من حق لجنة جوائز نوبل ان تختار الرئيس الامريكي باراك اوباما لتمنحه جائزة نوبل للسلام طالما انها تمتلك وحدها حق اسناد هذه الجائزة، ولكن ما يزال امام الرئيس، الذي لم يكمل سنته الاولى في منصبه، ان يفعل الكثير من اجل السلام، حتى يكون بالامكان منحه هذا التكريم. صحيح ان الرئيس الامريكي باراك أوباما، قد جاء بعد رئاسة رجل خطير هو جورج بوش الابن وهو أكثر من عرّض السلام والامن الدوليين للاهتزاز. وصحيح ان انتهاء تلك المرحلة قد فتح الابواب امام انفراج عالمي واسع، ليس فقط على مستوى الدول العربية والاسلامية التي كانت اكثر من عانى من السياسات الهوجاء لسلف أوباما، بل ايضا على مستوى العالم بأسره . وقد اشاع وصول باراك أوباما، لاسباب ذاتية وأخرى موضوعية، الامل بامكانية حصول تغيير حقيقي في السياسات العدوانية التي تبناها ونفذها المحافظون الجدد في ادارة بوش . ولكن حتى يومنا هذا لم يتخذ الرئيس الامريكي باراك أوباما، ما من شانه ان يمثل نقلة في سياسات بلاده وخاصة تلك المتعلقة بالإرث الاسود لإدارة سلفه . باراك أوباما وعد باغلاق معتقل غوانتنامو، ولم يفعل. وهواضطر الى مواصلة التعتيم والتغطية على السياسات السابقة، مانعا فتح الباب امام محاكمة رموز الادارة السابقة الذين اجرموا في حق الأمن والسلم الدوليين. باراك أوباما، ورغم لهجة التغيير في الخطاب، لم ينه اي حرب من الحروب العدوانية التي ورثها عن الادارة السابقة. بل انه يستعد هذه الايام الى تعزيز الوجود العسكري الامريكي في افغانستان. وهو يواصل بنفس الوتيرة احتلال العراق. كما يواصل، مثل سلفه، الصمت ازاء السياسات والممارسات الاسرائيلية العدوانية ضد الشعب الفلسطيني. وباراك أوباما لم يتخذ مواقف فارقة في جملة من القضايا الدولية التي اتسمت بعدوانية وتفرد الادارة السابقة مثل الاحتباس الحراري او السباق النووي وغيرها . وربما نحمّل الرئيس الامريكي، اكثر مما يحتمل، عندما نتوقع منه حل كل هذه الاشكاليات. فالحكم في الولاياتالمتحدة ليس فرديا، ولكن موقعه على رأس بلاده يسمح له باتخاذ مواقف شجاعة وحاسمة. وذلك ما لم يقدم عليه حتى الآن. ربما تحفّز هذه الجائزة ارادة السلام والتسامح لدى الرئيس أوباما، ليحوّل اماله ومواقفه النظرية الى مبادرات فعلية، ذلك على الأقل ما يأمله الجميع.