتنا التنموية.
تعاني تونس من صورة مشوهة في مجال حقوق الانسان. ما هو ردكم على ما يوجه إلى تونس من انتقادات ؟
إن هذه الصورة التي يحاول البعض أن يروجها لا تتوافق مع الواقع. وقد يكون الوقت قد حان بالنسبة لاولئك كي يكفوا عن النظر إلى الواقع التونسي من خلال أفكار مسبقة لا أساس لها من الصحة.
ان تونس بلد يمثل فيه احترام حقوق الانسان واقعا ملموسا ويعد التوسيع المستمر لمجالها معطى ثابتا لا يقبل الدحض مثلما تشهد بذلك المؤسسات المتخصصة للامم المتحدة والمراقبون الموضوعيون. وعلى سبيل المثال الفت انتباهك إلى استخلاصات الجهاز الاممي المتخصص في المجال أي مجلس حقوق الانسان الذي هنأ تونس بالمكاسب العديدة المحققة في ميدان حقوق الانسان.
كما أود أن الاحظ أن تشريعنا في مجال حماية الحقوق الانسانية والنهوض بها يتوافق مع المعاهدات الدولية ويذهب أبعد منها في بعض الحالات.
وسواء تعلق الامر بحقوق الطفل أو حقوق الاشخاص المعوقين أو حقوق المرأة والحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية فان تونس تتمتع اليوم بصرح عتيد في المجال نعمل على تعزيزه من سنة إلى أخرى من خلال ادخال الاصلاحات الضرورية.
وبالفعل فقد اخترنا انتهاج تمش متدرج وشامل لتعزيز حقوق الانسان بصورة تكفل النهوض بمجمل هذه الحقوق سياسية كانت أو اقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية مع السهر على تحصين بلادنا ازاء محاذير ومخاطر التراجع.
وان ايماننا لعميق بأن حقوق الانسان كل لا يتجزأ. وعلى هذا الصعيد فان ارادتنا ثابتة صلبة في مجال الالتزام بحماية حقوق الانسان والنهوض بمجمل هذه الحقوق.
أنتم مرشحون خلال انتخابات أكتوبر القادم إلى مدة رئاسية خامسة. ما هي الدعامة الاساسية لحملتكم وما هي أولوياتكم بالنسبة للفترة الرئاسية الجديدة ان تمت اعادة انتخابكم والبعض من معارضيكم ينتقدون مدتكم الرئاسية الخامسة. فما هو ردكم ؟
الانتخابات الرئاسية تمثل دوما محطة بارزة في الحياة السياسية لاي بلد اختار النظام الرئاسي. وفي ما يتعلق بي أود قبل كل شيء أن أعبر عن عميق اعتزازي بالثقة الكبيرة التي أبداها أغلب مواطني ازاء شخصي باختياري مرشحا إلى الانتخابات الرئاسية. اني أدرك أبعاد هذا الاختيار مثلما أدرك المسؤوليات الجسام المترتبة عنه.غير أنني كلي ثقة في مواطني الذين أبدوا دوما التفافهم حول سياستنا وشكلوا الضمانة لنجاحها.
أما في ما يتعلق بالحملة الانتخابية أود أن أقول لكم أنه لم يتم بعد افتتاحها. غير أنه يمكنني أن أؤكد لكم أننا سنراهن مجددا على ذكاء ووفاء شعبنا لسياستنا التي مكنتنا من تحقيق انجازات كبرى في ظرف زمني وجيز. ونحن نعتزم السير قدما على هذا الطريق طريق التنمية المتضامنة والارتقاء بتونس إلى مستويات أعلى في اطار برنامج واسع سنعرضه على مواطنينا خلال الحملة الانتخابية.
وإذا جدد الشعب التونسي الذي يعد وحده صاحب السيادة ثقته فينا في أعقاب الانتخابات المقبلة فانه سيكون من واجبنا اثراء المكاسب التي تمت مراكمتها خلال العشريتين الماضيتين والتقدم بعزم نحو الهدف الذي رسمناه لانفسنا الا وهو اعداد تونس للارتقاء سريعا إلى مرتبة البلد المتقدم. واليوم وقد وضعنا البلاد على سكة النمو والتقدم فاننا ننوي اعطاء دفع نوعي لمجهود التنمية يتيح خلق مزيد الثروات ويسهم في ايجاد عدد أكبر من مواطن الشغل لشبابنا سيما من حاملي شهائد التعليم العالي. كما نعتزم أن نقتحم ببلادنا طورا ديمقراطيا جديدا أكثر تقدما.
ان برنامجنا سيهيء وفقا لآجال مضبوطة ومواعيد مدققة الطريق التي يتعين انتهاجها من أجل تعزيز مكاسبنا على صعيد التواصل وتسريع تقدم بلادنا باتجاه مستوى تنمية أعلى مع أخذ المحيط العالمي بكل أبعاده بعين الاعتبار. انه ليس لنا من طموح سوى خدمة شعبنا ولن نبخل بأي تضحية أيا كان حجمها من أجل الاستجابة لتطلعاته.
