حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي قبل بورقيبة مشروع المخطط الذي قدّمه له الوزير أحمد بن صالح، بخصوص التخطيط في تونس.. وكان أن تكلّم الباهي الأدغم عن المقترح، بعد ان بسطه بورقيبة وأقرنه بالموافقة (موافقة الرئيس) حيث قال الأمين العام للحزب: لماذا هذا الأمر؟ (ونعته بالهرجة) فنحن عندنا مشاريع الشُعب.. ويقصد ان الشعبة الدستورية يمكن ان تقوم مقام مشاريع التخطيط والمخططات التي تحدث عنها مشروع بن صالح». وقد رأينا امس،كيف ان بورقيبة واصل قدما باتجاه قبول المشروع.. وهنا واصل «سي أحمد» كشف تفاصيل المشروع الذي قدّمه الى بورقيبة والذي مثّل موضوع اجتماع الديوان السياسي حيث سألته عن تفاصيل المذكّرة التي قدّمها الى بورقيبة فأردف بالقول: «المذكّرة هي عبارة عن مخطط لنهضة المجتمع... فيها تخطيط لما يجب ان يقع... وهناك ديناميكية في مستوى التنمية، تتضمّنها مقترحات المذكرة.. وارتأينا ان نقرّ مخططا، ليس من النوع السوفياتي الذي فيه قهر... ولكنه مخطط يقي الانسان من النزول الى السفاسف. ففي فرنسا يتحدثون عن مثل هذا النوع من المخططات وينعتونه بالمخطط المؤشر: Un plan indicatif.. يعني ان المسألة تتضمن زبدة الهدف... هو تربية للمجتمع التونسي، الذي يرى انه يجب ان يتجه الى المستقبل وفق خطة.. بعبارة أخرى أن الانسان يجب ان يفكّر أولا والتخطيط هو أول مراحل التفكير، بل هو التفكير اولا وهو عملية تربوية للقيام بواجبات المجتمع نحو نفسه. وبالنسبة الى القيادات وواجباتها نحو المجتمع هناك أمور متسلسلة».. وهنا كشف «سي أحمد» النقاب، وبشيء من الاقتضاب دون كثير إفصاح أنه أحسّ بنوع من التململ وبعض النظرات المتبادلة بين بعض الحضور، عند مناقشة المذكّرة التي قدّمها.. «ولكن الغريب في الأمر، انني ولما شعرت بهذا الأمر، لم أعره اهتماما... ومعلوم ان في ذاك الوقت (1960) كانت هناك كتابة دولة للتخطيط ، وكان على رأسها أستاذي الذي درّسني عبد السلام الكناني». وهنا كشف «سي أحمد» النقاب ان الحضور تألف من بورقيبة (رئيس) والباهي الأدغم أمين عام الحزب والهادي نويرة والصادق المقدّم والمنجي سليم وعبد المجيد شاكر والطيب المهيري... مضيفا ان المسألة لم تكن سهلة.. لكن «تمت الأمور وعُيّنت كاتب دولة للتخطيط (أي وزير) فوجدت في الوزارة واحدا وعشرين شخصا بمن فيهم «الشواش» والكتبة، وقد صدر الأمر بعد اجتماع الديوان السياسي مباشرة وقد تولى تنصيبي الباهي الأدغم». كيف باشرت عملك بالوزارة الجديدة؟ عن هذا السؤال يجيب «سي أحمد» كما ستقرؤونه في الحلقة القادمة.