ارتفاع درجات الحرارة حولت عربات المترو والحافلات والقطار ومختلف وسائل النقل إلى فرن تنبعث منه شرارة حارقة جعلت الكثير من التونسيين يتأففون ويتذمرون ولمَ لا يتألمون. عربات النقل في تونس وللأسف تتحول إلى فرن خاصة في الفترة الممتدة بين الساعة الواحدة بعد الظهر والساعة الرابعة. يتحدث أحمد (وهو يستعمل عربة المترو خط 4) واصفا الحالة التي يعايشها يوميا: «عربة المترو في الساعة الثالثة بعد الظهر وهو الوقت الذي أعود فيه للمنزل تنبعث منها حرارة أقصى من حرارة الطقس وتجد جميع الركاب يتصببون عرقا والبعض الآخر يستنجد بالنوافذ طمعا في نسمات هواء قد تأتي من حين إلى آخر والبعض الآخر لا يملك إلا أن يتذمر». وبطريقة تحمل مقدارا كبيرا من المرارة والألم يحكي المنجي تجربته اليومية مع الحافلة عدد 55 التي تنقله يوميا إلى دوار هيشر مقر سكناه: «أقضي قرابة الساعة يوميا في انتظار الحافلة 55 تحت تأثير أشعة الشمس الحارقة ولا تنتهي قصة المعاناة إلى حدّ هنا باعتبار أنه بمجردأن يحل ركبها تنطلق في رحلة معاناة وعذاب أخرى فهي ساخنة مكتظة وتنبعث فيها روائح كريهة وحرارة الحافلة أشدّ وقعا من حرارة الطقس تضاعف من أتعابنا وآلامنا». معاناة عادل لا تختلف عن معاناة المنجي يقول: «استعمل يوميا الحافلة عدد 32 في اتجاه الزهروني، وقد أعجز عن وصف حجم العذاب فالحرارة واكتظاظها بالركاب اضافة إلى اختناق حركة المرور يجعلني في وضعية لا أحسد عليها الأمر من ذلك أنها تزيد من توتير الأعصاب». بسمة تركب نفس الحافلة تقول: «مقلقة جدا هي الحافلة رقم 32 ومزعجة أيضا خاصة في أوقات الذروة إلى حد أنها تزيد من تراكم المتاعب والمشاكل». عادل من جانبه يمتطي القطار يوميا يتحدث مؤكدا أن القطار كغيره من وسائل النقل يتحول في الصيف إلى مصدر عذاب حقيقي ينبعث منه هواء جاف وحار وحتى استعمال بعض وسائل التكييف لم تجد نفعا. الأمر من كل هذا أن الحرارة داخل وسائل النقل دفعت البعض إلى التفكير واستنباط حلول لتفاديها فالبعض من الموظفين يخير البقاء بمكتب العمل في انتظار أن يلطف الطقس قليلا. البعض من الذين يقطنون بعيدا عن مقرات عملهم بدأوا يفكرون في حلول أخرى: محمد من متساكني المروج يقول: «أمتطي الحافلة 59 و74 في اتجاه المروج، صدّقني المعاناة اليومية داخل هذه الحافلات مع ارتفاع درجات الحرارة وما يخلفه لي يوميا من أتعاب بدنية ونفسية جعلني أفكر بجدية في بيع مسكني والبحث عن مسكن آخر لتفادي مشاكل النقل». على كل تستعد شركة النقل لبعث عربات مترو مجهزة بمكيفات هوائية لكن هل تستطيع هذه المكيفات وحدها بعث الراحة في نفوس الراكبين؟ ثم ماذا بشأن الحافلات الصفراء إلى متى تبقى مصدرا للعذاب. * رضا بركة