ونحن دوما على اعتقادنا بأنه في ظل الديمقراطية فان ارادة الشعب المعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع هي التي تستحق الاعتبار وتعلو على أي اعتبار اخر. ومع ذلك فاننا نقبل بصدر رحب النقد الموضوعي الذي يمكن أن يساهم في تحقيق التقدم المطلوب.
ازاء الاجماع شبه الكامل الذي يحيط ترشحكم ما الذي يمكن أن يفعله منافسوكم وهل تملك المعارضة كل الامكانيات لإسماع صوتها ولعب ورقتها ؟
اننا قبلنا الترشح إلى هذه الانتخابات استجابة إلى نداءات شعبنا. وأغتنم هذه الفرصة لاجدد التعبير عن امتناني للشعب التونسي لهذه الثقة وهذا الدعم الثابت الذي مكننا من تحقيق هذا الحجم الهام من الانجازات لبلدنا. وعلى أية حال فان المهم يبقى في الاخير رأي الناخبين.
فأحزاب المعارضة تتمتع بكل الوسائل الضرورية كي تسمع صوتها وتستقطب أصوات الناخبين. كما يمكنها ابلاغ رؤاها ووجهات نظرها مباشرة إلى الناخبين أو بواسطة الصحافة. كما أن لها امكانية التثبت من سلامة الاقتراع في كل مراحله بدءا من التسجيل في القائمات الانتخابية وصولا إلى عمليات التصويت والفرز باعتبار أن ممثليها سيكونون حاضرين في مكاتب الاقتراع.
وكل المرشحين يملكون على قدم المساواة حق النفاذ إلى وسائل الاعلام العمومية. ولهذا الغرض عززنا استقلالية وصلاحيات المجلس الاعلى للاتصال من أجل ضمان احترام تساوي معاملة المترشحين وفقا لمقتضيات القانون.
وفضلا عن ذلك فان مرصدا وطنيا للانتخابات يسيره محام مرموق وعميد سابق سيسهر على سلامة الاقتراع وعلى حياد الادارة. وفي حال تسجيل طعن فان المرشحين لهم كامل الحق في رفع شكوى إلى المجلس الدستوري واللجوء إلى القضاء ان اقتضى الامر ذلك. كما أود أن أذكر بأن تونس مفتوحة أمام الملاحظين من البلدان الشقيقة والصديقة الذين يرغبون في المجيء إلى بلدنا بمناسبة هذه الانتخابات من أجل أن يطلعوا بأنفسهم على حيوية حياتنا السياسية ومصداقية نظامنا الانتخابي.
وقد اتخذنا كل الاجراءات الضرورية من أجل ضمان شفافية الانتخابات وتأمين ممارسة المواطن لحقه الانتخابي بكامل الحرية. ونحن واثقون في شعبنا وفي مختلف الاطراف المشاركة من أجل أن يكون اقتراع 25 أكتوبر 2009 محطة بارزة في المسار الديمقراطي وللتنافس النزيه.
يبدو أن الشباب قد أضحى يمثل مشغلا أساسيا بالنسبة اليكم. فقد تم النزول بالسن المؤهل للانتخاب إلى 18 سنة. كما كانت سنة 2008 سنة الحوار مع الشباب. لماذا هذا الاهتمام الخاص وكيف يمكنكم وصف هذا الجيل المسمى ب جيل بن علي ؟
كان الشباب على الدوام في قلب سياستنا ومحور عملنا. وعلى سبيل المثال أود أن أذكركم بأن التحويلات الاجتماعية التي تمثل سنويا حوالي 50 بالمائة من ميزانية الدولة يوجه القسط الاهم منها لفائدة الشباب في قطاعات التربية والتكوين والتشغيل والتكنولوجيات الحديثة للاتصال والرياضة والصحة. كما أن هذه الشريحة من المجتمع تستفيد مباشرة أو بصورة غير مباشرة بقسط يناهز 80 بالمائة من برامج التنمية في تونس.
وحرصنا دوما كذلك على الانصات للشباب. وفي هذا المضمار قمنا بتنظيم استشارات دورية مع الشباب تلتئم بصورة منتظمة منذ سنة 1996 من أجل التعرف على اراء ومقترحات شبابنا قبل اعداد المخططات الخماسية للتنمية. وقد أطلقنا العام الماضي استشارة موسعة شملت أكثر من 400 ألف شاب وأفضت إلى المصادقة على ميثاق شبابي وطني هو الاول من نوعه في افريقيا وفي العالم العربي. ولكم كانت سعادتي كبيرة لما علمت أن هذا الميثاق الذي سنعتمده في اعداد الاستراتيجية الوطنية للشباب بالنسبة للسنوات المقبلة قد تم بعد توقيعه من قبل أكثر من مليون شاب.
