تونس (الشروق الأسبوعي) إعداد: عبد الرؤوف بالي: شهد شمال اليمن خلال الايام الماضية تصعيدا عنيفا في الحرب التي يخوضها النظام اليمني ضد حركة التمرد الحوثي المسلحة. وشهدت أيضا دخول الجيش السعودي بقوة في هذه المواجهات إثر محاولة الحوثيين التسلل الى أراضيها والاعتداء على المواطنين بالمملكة، لكن ما لم يتوقعه أحد هو بروز إيران الطرف الخفي الى واجهة الاحداث ومحاولتها حماية المتمردين من إمكانية سحقهم بين الجيشين، فأصبحت قضية صعدة محط أنظار العالم. «الشروق الأسبوعي» سلطت الضوء على قضية الحوثيين بصعدة، فمن هم؟ وكيف بدأوا؟ ومن يقف وراءهم؟ ظهرت الحوثية في نهاية تسعينات القرن الماضي بقيادة «حسين بدر الدين الحوثي»، الذي انقلب على تنظيم «الشباب المؤمن» سنة 1997، وكان ذلك إثر انشقاقه عن حزب «الحق» الذي كان من قياداته البارزة. وكان الحوثي حينها عضوا في مجلس النواب إثر فوزه في انتخابات سنة 1993 وهي أول انتخابات أجريت بعد توحد اليمن. وبالرغم من أن والده كان من أبرز المرجعيات الشيعية للمذهب الزيدي في اليمن وهو أقرب مذاهب الشيعة الى السنّة والاقرب أيضا الى المذهب الاثني عشري الامامي في ايران، فقد مثلت حركته خروجا من المذهب الزيدي الذي يمثل أتباعه 30٪ من سكان اليمن. وبقيت الحركة التي تزعمها حسين بدر الدين الحوثي قرابة ست سنوات حركة ثقافية فكرية دعوية بعيدة عن السياسة حتى انها تلقت دعما من حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في إطار سعيه لمواجهة النفوذ الديني لحزب التجمع اليمني للاصلاح الاسلامي المعارض. الحوثيون والمعارضة المسلحة بدأ تنظيم «الشباب المؤمن» يتجه الى السياسة بدءا من عام 2002، واختار معارضة الحكومة بحجة اتهامها بالتعاون مع الولاياتالمتحدة في الحملة الدولية ضد «الارهاب». ومثل ذلك منعرجا نحو أولى مراحل الصراع بين الحوثيين والسلطة في عام 2004، حيث دارت معارك عنيفة بين قوات الجيش اليمني وقوات حسين بدر الدين الحوثي وامتدت من جوان حتى أوت من نفس السنة. ونتيجة للطبيعة الجبلية الوعرة التي احتمى بها التنظيم. كانت معاناة القوات الحكومية كبيرة، فقد كانت تواجه مسلحين يحتمون بالجبال إضافة الى معرفتهم بالارض وتمتعهم بدعم السكان المحليين. وبلغ عدد القتلى في أولى المعارك التي خاضها اليمن ضد هذا التنظيم 1000 قتيل كان من ضمنهم حسين بدر الدين الحوثي. واندلعت المرحلة الثانية من المواجهات بين الطرفين خلال شهري مارس وأفريل من عام 2005 وراح ضحيتها قرابة 1500 شخص من الجانبين. وفي العام نفسه رفض الحوثيون الصفقة التي عرضتها عليهم الحكومة والمتمثلة في منح عناصر التنظيم عفوا عاما مقابل ترك العمل المسلح والاستسلام، ومن نتائج هذا الرفض كان استمرار المواجهات حتى عام 2006. وعادت المواجهات مع بداية عام 2007، إثر قيام عناصر التنظيم بمهاجمة منشآت عسكرية يمنية يوم 28 جانفي وهو ما دفع الحكومة اليمنية الى القيام بحملة عسكرية واسعة النطاق انطلقت يوم 19 فيفري واستهدفت مناطق التمركز الشيعي في محافظة صعدة وتواصل القتال حتى السادس من جوان حين تم التوصل الى اتفاق لوقف العمليات المسلحة بين الطرفين بوساطة قطرية. ولم يعمر هذا الاتفاق طويلا، حيث سرعان ما انهار لتبدأ جولة أخرى من الصراع باشتباك مجموعة من الجنود الحكوميين مع عناصر من ميليشيا عبد الملك الحوثي في 2 ماي 2008 عقب تفجير استهدف الشيعة في أحد مساجد صعدة في أفريل 2008 أدى الى مقتل 15 شخصا وجرح 55 آخرين، لتبدأ المواجهة الفعلية بين الطرفين في 12 ماي من نفس السنة واستمرت حتى 17 جوان بإعلان الرئيس اليمني وقف القتال. وتشهد صعدة منذ أكثر من ثلاثة أشهر حربا جديدة بين القوات الحكومية والمتمردين، ولعل شراسة المواجهات جعلت الكثيرين يسمونها بالحرب الحقيقية. ودخلت المملكة العربية السعودية منذ أيام ساحة المواجهات وذلك إثر تعرض قواتها العسكرية لاعتداء من قبل عناصر التمرد الحوثي، حين قتل ضابط سعودي وجرح 11 آخرون. وربما يكون هذا أول تحرك ملحوظ من دول الجوار وهو ما يؤكد أن قضية صعدة خرجت عن نطاقها المحلي لتغدو مشكلة إقليمية. وتجدر الاشارة هنا الى أن الدور الخليجي غائب في قضية الحوثيين، وظلت دول الجوار اليمني تتعامل مع التهديد الحوثي في اليمن بشكل أحادي. وقد اكتفى مجلس التعاون الخليجي بإصدار البيانات المساندة للسلطة اليمنية والتي كان آخرها بيان 2 سبتمبر الماضي على هامش الدورة 112 لمجلس وزراء خارجية دول الخليج فيما صرحت الامارات بدعمها الكامل واللامشروط للمملكة العربية السعودية. ولا يختلف موقف جامعة الدول العربية كثيرا عن مواقف وتحركات مجلس التعاون الخليجي ولم تنل الحكومة اليمنية غير بيانات الدعم وكأن القضية تدور أحداثها في المكسيك!! وعلى صعيد آخر ظهر الدور الايراني مؤخرا بصورته الكاملة ولم يترك مجالا للشك في دعم طهران لحركة التمرد الحوثي في صعدة وقد بلغت بها الجرأة حد التنديد بمهاجمة اليمن لهم ودفاع المملكة السعودية عن حدودها ومواطنيها... هذا الى جانب التجاذبات حول الحج... فهل تكفي زيارة متكي الى الرياض لطمأنة المملكة وإنقاذ الحوثيين من هزيمة مدوية؟