«النار ولا عمّار» هكذا ردد الاجداد وكرر الاحفاد من باب القناعة الشعبية الراسخة بأن «في الهم ثمة ما تختار» فمن يكون عمار هذا الهم الذي يخيّرون النار عليه؟ أليس هو ذاك الذي يجعل من لسانه رباط عنق للسادة، وحبل باطل لقيد الضعيف؟ أم هو ذاك الذي ينتصب في كل ساحة قصعة بارابول لا وجهة لها سوى وجهة قنوات الزيف والضغائن والمكائد؟ أم هو ذاك الذي ينتصب عند الذروة في الأماكن العمومية رقما أخضر ليوزّع صوتا للإشاعات المغرضة والأكاذيب الباطلة مجانا؟ أم هو ذاك الذي ينتصب في كل محفل مسلخا لذبح الأمل والنوايا الحسنة وسلخ الأعراض وتقطيعها؟ أم هو ذاك الذي ينتصب في كل سوق تاجرا فوضويا حرّا يبيع بعْرات البعير وروث الحمير تمرا وزيتونا. ويدعو للشاري بالشفاء والصحة والعافية. ثم يشعل فيه «العافية» حتى إذا خمد لهيبها تحول الى «محماش» جهنم وأضرمها من جديد في القلب والنفس والخاطر؟ ألا يكون عمّارنا هذا هو ذاك الذي يمارس القفز بالزانة على حبل نشر الغسيل لكل مغسول من العقول بصابون النجاسة على يديه؟ فمن يكون عمار هذا؟ الرجاء ممن يعرفه أن لا يبلّغ عنه أهله وذويه. ولا أقرب مركز للأمن لأن شريحة عمار هذا لا أهل ولا خل ولا صاحب ولا أمن لها. وإنما عليه أن يكون يقضا فطنا حذرا لا من عمارنا هذا وإنما ممن يتخذ من عمار قدوة ومرشدا، ودليلا خاصة إذا كان مسؤولا لا يرى الأشياء إلا بأذنيه أي ذلك المايسترو الذي لا يعزف أية معزوفة في الجوق إلا «سمّاعي» في كل حفلة على حين غفلة.