ونحن ما فتئنا نعمل على اعداد الارضية لشبابنا حتى نكفل له شروط المستقبل المشرق. وقد اتخذنا عديد الاجراءات من أجل أن نضمن له التربية والتكوين وكذلك ادماجه في الحياة النشيطة ومشاركته في الحياة السياسية. وعلى سبيل المثال فان النزول إلى 18 سنة بالسن المؤهلة للانتخاب ينتظر أن يمكن أكثر من 500 الف شاب اضافي من التصويت وبذلك الالتحاق بشبان اخرين يشاركون في الاقتراع لا فقط كناخبين وانما أيضا كمرشحين للانتخابات التشريعية. فقد تم النزول بالسن المؤهلة للانتخاب لعضوية مجلس النواب إلى 23 سنة. ان جيل بن علي كما تسمونه هو جيل متعلم مسكون بروح المبادرة. فهذا الجيل قد استفاد من ظروف ملائمة للمبادرة والتجديد وهو بذلك أكثر تطلبا وأكثر طموحا. أو ليس مستقبل البلاد هو مستقبل شبابها.
وكذلك فاننا سنواصل العمل والبذل خدمة لشبابنا الذى يعد مصدر فخر بالنسبة الينا وعامل تفاؤل بالنسبة إلى مستقبل تونس.
هل مازالت سياسة تحرير المرأة تمثل أولوية بالنسبة إلى حكومتكم ؟
ان النهوض بحقوق المرأة يمثل قطعا جزءا من مقاربتنا التحديثية التي ترمي إلى ارساء أسس مجتمع وجهته التقدم مجتمع محصن ازاء التيارات الظلامية الرجعية. ان رهاننا على المرأة هو خيار استراتيجي ينبع من ايماننا بأنه لا يمكن لاى مجتمع أن يحقق تقدما مستديما اذا كان نصف سكانه مهمشا. لاجل ذلك بادرنا عديد المرات بادخال تعديلات على مجلة الاحوال الشخصية الصادرة سنة 1956 وفتحنا افاقا جديدة أمام المرأة التونسية التي تعد اليوم مبعث فخرنا كرمز لحداثة البلاد. كل ذلك حتى نؤكد مدى اعتزازنا الخاص بالمكاسب التي حققتها بلادنا في هذا المجال.
ومن أجل اعطاء صورة عن المكانة التي تحتلها المرأة في تونس أود أن أورد الامثلة التالية الفتيات يمثلن 59 بالمائة من طلبة الجامعة والنساء يمثلن ربع السكان النشيطين وهن يحظين بتمثيل متنام صلب الهيئات المنتخبة اذ يمثلن 22 فاصل 7 بالمائة من النواب و27 بالمائة من المستشارين البلديين. وفي أعقاب الانتخابات التشريعية المقبلة ينتظر أن تحتل المرأة نسبة 30 بالمائة على الاقل من مقاعد مجلس النواب. ويؤكد كل ذلك مدى العزم الذي يحدونا على المضي دوما أبعد فأبعد على درب تعزيز حقوق المرأة التونسية.
هل تعتقدون أن سنة 2009 ستكون سنة السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين وبين العرب والاسرائيليين ؟
لقد جعلنا من القضية الفلسطينية ومن حق الشعب الفلسطيني المشروع في بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف قضيتنا الشخصية لانه بالنسبة الينا من غير المقبول أن تتواصل معاناة الشعب الفلسطيني من عديد مظاهر الحيف التي تطال حقوقه ومن الاعتداءات المتعددة في استخفاف بكل المواثيق الدولية. ان هذه الوضعية لا يمكن ولا يجب لها أن تستمر. وقد حان الوقت لوضع حد للمظالم وعمليات الاذلال المسلطة على الفلسطينيين من قبل المحتل الاسرائيلي.
وان تونس المتعلقة دوما بالسلام والأمن لكل شعوب المنطقة لن تدخر أي جهد من أجل ارساء سلم عادلة شاملة في منطقة الشرق الاوسط. وسنواصل اسهامنا في دعم كل المساعي الرامية إلى ايجاد حلول عادلة ودائمة للقضية الفلسطينية وللصراع العربي الاسرائيلي.
وأتوجه مجددا بالنداء للمجموعة الدولية عامة وإلى اللجنة الرباعية على وجه الخصوص حتى تكثف وتستحث جهودها من أجل توفير عوامل اطلاق مفاوضات جديدة ترتكز على احترام الشرعية الدولية وكي تحمل إسرائيل على وضع حدّ لأنشطتها الاستيطانية وممارساتها العدوانية.
وأعبر في هذا الصدد عن الارتياح للمبادرات الجديدة التي اتخذها الرئيس الامريكي باراك أوباما وأعبر عن الامل في أن تساعد هذه المبادرات بدعم من المجموعة الدولية ومن كافة الاطراف المؤثرة على خلق مناخ جديد ملائم لتسوية سلمية لمشاكل المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.