حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي يقول «سي أحمد بن صالح» : «بعد ان غادرت الاتحاد، وبقيت رئيسا للجنة العليا لتحرير الدستور ونائب رئيس المجلس التأسيسي كان بورقيبة وكما ذكرت آنفا هو رئيس الحكومة بعد ان غادر رئاسة المجلس بنية تكوين الحكومة، وقد كنت اعترضت وقتها مفضّلا ان يبقى رئيس الحزب رئيسا للمجلس الدستوري، لكن قصة ألّفت حول هذا الموضوع وقد كان هدفي غير الذي حاول البعض ايصاله الى بورقيبة...». استوقفت صاحب المذكرات وطلبت منه عودة الى ما قبل رئاسة بورقيبة للحكومة وماذا حدث وقد كان رئيس الحزب رئيسا لأول سلطة تشريعية عرفها التونسيون؟ عن هذا السؤال يقول الاستاذ احمد بن صالح: «عندما وقعت تونس اتفاقية الاستقلال في 20 مارس 1956، وكان الطاهر بن عمار هو الذي يترأس الحكومة وبورقيبة رئيسا للمجلس التأسيسي، أذكر أنني قلت وقتها وبدون خلفية: إن شاء ا& لا يحدث في تونس أمر مما نسمّيه بالدّارجة (الكورينتي) أن يبقى بورقيبة في السلطة التشريعية على رأسها والبرلمان هو الذي يراقب الحكومة، قلت هذا الكلام بلا خلفيات، واذا بالباهي الادغم (كاتب عام الحزب) خلفا لبن يوسف الذي أقاله بورقيبة قبل مؤتمر صفاقس 1955، كما ذكرنا ذلك آنفا يعلن عن اجتماع طارئ (حزبي) يقول فيه ما معناه : من أولى من المجاهد الاكبر برئاسة الحكومة... وكان الحضور مؤلفا من علي البلهوان والطيب المهيري وفرجاني بلحاج عمّار... وأذكر أنني من ضمن التعلات التي قدّمتها لكي يبقى بورقيبة على رأس المجلس التأسيسي، أن الشعب التونسي ثار وانتفض في 9 أفريل 1938 ونادى ببرلمان تونسي، والآن عندنا هذا البرلمان فليبق بورقيبة رئيسا لهذا الجهاز... فهمت فيما بعد ان المسألة لم تكن عفوية، فقد غضب الباهي الأدغم وقال لننظر الى تجربة الهند، وأراد من خلال المثال أن يقول ان الزعيم السياسي يمكن أن يشكل حكومة الاستقلال فقال الباهي الأدغم: «لننظر الى الهند وكيف ان نهرو هو من شكّل الحكومة، فقلت بسرعة: نعم، نهرو وليس غاندي! وهنا بلغ الخبر مسامع بورقيبة بشكل اعتقد ان فيه الكثير من سوء النية وسوء الفهم، فإذا باجتماع طارئ للديوان السياسي يُعقد، وفي منزل بورقيبة (أي بيته) بمنطقة البلفيدير في تونس، عقد اجتماع دعيتُ اليه، وكنت قد عبّرت عن رأيي قبل هذا الاجتماع بكل عفوية، وكان اعتقادي كما ذكرت سابقا، أن اضافة بند في الدستور، يتضمن نصّا يهم مراقبة المجلس التأسيسي للحكومة سيكون أفضل لتونس». هنا قاطعت «سي احمد» قبل ان يواصل حديثه عن الاجتماع الذي وقع في بيت بورقيبة، عقب هذا الرأي الذي أبداه بكل اعتقاد أنه هو أفضل الخيارات سواء للبلاد او للزعيم: «سي احمد»، هل كنت مع الملكية الدستورية مثلا؟ فردّ بسرعة: «أبدا.. أبدا.. وأنا ذكرت لك في حلقة ماضية، كيف ان المنصف باي نفسه قال لي في «بو» Pau بفرنسا، حين كان منفيّا من السلطات الاستعمارية: «يا أحمد يا ولدي توّ تشوف... نرجع لتونس ونعلن الجمهورية...». فإلى الحلقة القادمة وفيها: ماذا قال بورقيبة لبن صالح في اجتماع ببيته في البلفيدير؟