وزارة السياحة تحدث لجنة لتشخيص واقع القطاع السياحي بجرجيس    تقية: صادرات قطاع الصناعات التقليدية خلال سنة 2024 تجاوزت 160 مليون دينار    الإمضاء على اتفاقية تعاون بين وزارة الشؤون الدينية والجمعية التونسية للصحة الإنجابية    وزارة التشغيل: التسجيل في برنامج دفع تشغيل الاشخاص ذوي الإعاقة يتواصل الى هذا الموعد    بلدية مدينة تونس تواصل حملات التصدي لظاهرة الانتصاب الفوضوي    الجيش الإسرائيلي: انتحار 16 جندياً منذ بداية 2025    عراقجي: قادرون على تخصيب اليورانيوم وبرنامجنا لا يدمره القصف    رفع الاعتصام الداعم لغزة أمام السفارة الأمريكية وتجديد الدعوة لسن قانون تجريم التطبيع    دورة تورونتو لكرة المضرب: الروسي خاتشانوف يقصي النرويجي رود ويتأهل لربع النهائي    إيمانويل كاراليس يسجّل رابع أفضل قفزة بالزانة في التاريخ ب6.08 أمتار    طقس اليوم الاحد: هكذا ستكون الأجواء    طقس الأحد: خلايا رعدية مصحوبة بأمطار بهذه المناطق    نانسي عجرم تُشعل ركح قرطاج في سهرة أمام شبابيك مغلقة    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    عاجل/ تحول أميركي في مفاوضات غزة..وهذه التفاصيل..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    خطر تيك توك؟ البرلمان المصري يهدد بالحظر!    عاجل: قرار قضائي يوقف ترحيل آلاف المهاجرين من أمريكا    عاجل: ما تشربوش من''عين أحمد'' و''عين أم ثعلب'' في تالة!    829 كم في 7 ثوان!.. صاعقة برق خارقة تحطم الأرقام القياسية    عارف بلخيرية رئيسا للجامعة التونسية للرقبي لفترة نيابية جديدة    الوحدات الأردني يفسخ عقد قيس اليعقوبي    كلمة ورواية: كلمة «مرتي» ما معناها ؟ وماذا يُقصد بها ؟    درجات حرارة تفوق المعدلات    تململ وغضب ودعوات للمقاطعة.. 70 دينارا لحم «العلوش» والمواطن «ضحيّة»!    اليوم الدخول مجاني الى المتاحف    جامع الزيتونة ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    غازي العيادي ضمن فعاليات مهرجان الحمامات الدولي: ولادة جديدة بعد مسيرة حافلة    معاينة فنية لهضبة سيدي بوسعيد    في نابل والحمامات... مؤشرات إيجابية والسياحة تنتعش    لرصد الجوي يُصدر تحييناً لخريطة اليقظة: 12 ولاية في الخانة الصفراء بسبب تقلبات الطقس    الكاف: شبهات اختراق بطاقات التوجيه الجامعي ل 12 طالبا بالجهة ووزارة التعليم العالي تتعهد بفتح تحقيق في الغرض (نائب بالبرلمان)    البطولة العربية لكرة السلة - المنتخب التونسي يفوز على نظيره القطري 79-72    مباريات ودية: انتصارات لكل من النادي الصفاقسي، النجم الساحلي والاتحاد المنستيري    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    قبلي: يوم تكويني بعنوان "أمراض الكبد والجهاز الهضمي ...الوقاية والعلاج"    قرطاج يشتعل الليلة بصوت نانسي: 7 سنوات من الغياب تنتهي    عاجل/ وزارة الفلاحة توجه نداء هام لمُجمّعي الحبوب وتقدّم جُملة من التوصيات للفلاحين..    تنبيه هام: تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق..#خبر_عاجل    زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    شراو تذاكر ومالقاوش بلايصهم! شنوّة صار في باب عليوة؟    بالأرقام: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية في عدد من الولايات..    كيف حال الشواطئ التونسية..وهل السباحة ممكنة اليوم..؟!    عاجل/ شبهات اختراق وتلاعب بمعطيات شخصية لناجحين في البكالوريا..نقابة المستشارين في الإعلام والتوجيه الجامعي تتدخل..    الإدارة العامة للأداءات تنشر الأجندة الجبائية لشهر أوت 2025..    تحذير: استعمال ماء الجافيل على الأبيض يدمّرو... والحل؟ بسيط وموجود في دارك    "تاف تونس " تعلن عن تركيب عدة اجهزة كومولوس لانتاج المياه الصالحة للشرب داخل مطار النفيضة- الحمامات الدولي    اتحاد الشغل يؤكد على ضرورة استئناف التفاوض مع سلطات الإشراف حول الزيادة في القطاع الخاص    وفاة جيني سيلي: صوت الكانتري الأميركي يخفت عن عمر 85 عامًا    أحمد الجوادي في نهائي 1500 متر: سباحة تونس تواصل التألق في بطولة العالم    كيفاش أظافرك تنبهك لمشاكل في القلب والدورة الدموية؟    شنية حكاية ''زكرة بريك'' اللي خوّفت جدودنا؟    الرضاعة الطبيعية: 82% من الرضّع في تونس محرومون منها، يحذّر وزارة الصحة    سهرة قائدي الأوركسترا لشادي القرفي على ركح قرطاج: لقاء عالمي في حضرة الموسيقى    بطاطا ولا طماطم؟ الحقيقة إلّي حيّرت العلماء    القصرين: منع مؤقت لاستعمال مياه عين أحمد وأم الثعالب بسبب تغيّر في الجودة    تاريخ الخيانات السياسية (33) هدم قبر الحسين وحرثه    شنوّة جايك اليوم؟ أبراجك تكشف أسرار 1 أوت!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رشائيات: داروين والحلقة المفقودة
نشر في الشروق يوم 20 - 11 - 2009

يحتفل العالم بميلاد تشارلز داروين قبل مائتي عام في إنقلترا، كان داروين شديد الذكاء متعدد المواهب، أراد أبوه الطبيب أن يخلفه في المهنة نفسها ولكنه رفض الاستمرار في المدرسة المنتظمة، كان ينمي قدراته بالقراءة في المنزل واستطاع أن يدخل الجامعة التي كانت تسمح بالدخول بعد امتحان شخصي بغض النظر عن الشهائد، وكان الأب يقول إن هذا الابن لن يفلح، لكنه أفلح بما أنه ما زال يثير الجدل بنظرياته إلى اليوم ..
تزوج داروين عام 1839، وقرر الانفصال عن العالم في سبيل العلم وتوقف عن استقبال الزوار باستثناء صديقين من العلماء. باشر دراساته الميدانية الدقيقة والمعمقة للأجناس المختلفة، من فوق السفينة الحربية «أتش إم إس بيجل» لمدة خمس سنوات ما بين 1831 و 1836، وعمره لا يتجاوز 22 سنة، كانت رحلته منطلقا لنظريته حول تطور الأجناس. مؤسسا بذلك نظرية قوية عدت أحد أهم أعمدة العلم الحديث، التي عرضت قوانين الوراثة المسؤولة عن انتقال الخصائص الوراثية بين الأجيال واصطفاء الأصلح منها وتطوره إلى أجناس جديدة.
نظرية داروين تقوم على مبدإ بسيط وهو أن أي كائن حي يتغير بمرور آلاف وملايين السنين، وتنقرض منه أجزاء لم تعد تستعمل أو قلت وظائفها وتكبر وتتعاظم أجزاء أصبح استعمالها أكثر وأكبر أهمية، ويؤيد داروين نظريته بكثير من الأبحاث والملاحظات من الطبيعة وذلك بدراسة الحفريات القديمة والحيوانات التي انقرضت. وأصبحت النظرية تراثاً علمياً مهماً بني عليه الكثير من علوم البيولوجيا والأنثروبولوجيا، وأصبحت جزءاً من المقرر الدراسي لعلوم البيولوجيات في المدارس في العالم كله.
وقد ظن الكثيرون أن محور الخلاف في النظرية هو ادعاؤها بأن الإنسان يعود أصله إلى القرود، ومع أن هذه نقطة جوهرية في النظرية إلا أنها ليست كل ما تشمله وتدّعيه، النظرية وضعت لتأصيل عقيدة ورسم معالم منهج لحياة مجموعات من البشر رأت أنه لا بد لها من ربط علمي وتبرير منطقي لمعتقدها وسلوكها في الحياة..
تميز كتابه الأول «أصل الأنواع» برزانة منهجه العلمي، لاستناده على دراسات ميدانية دقيقة ومعمقة للأجناس المختلفة لمدة عشرين عاما،وأردف داروين كتابه الظاهرة بكتاب آخر يحمل عنوان «سلالة الإنسان» في سنة 1871 الذي طور فيه نظرية نشوء الإنسان وارتقائه عبر قوانين نظريته السابقة، كما طور فيه نظريته إلى آفاق شواهد وأسباب الاختلافات بين الحيوانات في قدرات العقل والتفكر والذكاء والأخلاق وتذوق الجمال. وأكد أن الاختلافات الملحوظة بين الأجناس هي في الحجم وليس في النوع، ذلك أن العديد من الحيوانات تملك الذكاء ولها عاداتها وطقوسها..
