فاز المنتخب بالحد الأدنى المطلوب ولم يكن في حاجة إلا لبعض الثواني فقط ليجد طريق الشباك واعتقد كل متابعي اللقاء أن المهمة ستكون سهلة جدا بعد التسجل المبكر لكن اللقاء عرف سيناريو مغايرا تماما وقدّم المنتخب أسوأ لقاء له خلال كامل التصفيات وغابت الأهداف بل الفرص الواضحة وفسح المجال للمنافس ليتحكم في وسط الميدان ولولا الصلابة الدفاعية التي تميز عادة المنتخب لكانت النتيجة مغايرة. المستوى كان عموما سيئا ولحسن الحظ أن المنافس لعب بطريقة سلبية ولم يحاول استغلال سيطرته على وسط الميدان واكتفى باللعب في هذه المنطقة بالذات ورفض المجازفة. رغم أن المقارنة لا تجوز في كرة القدم لأن لكل لقاء واقعا مغايرا وظروفا خاصة فإنه بالإمكان الإشارة إلى أن المنتخب الكيني عرف نفس السيناريو تقريبا في أبوجا أمام نيجيريا حين سجلت نيجيريا في بداية اللقاء وتمكنت كينيا من فرض سيطرة على منافسها لكنها انهارت في النهاية وقبلت هدفين. سيناريو جيد ومفعول عكسي التسجيل في اللحظات الأولى من اللقاء يبقى السيناريو الأفضل بالتأكيد لأي فريق لكنه هذه المرة كان له مفعول عكسي لأنه حرّر المنافس وجعل لاعبي المنتخب يعتقدون أن اللقاء سهل وأن المنافس سهل وبالإمكان هزمه بنتيجة عريضة جدّا. المساندة التي لم تأت لعب المنتخب بمهاجم واحد وهو عصام جمعة الذي لا يمكن اعتباره مهاجما كلاسيكيا يلعب لفائدة زملائه وبالإمكان «الاتكاء» عليه عند الضرورة أو اللعب جيدا عندما يكون مرمى المنافس خلفه وقد فضل المدرب التعويل على مهاجم واحد وخلفه أسامة الدراجي (الذي لم يلعب كصانع ألعاب) والذي لم يساند المهاجم من ذلك أنه صوب في اتجاه مرمى المنافس في مناسبة واحدة وكانت سهلة للحارس وكذلك بن سعادة الذي نادرا ما دخل مناطق المنافس. دفاع متأخر أثر على وسط الميدان الملاحظة الهامة بالنسبة إلى المنتخب في هذه المقابلة هو أن افتكاك الكرة من طرف لاعبينا كان يحدث في منطقة قريبة جدا من مرمى المثلوثي وهذا كان بسبب الدفاع لأن تأخر المدافعين وعدم التقدم إلى منطقة وسط الميدان يفرض على لاعبي الوسط العودة المستمرة إلى الخلف ورغم أن المدرب علل ذلك بالقول إن تأخر المدافعين التلقائي للمحافظة على النتيجة فإن متتبع اللقاء يقف على تقصير في الإطار الفني لأنه لم يحاول حتى تنبيه اللاعبين إلى ذلك وقد بدا واضحا أن المدرب أصبح متخوفا من اللقاء مع مرور الوقت. لقطة لا تخدع المدرب كان متخوفا من المنافس وهذا بدا واضحا عند حصول كينيا على الكرات الثابتة إذ كان يطالب كل اللاعبين بالعودة إلى منطقة 18 مترا للدفاع والمحاصرة وإذا كان البعض يعتقد أن هذا إجراء معمول به وذلك حتى لا يتمتع المنافس بالتفوق العددي فإن الإجراء الأفضل هو ترك ثلاثة لاعبين يتمتعون بالسرعة وليسوا بارعين في اللعب بالرأس وذلك حتى يجد المنافس نفسه مضطرا للإبقاء على 5 لاعبين للمراقبة وهذا أصبح معمولا به ومعروف أنه في صورة ترك لاعب واحد يترك المنافس عليه لاعبين واحد للمحاصرة وآخر للمراقبة وفي صورة ترك 3 لاعبين يجد المنافس مجبرا على ترك 5 لاعبين ثلاثة للمحاصرة واثنين للمراقبة عن بعد. وقد كان كويلهو طوال اللقاء يترك لاعبا واحدا (بن سعادة في الشوط الأول ثم بن خلف الله في الشوط الثاني). اختيارات في حاجة للمراجعة رغم أنّ اختيار التشكيلة يبقى من مشمولات المدرب الوطني ولا يمكن التدخل في هذا الأمر فإن الضرورة تفرض بعض الملاحظات في هذا المجال أهمها: التعويل على شوقي بن سعادة كلاعب جانبي أي في الرواق لا يمكن أن يكون اختيارا ناجحا لأنه لاعب يجيد اللعب في محور الملعب أي لاعب وسط محوري (صانع ألعاب) ولا يمكن له اللعب إلى جانب الدراجي فإما الدراجي أو بن سعادة رغم الإمكانات الممتازة جدا بالنسبة للاعبين. اللعب بمهاجم واحد في رادس وأمام منتخب ليست له تقاليد في كرة القدم وتحول إلى تونس للسياحة (الدليل أنه لم يأت بأفضل لاعبيه) كان اختيارا فاشلا وأعتقد أن مواجهة كينيا كانت تمثل فرصة نادرة لاختيار اللعب بمهاجمين ومثل هذه الفرصة من الصعب أن تعود في لقاء رسمي آخر بالإضافة