افتتحت يوم الأربعاء 4 نوفمبر الدورة السادسة لأيام حضرموت لفن الممثل والتي ينظمها المركز الثقافي بسوسة وتضمّن البرنامج فقرتين رئيسيتين وهما الورشات والعروض المسرحية. والمعلوم أن هذه التظاهرة وليدة مناسبة تونس عاصمة ثقافية، والفكرة كانت من وحي المبدع لطفي بن صالح صحبة قيدوم المسرح مراد كرّوت حيث عنونت في تلك الفترة بالملتقى الدولي للمسرح حول فنّ الممثل، وطوّراها ضمن منهج أكاديمي لتأسيس نواة تفعّل لعبة الممثل وآليات تفاعله المسرحي ضمن استراتيجية ترتكز بالأساس على التكوين والتثقيف المسرحي. انطلاق هذه التظاهرة لم تصاحبه طقوس الافتتاح من تقديم للتظاهرة وضيوفها وما يتبع ذلك من تفعيل لطابع الاحتفال الذي قد يضفي الصبغة الرسمية ويدعّم جدية التنظيم حيث التحق المنشطون وهم منير العرقي ومحيي الدين بن عبد الله ونجيب خلف الله بقاعات الورشات رفقة الشباب المشاركين والذين يجهل جلهم مضمون هذه الورشات مما صعّب اختيارهم قياسا بميولاتهم وحاجتهم المسرحية، وأقبل عدد كبير على ورشة منير العرقي التي تهتم بتكوين الشخصية، ومن خلال مواكبة «الشروق» لهذه الورشة توضحت لنا أسباب هذا الاقبال المكثف وهي عمق تجربة منير المسرحية وتميّزه البيداغوجي والجدية التي طبعت تعامله مع الشباب المشاركين وهم خليط من طلبة المعهد العالي للفن المسرحي ومسرحيين هواة وآخرين دفعهم شغفهم بالمسرح الى تجربة الفعل المسرحي والطريف في هذه الورشة تواجد مشارك من الحمامات من مواليد 1942 عمره 67 وهو قاسم بنعيد الدائم كانت له عدة مشاركات في بعض المسلسلات التونسية والأفلام الأجنبية حمله شغفه المسرحي وإعجابه الشديد بمنير العرقي الى المشاركة في هذه الورشة على حدّ تصريحه. الشعافي من أجل ترسيخ فن الإيماء من الورشات الهامة التي واكبتها «الشروق» في هذا اليوم الأول من هذه التظاهرة ورشة الإيماء التي ينشطها الأستاذ أنور الشعافي الذي تميّز في عدة أعمال مسرحية بهذا الاختصاص والذي يعطي عمقا لأداء الممثل وقد ركز أنور على تمارين تمكن الممثل من الاعتماد على الحركة كلغة تواصل تعمّق الإيهام بالواقع لدى المتفرج وقد لاحظنا تفاعلا كبيرا من طرف المشاركين الذين انسجموا مع هذه اللغة الخطابية التي قدمها أنور بتقنيات فيها الكثير من التبسيط حتى يسهل تفعيلها. غيابات تثير الاستغراب! قد يكون لغياب افتتاح رسمي لهذه التظاهرة ما يبرّره ولكن ما لم نجد له تفسيرا هو غياب مؤسّسي هذه التظاهرة وهما لطفي بن صالح ومراد كرّوت اللّذان لم يكن لهما تواجد لا في إدارة إحدى الورشات ولا من خلال الانتاجات المسرحية أو حتى من خلال عرض تجاربهما في معرض الى جانب معرض الأقنعة المسرحية. عموما لا نظن أن تجارب لطفي بن صالح أو مراد كرّوت أو الشاذلي الورغي أو علي ساسي أو الحبيب بن ذياب وغيرهم كثير شحيحة الى هذه الدرجة أو لا تستحق التواجد أو التفعيل أسوة ببقية مبدعي الجهة في مجال الفن الرابع. في المقابل ما يثير الاستغراب هو دعوة مراد كروت من طرف إدارة المركز الثقافي سوسة يوما قبل التظاهرة ليقع تكليفه بتوزيع دعوات للعروض المسرحية المبرمجة في «أيام حضرموت لفن الممثل» وفي لقاء ب«الشروق» لم يجد هذا المبدع المسرحي الذي وراءه عشرات الأعمال المسرحية تأليفا وتمثيلا وإخراجا انطلقت منذ الستينات من تعليق غير قوله: «حضر الموت وغاب فن الممثل» والكلام على الكلام صعب.