انطلقت صباح أمس بمقر اتحاد إذاعات الدول العربية بالعاصمة أشغال الندوة العربية حول الاعلام الشبابي بمشاركة مجموعة من ممثلي وسائل الاعلام العربية وممثلي وزارات الشباب. وتتواصل أشغال هذه الندوة التي تنظمها وزارة الشباب بالتعاون مع جامعة الدول العربية إلى غاية الخميس 8 أكتوبر. وأكد السيد سمير العبيدي وزير الشباب في كلمته الافتتاحية أن موضوع الندوة هام وجدّي للبحث عن تجارب جديدة ووضع تصورات حول ما يمكن تقديمه عبر المنابر الاعلامية للشباب في ظل متغيرات كثيرة لعلّ أهمها تحوّل الشاب من مستهلك إلى منتج للاعلام عبر المدونات والمواقع الاجتماعية.. مشيرا إلى أنه موضوع الساعة إذ سبق وأن اهتم مجلس الشيوخ الفرنسي به منذ حوالي العام.. كما كان الاعلام والشباب حسب قوله محورا لدراسة أعدتها منظمة اليونسكو مؤخرا. أي اعلام ننتجه في ظل زيادة الانتاج الاعلامي الشخصي للشباب؟.. فالشباب اليوم ينتج باستخدام الجوال أو الكاميرا صورا وفيديو وينقلها إلى صفحاته الشخصية على المواقع الاجتماعية كما ينتج كتابات ومقالات وينشرها عبر مدوناته الخاصة. كيف إذن سنتطرّق للشباب في الاعلام وهو يعيش هذا المشهد الجديد؟ وكيف سنعدّل صورته النمطية وذلك بالأخذ بعين الاعتبار لخصوصيات أفراده؟ أسئلة طرحها الوزير مشيرا إلى أن المتغيرات الكثيرة التي يعيشها الشاب فرضت وجوب التطرق إلى مشاغل جديدة تهمّه تختلف عن المشاغل السابقة ومنها التكوين والتشغيل وخاصة الاستقلالية. وأبرز الوزير في كلمته التي لاقت اعجابا لدى الحضور أن الثورة الاتصالية لا تخلو من مخاطر لعلّ أهمها تهديد الهوية والانتماء.. وبالتالي الحاجة إلى اتصال جديد مع الشباب قد يسمح بعقلنة الزواج بين الخصوصيات.. الخصوصية الوطنية والأخرى الوافدة عبر المواقع الالكترونية. وبيّن سمير العبيدي أن المواقع الاجتماعية تضاعفت 3 آلاف مرة في 3 سنوات فقط وأبرزها موقع «فايسبوك» الذي لا أحد ينكر أهميته اليوم وهو الذي يضع حوالي 800 ألف مشترك تونسي حوالي 95٪ منهم شبابا حسب احصائيات هذا الأسبوع. تحصين الشباب.. كيف؟ توزعت أعمال الندوة على ثلاث ورشات. ورشة أولى حول إعلام متفاعل مع قضايا الشباب العربي ترأستها زهرة الغربي مديرة معهد الصحافة بتونس وورشة ثانية حول تطوير قنوات الاعلام الموجه للشباب العربي ترأسها إلياس بن مرزوق عضو المجلس الأعلى للاتصال وثالثة حول الاعلام الشبابي العربي في مواجهة العولمة الثقافية ترأسها صلاح الدين الدريدي المدير العام للاعلام. وذكر صلاح الدين الدريدي ل«الشروق» ان الشباب هجر وسائل الاعلام التقليدية وتوجه نحو إذاعات الواب وتلفزات الواب ونحو المواقع الاجتماعية والمدونات وبالتالي أصبحت له محامل جديدة تستقطب اليوم حوالي 700 ألف شاب تونسي. وأوضح ل«الشروق» أن الشاب أصبح ينتج لنفسه ويستهلك ما أنتجه وبالتالي لا بد من الأخذ بعين الاعتبار خصوصية هؤلاء والبحث عن اقامة علاقة تفاعلية بينهم وبين الاعلام لتحصينهم من المخاطر.. وذلك بالسماح للشاب بالتعبير عن نفسه حتى يكون المحور. كما قال إن «وسائل الاعلام التقليدية في تونس عليها مراعاة هذا التوجه من خلال تعبئة صحفييها الشباب لطرح اشكاليات الشباب نظرا للتقارب العمري بينهم». صعوبة في تجميع الرؤى قبل الندوة الحالية سبق لجامعة الدول العربية تنظيم ندوة أولى مماثلة في السعودية عام 2003 حول نفس الموضوع... ما الذي أثمرته؟ وما الذي اختلف بين الندوتين؟ وهل كانت هناك متابعة لما صدر عن الندوة الأولى؟ هذه الأسئلة وجهتها «الشروق» الى هاني مصطفى ممثل جامعة الدول العربية المكلف بالشباب والرياضة.. فقال إن الندوة الحالية تشتغل على ورشات فيها 3 محاور وبالتالي تعدد في المواضيع كما ان المؤتمر الحالي سيقودنا حسب قوله الى الاستعداد لسنة 2010 كسنة دولية، للشباب كما اقترح ذلك الرئيس التونسي. وأكد هاني مصطفى ردّا على سؤالنا حول مدى اختلاف الرؤى حول نوعية المواضيع التي يمكن طرحها للشباب عبر الاعلام مثل مواضيع الصحة الجنسية والمخدرات والكحول وغيرها ان تجميع الرؤى أحيانا يكون صعبا لأن التطبيق في الواقع ربما من المحاذير لكن ليس هناك عموما اي اشكاليات في تطبيق ما يصدر عن الندوة مشيرا الى ان مشاكل الشباب تتشابه بنسبة 80٪ في كل الدول العربية. أسلوب تواصل جديد من جهته قال جمال فايز السعيد رئيس قسم الأنشطة الثقافية في دولة قطر ل «الشروق» انه ليس هناك ما يعطّل العمل اذ المسألة ليست مسألة ملاحقة ومتابعة لما صدر من توصيات ولكن القضية عالقة بتطوّر هذه الثورة الاتصالية فمثلا الدردشة الالكترونية لم تطرح في الندوة الأولى لكنها اليوم تتحيّز على الحضور الالكتروني لنسبة هامة من الشباب وبالتالي أصبحت من الأولويات التي وجب طرحها... تماشيا مع التطوّر التكنولوجي السريع. كما بيّن ان عصر التوجيه والوصاية انتهى والدليل حسب قوله ان لفظ «يجب ان» لم يعد يرد في خطابات الساسة اذا تحدثوا عن الشباب وبالتالي أصبح هناك أسلوب جديد في تناول شواغل الشباب. بدوره بيّن إلياس بن مرزوق ل «الشروق» أنه وجب الاستعداد للحدّ من تأثيرات الثورة الاتصالية وذلك بتحصين الشباب من السلوكات السلبية ودعوته الى صناعة المحتوى وتأطيره. وأبرز ان تحسين طرق التواصل مع الشباب كانت من اهتمامات مجلس الاتصال في السنوات الأخيرة. وأوضح ردّا على سؤالنا حول ملامح المشهد الحالي للاعلام الشبابي في تونس ان المشهد في تطوّر وأنه من الضروري مواكبة التوجه الشبابي بطريقة ذكية تفاعلية ايجابية دون المس بالخصوصية.