خلال رحلته شاهد جزيرة منعزلة مليئة بالحشرات والنباتات التي لم يلمسها إنسان وأخذ عينات من الطيور والنباتات.
وعلى غرار غيره من علماء الطبيعة وجد العالم البريطاني لدى الحيوانات العديد من السمات المشتركة التي بحث عن أصل نشوئها. وأراد أن يفهم على سبيل المثال لماذا جميع أولئك الذين يملكون منقاراً يملكون أيضا ريشاً، أو لماذا الذين لديهم أطراف لديهم أيضاً فقرات..
وباستناده إلى الجيولوجيا أظهر داروين تطور الأصناف بفضل الانتقاء الطبيعي الذي يفضل بعض السمات (القامة اللون الشكل...) أو تصرفات الكائنات الحية في بيئة معينة...
ونظريته التي كشفت في 1859 في «أصل الأصناف من خلال الانتقاء الطبيعي أو صون الأعراق المميزة في الصراع من اجل البقاء» صدمت بقوة جميع الذين يؤمنون في الخلق الإلهي لأنواع ثابتة ودائمة..
وسرعان ما استغل فكر داروين من بعض الذين استخدموا شعار «بقاء الأفضل» لتبرير هيمنة العرق الأبيض أو الحضارة الغربية، مثل هتلر مثلاً ...
كتب داروين في الفصل الخامس أن الإنسان هو نوع من الثدييات نشأت مع القرود، وأن الأصناف التي تصمد ليست هي الأصناف الأقوى ولا الأذكى بل هي تلك التي تتكيف بشكل أفضل مع التغيير. والدليل هو الديناصورات».
وفي كتابه «تدرج الإنسان والانتقاء المرتبط بالجنس» الذي نشر بعد 12 عاما . يوسع داروين نظريته، ليشمل الإنسان الذي يحمل دوماً مع كل طاقاته الجليلة في تكوينه الجسدي البصمة الثابتة عن أصله. ويظهر داروين كيف أن الانتخاب الطبيعي» انتقى في التطور البشري تنمية الغرائز الاجتماعية وزيادة ملكاته العقلية» . ونتيجة لما يتميز به الإنسان المعاصر من عقل وتفكير، ومنطق وترجيح فإنه كانت هناك مرحلة بين القرود والإنسان سميت بالحلقة المفقودة. والتطور البشري مستمر منذ وجود الإنسان الأول، و هذا التطور صاحبه هجرات الأنواع البشرية المتطورة عن أسلافها إلى مناطق أخرى جديدة لتتكيف مع الأوضاع الجديدة، و أخذ منحى آخر وهو في العقل والذكاء والمنطق، ولا يعتمد كثيرًا على الشكل والأعضاء، ونتيجة التسلسل في التطور البشري، فإن الأجناس في أسفل السلسلة أقرب للطباع الحيوانية من حيث الإعتماد على الوسائل البدائية والقوة البدنية والجسدية ، من الأجناس في أعلى السلسلة والتي تتميز بالإعتماد على إستخدام العقل والمنطق، وهي أكثر ذكاء وإبداعاً وتخطيطاً وتنظيماً ومدنية من الأجناس السفلى في السلسلة .
ونظرية التطور في علم الأحياء التي حجبت في الخمسينات مع إكتشاف الحمض الريبي النووي، والتطورات الفيزيائية الكيميائية على مستوى الجزئيات، تشهد منذ نحو عشرين سنة انطلاقة جديدة، أظهرت لدى الإنسان مشكلات تكيف مرتبطة بالتغيرات السريعة جداً، فمثلاً إستهلاكنا الكبير للسكر سبب إنتشارا مفاجئا لحالات البدانة وقصر النظر وحب الشباب.
وبعد مرور 150 سنة على ظهور نظرية داروين، فإنها لا تزال نموذجاً علمياً مهماً ومستقراً في البحث العلمي والمعرفي للبشرية، بعدما أيدتها حزمة واسعة من البراهين والأدلة والاكتشافات العلمية الدقيقة، التي عززت قوتها كمدخل أساسي في عالم البيولوجيات.
وأنا أقرأ دراسات داروين تساءلت في أي درجة من التسلسل البشري نحن .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.