الوضع عند المدخنين وغير المدخنين بصفاقس لا يحتمل حسب تعبيرهم، فالسجائر بأنواعها مستوردة أو غير مستوردة مفقودة، والمتوفر منها في الأكشاك والمحال التجارية ودكاكين الفواكه الجافة يباع بأسعار خيالية والمستفيد الوحيد هم المضاربون والمحتكرون ومحترفو السوق السوداء الذين كشفتهم المصالح التجارية بصفاقس حتىانه تم تحرير 10 مخالفات في اليومين الاخيرين حسب المدير الجهوي للمصالح التجارية بصفاقس السيد محمد الجبيب الديماسي. ففي صفاقس لا حديث هذه الأيام الا عن السجائر المفقودة وعن الاحتكار والترفيع في الأسعار الذي تحول الى ممارسة يومية، فعلبة «المارس الخفيف» تباع بدينارين و800 مليم والمهم عند المدخن انها غير «مضروبة» كما يقولون، و«المارلبورو» ب 4 دنانير و500 مليم، وعليك بتاجر صديق لتتحصل على سجائرك المفضلة أو حتى غير المفضلة. النقص المسجل في السجائر لا يشتكي منه المدخنون فقط، بل أصحاب رخص بيع السجائر الذين فضل بعضهم اغلاق محله التجاري حتى لا يسقط في اجابة متكررة عن سؤال متكرر «هل لديك مارس غير مضروب؟»... فالتجارة عنده متوقفة في انتظار أن يتزود بحصة سجائره من القباضة المالية. بعض أصحاب أكشاك ابتكروا فكرة جديدة للتخلص من سؤال الحريف المتكرر تتمثل في تعليق لافتة على واجهة المحل مكتوب عليها «الدخان غير موجود» أو «المارس الخفيف غير متوفر» الى غير ذلك من العبارات والجمل التي تكشف عن حقيقة أزمة السجائر بصفاقس. والواقع أن حقيقة الأزمة تفسر بتفسيرات متعددة، فالبعض يتحدث عن سجائر ليست بنفس الجودة المعهودة وهو ما يعبر عنه المدخنون ب «الدخان المضروب» أو المصنوع من مادة أولية مغشوشة، والبعض الآخر يتحدث عن الاحتكار وهو النهج الذي سلكه كبار التجار في الدخان الذين يتزودون بأكبر كمية ممكنة من السجائر للتفويت فيها بأسعار مرتفعة، والبعض الآخر يتحدث عن سجائر تونسية مقلدة ومصنوعة في دولة شقيقة لكنها تباع في أسواقنا، وتحمل نفس الإسم التجاري. وبين هذا وذاك غابت السجائر بصفاقس وتحولت الى حديث القاضي والداني، بين المدخنين وغير المدخنين، والمتضرر بشكل أكبر هم اصحاب محلات السجائر، فسلعهم معروفة سجائر وصحف، والسجائر غابت عن رفوف محالهم التجارية حتى أن بعضهم عادة ما يفضل اغلاق محله التجاري بعد ساعات يقضيها أمام القباضة المالية بصفاقس يعود بعدها بخفي حنين، فلماذا يفتح محله وهو الخالي من السلع كليا مقابل محل آخر يبيع السجائر على ندرتها بأسعار خيالية. المراقبة الاقتصادية بصفاقس واجهت الموضوع،وتدخلت في اطار اختصاصها للضرب علىأيدي المحتكرين وقد سجلت في ظرف وجيز 10 مخالفات في اخفاء سلعة أو الترفيع في الأسعار في سلع لم تكن تسجل فيها في الواقع مخالفات، فلولا النقص لما نشطت تجارة المحتكرين وهو ما جعل الجهات المعنية وخاصة غرفة الأكشاك بصفاقس تعقد اجتماعات متكررة خرجت منها بلا حلول ما دام الأمر يتجاوزها.