إلى أنّ دفاع المنافس ضعيف جدا وكثير الارتباك. إقصاء بعض اللاعبين مثل زهير الذوادي والتيجاني بالعيد وإلحاقهما بالمدارج إجراء في حاجة للمراجعة لأن الأول كان بإمكانه الإفادة وذلك بالنظر إلى الفترة الممتازة التي عرفها هذه الأيام أما الثاني فله قدرة كبيرة على النجاح في الكرات الثابتة. مهمّة شاقة شخصيا تملكني الخوف في نهاية اللقاء لأنه كانت هناك خشية من الانهيار البدني ولا يعود ذلك إلى المردود الممتاز ونسق اللعب بل يعود إلى أن المنتخب قضى كامل اللقاء يبحث عن الكرة والجري وراءها وهذا مرهق جدّا ولذلك سعى المدرب إلى تغيير الراقد والدراجي اللذين أصابهما الإرهاق. لقاء مملّ المنتخب اكتفى بالهدف الأول في اللحظات الأولى ثم غاب تماما عن اللقاء ولم يعد إلا بعد 15 دقيقة كاملة عندما لمس الحارس الكيني الكرة للمرة الثانية بعد تمريرة من بن سعادة إلى جمعة الذي أضاع الفرصة. أما المنافس الذي احتفظ بالكرة طويلا فقد تحصل على فرصته الأولى في الدقيقة 36. ذكاء تايدر لعب المنتخب بمهاجم واحد وهو عصام جمعة وعول المدرب كثيرا على الناشطين خلفه مثل بن سعادة وبن خلف الله (في الشوط الثاني) والدراجي خاصة في الكرات الثنائية أو العائدة من المنافس الذي يحاول جمعة إرباكه ولكن الوحيد الذي تألق في الكرات الثابتة هو تايدر الذي صوب في اتجاه المرمى أكثر من كل المهاجمين وكان في كل مرة قادرا على التهديف لولا تدخل المدافعين. لماذا؟ سئل المدرب الوطني في الندوة الصحفية التي تلت المقابلة: هل يمكن اعتبار المنتخب الوطني فريق الهجمات المرتدة وهو سؤال منطقي ومعقول إلى أبعد الحدود بالنظر إلى الفرق بين المردود عندما ننشط محليا وبعيدا عن أرضنا وحاول المدرب الوطني الهروب من السؤال بالتأكيد أنه ليس لنا لاعبون «COSTAUDS» في وسط الميدان بل لنا لاعبون مهاريون مثل بن سعادة وبن خلف الله والدراجي وعصام جمعة. والحقيقة أن المسألة ليست مسألة نوعية اللاعبين بل إن الاختيارات الفنية والتكتيكية هي التي تفرض ذلك فالمدرب يعول على مهاجم واحد وليست له إمكانات المهاجم الكلاسيكي ونقطة قوته في السرعة بالإضافة إلى عديد لاعبي الوسط الهجوميين الذين يتقنون تحويل الكرة من وضعية دفاعية إلى وضعية هجومية مثل بن سعادة وبن خلف الله بالإضافة إلى أنه لا يعول على الدراجي كصانع ألعاب وإنما كمهاجم ثان خلف عصام جمعة وهذا يعني أن المدرب لا يبحث عن الهجمة المركزة وإنما الهجمة الخاطفة وهي حسب اعتقادي طريقة ناجعة جدا عندما نواجه منتخبات كبرى أو بعيدا عن أرضنا أما عند مواجهة المنتخبات الصغرى فإن ذلك يصبح لعبا بالنار. هل أن كينيا قادرة على الفوز على نيجيريا؟ يرى البعض أن المنتخب الكيني قدم مستوى جيدا ولكن الحقيقة أن «الكرة» التي قدمها كانت سلبية والحقيقة أيضا أنه تأثر بغياب عديد اللاعبين وما يهمنا هنا أن هذا المنتخب قادر خاصة بعودة لاعبيه على تحقيق الانتصار أمام نيجيريا أو على الأقل التعادل وهو منتخب له قدرات فردية هامة خاصة في وسط الميدان مع بعض نقاط الضعف في الخط الخلفي وخاصة اللاعبين طويلي القامة الذين يعانون من الثقل وصعوبة في المراقبة (سواء الفردية أو المنطقة). اللقاء في لقطات دق1: أسامة الدراجي من الجهة اليمنى يوزع وعصام جمعة بالرأس يسجل الهدف الأول. دق16: تمريرة من بن سعادة لجمعة لكن الأخير أضاع الفرصة. دق29: تمريرة جيدة من الدراجي لبن سعادة ورغم أن الترويض كان جيدا فإنه أهدر الفرصة. دق30: مرّة أخرى الدراجي يمرر لعصام جمعة ورغم الاعتداء عليه داخل مناطق المنافس فإن الحكم أعلن عن مواصلة اللعب. دق34: أول تصويبة كينية في اتجاه المرمى التونسي. فرج الفجاري للأرشيف تشكيلة المنتخب الوطني: المثلوثي السويسي الميكاري الجمل غزال الراقد (السايحي) القربي ابن سعادة الدراجي (الشاهد) جمعة تايدر (بن خلف الله). تشكيلة المنتخب الكيني ويليس جوليوس (بايو) نجوروشي جورج أوسينو زوكي باتريك مانغا (موريسي) جوزيف بينتار (باتريك جوزيف) فيكتور أودي تحكيم: السينغالي بادارا دياتا بمساعدة مامادو وكامرا الإنذارات: لا شيء