عديدة هي الملاعب التونسية التي تحمل أسماء شخصيات يتناولها المعلقون الرياضيون ويحمل عنها الجيل الجديد الكثير بل ولا تتعدى معرفتهم بها الاسم فقط.. مثل بوجمعة الكميتي في باجة ونور الدين بن جيلاني في الكاف وصالح بن عمارة المرداسي في جندوبة. اليوم سنحاول تقريب المناضل الوفي والرياضي المعطاء المرحوم نور الدين بن جيلاني الذي أطلق إسمه على ملعب بمدينة الكاف من جمهور الكرة وخاصة من الاجيال الجديدة المرحوم بن جيلاني هو من مواليد 15 ماي 1931 بنهج جربة (حومة وادي صميدة حاليا بالكاف). زاول تعليمه الابتدائي بمدرسة سوق الخميس وهي سابقا (Ecole Franco-arabe) ثم تحول الى تونس حيث أنهى دراسته الابتدائية وجانبا من الثانوي وعند تواجده بتونس انخرط في جمعية «الملعب الشعبي» في صنفي الأصاغر والأواسط وسرعان ما أظهر موهبة راقية وتفوقا واضحا وانضباطا ضمن هذه الجمعية رغم صغر سنه. ملحمة بطولية أواخر الأربعينات ذاع نشاطه وتميزه الرياضي ونظرا الى أن فريق مسقط رأسه أولمبيك الكاف كانت في حاجة ماسة وأكيدة له ولمثله فقد تم جلبه من تونس وانضم الى صفوف أولمبيك الكاف بداية من سنة 1950 وانطلق في صنع ملحمة بطولية: منسقا ممتازا ولاعبا ماهرا ومدافعا مميزا وهي صفات بوأته منزلة كبيرة لخطة لاعب وممرن لأولمبيك الكاف. سجن ونفي لم يقتصر نشاطه على الرياضة فاندمج مع الشبيبة الدستورية مع اندلاع شرارة ثورة 1952 فكان من الأوائل الذين لبّوا نداء الوطن فانصهر عن طواعية وتلقائية في صفوف المناضلين الملتزمين حيث قام بإسهامات عديدة ومشاركات في المظاهرات وانضمّ الى الخلايا والفرق السرية لتقويض المنشآت الاستعمارية ومتاجر المستعمرين خاصة. فتمّ إيقافه يوم الاثنين 5 ماي 1952 زجّ به في السجن (حبس الزيتون بالكاف) بعد اخراجه من مقر عمله بإدارة قيس الأراضي بالكاف وقضى أياما عديدة مريرة من تعسف وبطش المستعمر وخاصة قاضي التحقيق الفرنسي الذي أمر بنقلته الى «الحبس الجديد» بالعاصمة (سجن 9 أفريل) وقد حوكم لدى المحكمة العسكرية بتونس حيث قضى سنتين بالنفي و5 سنوات بمدينة المنستير وهناك اشتغل بمعاصر الزيتون فعمل بجد وإخلاص وخلق مما جلب له احترام العائلات في مدينة المنستير الى حد إدماجه في :أوساطهم. لاعب ومدرب بالمنستير الى جانب عمله اليومي لكسب قوته في المنفى انخرط في الاتحاد المنستيري فتفوق في الأداء والعطاء وحسن السلوك الى أن أصبح لاعبا وممرنا محبوبا مبجلا ولقبوه ب«المعلّم». وبإعلان الاستقلال والعفو عن المناضلين والمقاومين عاد نور الدين بن جيلاني الى مدينة الكاف واعترفت له السلط الدستورية بتضحياته وصدق نضاله ووفائه لوطنه فالتحق بديوان قيس الأراضي بالكاف من الباب الكبير عن طريق المناظرة فكانت رتبته 11 من ضمن 80 تقدموا للمناظرة لكنه لم يفكر في الامتيازات ولا المقابل بل كان كل همّه خدمة وطنه وجهته وبعودته الى الكاف عاد معها الحنين الى رياضته المحببة وهوايته المفضلة وهو الذي جاء من المنستير بلقب «المعلّم» وأصبح اللاعب والممرن ثم الكاتب العام للفريق وانقطع عن ممارسة هوايته جراء مرض عضال ألمّ به وأقعده وأصبح مستشفى «محمّد بورقيبة» مكان إقامته المزمنة والمطولة حتى وافاه الأجل المحتوم يوم 9 فيفري 1967. هذه المذكرة أعدت بالتنسيق مع السيد محمود المرزوقي عميد المقاومين وعضو المجلس الاستشاري للمقاومين وكبار المناضلين.