سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مذكرات سياسي في «الشروق»: الأستاذ أحمد بن صالح وأسرار وخفايا تكشف لأوّل مرّة (108): أبهرني د. الهادي الرايس وهو يجري عملية جراحية في العين: تقنية عالية وهدوء استثنائي..
حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي كانت أسئلة «الشروق» وراء كشف «سي أحمد بن صالح»، لهذه المشاريع والاصلاحات التي عرفتها وزارة الصحة، لما كان على رأسها في أوّل حكومة بعد إعلان الجمهورية.. فبالإضافة إلى «Les commandos Blancs» أي قوافل الأطباء التي تجوب البلاد التونسية للعلاج، وخاصة في الوسط والجنوب، لاحت هناك أمراض وقع القضاء عليها مثل حمّى المستنقعات Paludisme، وكذلك مرض العيون «التّركوم» Trachome (الرّمد).. وكانت «الحملة الأصلية» يقول الأستاذ بن صالح ووزير الصحة الأسبق كانت حملة النظافة في كلّ الولايات، وقد دامت في تونس 15 يوما كما ذكرت سابقا.. الرّمد والذباب، كانا أساس الحملة.. ففي الولايات التي طالتها الحملة، كان هناك عمل كبير وواسع (على مستوى وطني) ضدّ الأوساخ وتراكم الأوساخ والذباب.. كان هناك دفع قوي، ولم يبق طرف لم يشارك في ذلك.. وأذكر أننا اشترينا أدوية كثيرة.. كان بمثابة «حمّام» للبلاد، من أجل النظافة.. فهذا كلّه ضمن برنامج الصحة والشؤون الاجتماعية.. عندما أتيت إلى وزارة الصحة، وجدت مشاريع قيد الدرس وأخرى منجزة.. فمثلا مستشفى الأطفال هو ملف من الملفات التي كانت محلّ الدّرس، وكذلك مستشفى الأمراض الصدرية بأريانة إما وجدته قد بدأ أو أنجزناه في فترة وجودي على رأس الوزارة».. سألت «سي أحمد» عن مستشفى أمراض العيون الهادي الرايس الآن، فأكد أنه شيّد قبل أن يكون وزيرا للصحة: «كان الدكتور الهادي الرايس، اختصاصي في أمراض العيون، وجراحة العيون، يعمل مع «روجيه ناتاف» Roger Nattaf وهو يهودي تونسي.. وقد قامت الوزارة بحملة على الرّمد (التّراكوم).. وكنت أعرف الرايس، كان نشيطا ومتحرّكا جدّا، وقد حضرت له عملية جراحية أجراها على عين أحد المرضى.. تابعت العملية بتفاصيلها، فوجدت أمامي حرفيا في الجراحة.. وكان مختصّا في تقنية جراحية اسمها «كاتراكت» وقد اتجه إلى لبنان، يعلّم الأطباء هناك جراحة العيون».. كان صاحب المذكرات يتحدث عن د. الهادي الرايس باعتزاز شديد.. الحملة ضدّ التّراكوم نجحت، كما نجحت الحملة ضدّ حمّى المستنقعات، وهنا عاود الأستاذ أحمد بن صالح الحديث عن الممرض التونسي المرحوم محمد بن علي البلطي، الذي كان يمثل تونس في كافة الاجتماعات التقنية سواء في مستوى منظمة الصحة العالمية أو في مستوى بقية الاجتماعات.. يقول عنه «سي أحمد»: كان هذا الممرض التونسي محمد علي البلطي، ينوب تونس في الاجتماعات بين منظمة الصحة العالمية، ومنطقتنا الاقليمية، جنوب إيطاليا وجنوبفرنسا، عندما يجتمع الممرضون، كان يمثل تونس. كان عنصرا فعّالا، متخصّصا في حمّى المستنقعات.. كان يعمل سنة 1958 في مستشفى باجة.. لم يكن ممرضا عاديا، بل ممرّضا من طراز عال.. وقد شارك بل وتولى أمر مقاومة حمّى المستنقعات في باجة، أتذكّر بامتنان كمواطن وليس كمسؤول فقط، أنه كان متواضعا، وكان يتقن اللغة الفرنسية، وكان يحضر الاجتماعات التقنية، بقي يعمل بباجة، لكنه يأتي إلى العاصمة أو يذهب إلى الخارج كلما كانت هناك اجتماعات، كان هو الشخص، الذي إلى جانب الأطباء، الذي كان يباشر في الميدان لهذه العملية «Il était un praticien». هكذا تحدث بن صالح عن شخصية تونسية، سوف نعود إليها في الابان لنلقي مزيدا من الضوء على من كشف عن فعالية ومهنية كبيرة في مجال عمله.. فإلى حلقة قادمة مع الأستاذ أحمد بن صالح ومذكراته في «الشروق».