أكد محلّلون سياسيون أمس أن الشباب المقدسيين والمرابطين في المسجد الأقصى المبارك حالوا دون مذبحة مروعة بحق المصلين في صلاة الفجر بعد أن أحبطوا محاولة تسلّل قام بها مستوطن صهيوني لباحات الأقصى ممّا أعاد الى الأذهان مجزرة الحرم الابراهيمي بالخليل. وتمكّن الشبان المقدسيون بالتعاون مع حراس المسجد الأقصى المبارك أول أمس من إلقاء القبض على متطرف يهودي أثناء تسلّله الى منطقة محصنة داخل باحات المسجد عند الساعة الثانية من الفجر. وحسب شهود عيان، فإنّ المستوطن سعى الى الوصول الى مبنى «المطهرة» مكان الوضوء عبر منطقة «حوش آل الزربا» المتاخمة لسوق «القطانين» باستخدام السلالم، مؤكدين أنه كان يحمل سلاحا أوتوماتيكيا على ظهره. وأضاف الشهود أن الارهابي قاوم المرابطين وحاول الافلات من قبضتهم بيد أنهم تمكنوا من السيطرة عليه وأوسعوه ضربا قبل تسليمه الى شرطة الاحتلال الاسرائيلي. من جهتها سارعت الشرطة الاسرائيلية الى الادعاء بأن المستوطن المتسلّل مجنون وغريب الأطوار وأنه تقرّر نقله الى مصحة نفسية في دير ياسين زاعمة أنه لم يكن مسلّحا. الخليل في البال وفي ردّها على التسلّل الصهيوني لباحات الأقصى والتبرير الاسرائيلي له، قالت حركة «فتح» ان الحادثة تعيد الى الأذهان المجزرة التي ارتكبها المتطرّف باروخ غولدشتاين قبل 15 عاما عندما هاجم بسلاحه الرشاش عشرات المصلين المسلمين وهم يؤدون صلاة الفجر داخل الحرم الابراهيمي الشريف في الخليل. وأكد حاتم عبد القادر مسؤول ملف «القدس» في حركة «فتح» أن موقف الشرطة الاسرائيلية يثير السخرية ويؤكد المقاييس المزدوجة التي تتعامل بها الشرطة مع الفلسطينيين ومع اليهود. وتابع عبد القادر أنه عندما يتعلق الأمر بفلسطيني يكون إرهابيا ويهدّد أمن اسرائيل وتتجنّد له أجهزة الأمن الاسرائيلية للتحقيق معه ويودع السجن، أما عندما يتعلق الأمر بيهودي فيصبح مجنونا وغريب الأطوار وتتجنّد له الطواقم الطبية ويودع في المصحات النفسية. واستهجن المسؤول الفلسطيني تعامل تل أبيب مع الحادثة مشدّدا على أنّ السياسة الصهيونية تشجع المستوطنين من المتطرفين اليهود على الاستمرار في محاولاتهم لارتكاب أعمال إرهابية ضد المواطنين الفلسطينيين حتى لو كانوا داخل مقدساتهم. من جانبه، فنّد عدنان الحسيني محافظ القدس ومدير الأوقاف سابقا المزاعم الصهيونية حول الحادث قائلا: «إن هذا التسلل لا يمكن أن ينفذه مجنون. فالدخول الى تلك المنطقة يتطلب تخطيطا كبيرا بالنظر الى الموقع الذي تسلّل منه المستوطن والذي يشتمل على أسلاك شائكة وكاميرات مراقبة وعوائق كثيرة.. وتجدر الاشارة الى أنها ليست المرة الأولى التي تدعي فيها اسرائيل أن مرتكبي الاعتداءات على المقدسات الاسلامية مجانين فقد سبق أن نسبت صفة الجنون للارهابي دنيس مايكل وهو الذي أضرم النار في المسجد الأقصى عام 1969. إرهاب الارهاب الصهيوني في غضون ذلك، كشفت مصادر أمنية اسرائيلية أمس عن تغلغل الارهابيين في أوساط المستوطنين وذلك في أعقاب الاعلان عن اعتقال المتطرف الصهيوني يعقوب جاك تيتيل الذي اعترف بقتل فلسطينيين وتفجير منزل أستاذ جامعي اسرائيلي يعارض الاستيطان. وأماطت الجهات الأمنية اللثام أول أمس عن احتجاز يعقوب جاك تيتيل من سكان مستوطنة «شفوت راحيل» شمال رام الله والمدان بقتل فلسطينيين وزرع عبوات ناسفة أدت الى إصابة عدّة أشخاص بجروح من بينهم صبيّ والبروفيسور زئيف شتير نهال اضافة الى ضبط مخزن للأسلحة والوسائل القتالية في ساحة منزله. وحذّر مسؤول في جهاز الأمن العام الاسرائيلي «الشاباك» من وجود إرهابيين يهود آخرين لم يتمكن الجهاز من اعتقالهم بعد. واستبعد المصدر الرواية التي تصف المستوطن الصهيوني الأمريكي تيتيل بالمهووس والمختل عقليا مشدّدا على أنه كان من غلاة التشدّد العقائدي وعمل بحذر وحزم وذكاء، على حدّ قوله.