حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي بعد أن حصل ما حصل، وقال برقيبة ل «بن صالح» ما معناه، إن فكرة تعيين مدير الحزب في خطّة كاتب دولة مساعد لدى بن صالح الذي سيتولى وزارة التخطيط، هي فكرة غير لائقة، واصل «سي أحمد» كشف المزيد عن قصّة تعيينه في خطة وزير التخطيط: «جاءني الهادي نويرة، بعد أن طلب مني أن لا أفعل شيئا ولا أتّخذ قرارا، وذلك على اثر الشكوى والتذمّر اللّذين أبديتهما له... تقابلنا وإذا به يطالعني بالقول: «Tu as tout à fait raison, tu vas avoir les finances» معك حق، سي أحمد، وسوف تأخذ المالية مع التخطيط». كان «سي أحمد بن صالح»، وبعد أن قدّم المذكّرة الى بورقيبة والتي رسم فيها قناعاته والأهداف التي يمكن أن تصل إليها البلاد بفضل التخطيط والرؤية المستقبلية لعمل الدولة، قد تعرّض كما ذكر ذلك آنفا، الى عديد العراقيل... وهنا، جاءه الهادي نويرة بالحل، الذي سيكون من خلاله الاستاذ أحمد بن صالح وزيرا للتخطيط والمالية... كيف ذلك؟ يضيف «سي أحمد» بن صالح قوله: «... فعلا وبعد أيام قليلة عيّنت وزيرا لوزارتين في الأصل، التخطيط (والتي كانت تسمّى التصميم) والمالية...» ولكن «سي أحمد» الذي يحاول أن لا يكشف كل شيء لم يجب عن سؤالي حول عملية التنصيب التي لم تأت، وأن الباهي الأدغم، الذي كان من المفترض ان يقوم بعملية تنصيب بن صالح في الوزارة الجديدة، كان غير راغب في أن يكون «سي أحمد» في المالية... ولكن صاحب المذكّرات لا يعلّق على هذه الحقائق، ويتعفف ليتجاوزها، حسب ما فهمت، الى الأصل ليقول: «أنا لا أعرف الهدف او طرق العمل، ولكني وجدتها فكرة ذكية وتقدّمية جمع التخطيط مع المالية... اذ لا يمكن ان تنجز مخططا ثم تبقى في انتظار ان يوافق الطرف الاخر في المالية على ما طلبت... شخصيا، وبقطع النظر عن أنني أنا الذي عيّنت على رأسها، اعتبرت جمع التخطيط والمالية خطوة ذكية من رئيس الدولة... ثم إن الهادي نويرة، وكما ذكرت من قبل، كان صديقي، وهو الذي وافق على دمج الوزارتين في وزارة واحدة»، وهنا عرّج صاحب المذكّرات على تفصيل نظري، يهم علم الاقتصاد والمال، وأيهما يمثّل الأصل فقال: «كنت مختلفا مع العديدين... ثقافتي متعددة المشارب، وليست فرنسية... فقد مكّنتني تجربتي من أن أجول عديد البلدان، وكنت، بحكم خطّتي في السيزل، اطّلع على تقارير مختلفة لنقابات عمالية مختلفة عبر العالم... وهذا الكلام، قلته أكثر من مرّة للرئيس بورقيبة... لست رجل اقتصاد، ولكن عديدين ممّن درسوا واختصّوا في القانون، درسوا الاقتصاد في كليات الحقوق... والآن أقولها لك: لا أؤمن ان هناك علوما اقتصادية طوال الفترة التي سبقت، بل ان المال هو الذي دخل في الاقتصاد... فهذه مدرسة شيكاغو (ورائدها فريدمان) ومنذ عشرات السنين، جعلت المالية والمال عنصرا مسيطرا ومحرّكا للاقتصاد، بينما كانت المالية، وهي كذلك في الأصل، أداة الاقتصاد... لكن الذي عشناه ونعيشه هو أن الاقتصاد أصبح أداة للمالية... تماما مثل الديمقراطية... فهي آلية من آليات الحياة الديمقراطية... كذلك الشأن بالنسبة الى التجارة... فهي وسيلة لنقل الانتاج، ولا يصحّ أن تتحول الى عنصر مسيطر على الانتاج...فمثلا تجدين في عديد البلدان، أن وزارة التجارة هي وزارة الاقتصاد... وهذا خاطئ... فالاقتصاد هو البشر الذي يعمل وليس الذي يتصرّف». بعد هذه النبذة النظرية والمعرفية، يواصل «سي أحمد» بن صالح، غدا، إن شاء ا&، بقية القصّة التي حفّت بولوجه وزارة «التخطيط والمالية».