في حوار لم تنقصه الصراحة ولم تحاول فيه كعادتها أن تكذب أو تتجمل كشفت الفنانة الكبيرة هند رستم ل «الشروق» عن تفاصيل حياتها بعد الاعتزال منجذبة الى دفء المنزل والأسرة. قالت إنها كانت مدركة أنها ستعتزل في يوم ما وكان عليها اختيار التوقيت المناسب حتى لا تكذب على نفسها أو تخدع جمهورها كما تحاول أخريات من الوسط النفي حاليا. رفضت هند «شيك على بياض» من احدى القنوات التليفزيونية العربية لتقديم حلقات عن حياتها وقالت: أرفض أن تصبح حياتي وسيلة للتسلية، كما رفضت العرض الذي تلقته لتقديم مسلسل بسبب الأجر الذي عرضوه مساويا لنفس أجر فاتن حمامة واعترفت بأنها كانت عنيدة. وقالت: المقارنة كانت شيئا صعبا بحيث تقبله كرامتي». كما كشفت ل»الشروق» عن عرض تلقته من المخرج الكبير يوسف شاهين بتقديم جزء ثان لفيلم «باب الحديد» ورفضته أيضا. وفيما يلي تفاصيل الحوار: - سنوات طويلة احتجبت فيها تماما عن تقديم أي عمل فني بل والظهور في مجتمع الفنانين.. البعض يقول إنك أيضا غير متواجدة في النادي.. أين أنت إذا.. وماذا تفعلين؟ بصراحة شديدة فأنا منذ قررت الاعتزال عن الفن في حالة تفرغ تام لمنزلي وأسرتي لدرجة أنه من النادر أن أغادر المنزل حتى الى النادي، وأشعر أنني بحاجة دائما الى الاحساس بدفء المنزل والأسرة، وقد يكون ذلك اختيار أساسي بالنسبة لي بدأ معي منذ وافقت على الارتباط بزوجي وهو أستاذ كبير للطب وجراح ماهر وما يتطلبه ذلك من ادارة المنزل وتولي شؤون الأسرة وقد انهمكت تماما في ذلك بل وتطور الأمر الى المشاركة في تنظيم أوقات عمله، وكان من الطبيعي أن أصبح سيدة في مجتمع الأطباء ولي صالون من سيدات الأطباء وليس لمجتمع الفنانين. التمرد - ألا يدعو كل هذا التغيير الى الدهشة وخاصة من هند رستم التي عرفها الجميع بانطلاقها وبساطتها.. وبصراحة «تمردها»؟ وأنا معك في هذا التساؤل خاصة أنني كنت شخصية متمردة حتى في تعاملاتي الفنية وخاصة فيما يتعلق بطبعي الحاد ولكنني أولا وأخيرا كنت أعلم جيدا أن المرأة بدون رجل لا تساوي شيئا! - أيضا ذلك الرد يزيدنا دهشة خاصة مع التربية الارستقراطية التي تربيت عليها.. وهل ذلك أيضا جزء من تمردك وعملك بالفن رغم اعتراض الأسرة؟ قد يكون معك الحق، ولكنني أجد نفسي دائما أقرب الى «بنت البلد» من سيدة المجتمع الراقي وهذه هي الشخصية التي أحب أن أكون عليها، «فالصعايدة» وأولاد البلد نموذجان أحبهما، وعلى هذا الأساس قد يجد البعض أن هناك فارقا بين تربيتي في المدرسة الفرنسية والألمانية، وبين قناعتي بأن المرأة هي المرأة تحتاج دائما الى رجل باعتباره الدفء الذي يعطي لحياتها المعنى ويهبها الأمومة تلك العاطفة التي لا يمكن مقاومتها بأي حال من الأحوال. منطق هند ! - وسط كل ذلك هل يمكن أن تشرحي لنا فلسفة «هند رستم» في اتخاذ قرار الاعتزال؟ لم أكن بالطبع سأنتظر حتى يهجرني المنتجون واخترت لنفسي الوقت الذي يجعل صورتي موجودة داخل كل من يحب الفنانة هند رستم، ولم أكن أحب أن أكون كالأخريات المصرّات على فرض أنفسهن على المشاهد، وهل من المعقول أن نجد فنانة تقدم دور أم في حين أن أبناءها عمرهم أقل من عمر أحفادها؟ هل لا يعرفن أنهن يستهلكن تاريخهن ويمحين من ذاكرة المشاهد أعمالهن التي لاقت القبول، وبالطبع المشاهد ليس غبيا، وبالتالي يمحي من ذاكرته التاريخ الكامل للممثلة. - وهل تتابعين الأعمال السينمائية الجديدة ونجومها على الساحة حاليا؟ منذ 15 سنة لم أشاهد سوى ثلاثة أفلام فقط الأول لمحمد هنيدي «همام في أمستردام» وفيلمين ليوسف شاهين «الآخر» و»سكوت حنصوّر». - بالمناسبة هل حاول يوسف شاهين اعادتك الى شاشة السينما؟ نعم حاول أكثر من مرة والمرة الأخيرة اقترح تقديم جزء ثان من فيلم «باب الحديد» وهو الأمر الذي رفضته ووجهة نظري أنه لا يمكن تقديم جزء ثان بمحرد أن الفيلم الأول نجح، ويكفي ما حصده من نجاح وليست هناك أي حاجة لاستهلاك نجاحه المحلي والعالمي. أجرة فاتن حمامة - هل أفهم من ذلك أنك لا تشتاقين أبدا للعودة الى العمل الفني؟ لا طبعا.. أعترف بأن هناك فرصة واحدة فقط وصلت معي الى حالة من الرغبة أو قل الحلم الذي كنت أتمنى تحقيقه قبل اعتزالي التام من خلال مسلسل تليفزيوني لتوثيق رحلتي الفنية خاصة وأن التليفزيون ذاكرة للمشاهد بالاضافة الى أنه لم يسبق لي تقديم أي عمل له. وجاءت الفرصة في مسلسل مع الفنان الراحل صلاح ذو الفقار اسمه «عائلة شلش» وبعد أن أعجبني السيناريو كان لي شرط وحيد للحصول على أجرة قدره 3 آلاف دينار عن الحلقة الواحدة ولكن مسؤولي التليفزيون رفضوا وعرضوا نفس الأجر الذي تتقاضاه فاتن حمامة. ولم يكن من جانبي سوى رفض مبدأ المقارنة وقد يكون ذلك عنادا وكان من الصعب أن تقبل كرامتي الرفض خاصة وأن اسمي كان يساوي الكثير لعدم ظهوري في التليفزيون وكانت تستحق ولكنني اعتذرت ولم أندم على ذلك لأنني لم أندم على أي قرار أتّخذه، وبعد ذلك شاهدت المسلسل وقامت ببطولته ليلى طاهر.