حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي بداية هذه الحلقة أردت التصويب والتنويه، بأن شركة الكهرباء والغاز STEG لم تؤمم عهد احمد بن صالح، بل انها تأسست في بداية الستينات اي عندما كان سي أحمد بن صالح وزيرا للتخطيط والمالية على ان نواة «الستاغ» STEG كانت انطلاقا من تأميم مجموعة من شركات كهرباء فرنسية، تونستها الدولة الفتية وقتها... لذا وجب الاعتذار والتنويه.. كثيرا وطوال هذه المذكرات، ما تحدّث «سي أحمد» بن صالح عن الهادي نويرة، محافظ البنك المركزي زمنها، وما فتئ صاحب المذكرات يردّد انهما كانا صديقين (بن صالح ونويرة). وقد شدّد في حلقة امس، على ان احتراز نويرة على موضوع السياحة وبناء النزل، لم يكن من حيث المبدأ، «بل كان نويرة محافظ البنك المركزي مترددا وأنا معه، فهناك عملية استنزاف للعملة ان نحن أقدمنا على بناء النزل، بتلك المواصفات وتلك التكلفة التي ذكرت... لكننا كنا في عهد انطلاق.. كان لابدّ من الانطلاق في جميع مجالات البناء، فكان ان كوّنا شركة لقطاع السياحة اسمها (SHTT) ثم تمت جلسة خاصة حول ملف السياحة ترأسها الرئيس بورقيبة وحضرها المسؤولون ومن يهمهم الأمر، ومنهم المسؤول عن المالية والبنك المركزي والأشغال العامة والإسكان، بدأ الرئيس بورقيبة (رئيس الجلسة) كلامه ببسط الموضوع، ثم التفت الى الهادي نويرة وقال له: «تفضّل سي الهادي»... تكلّم محافظ البنك المركزي (نويرة) وعبّر عن احترازاته في خصوص الاستثمار في القطاع السياحي، اي تشييد النزل، ثم التفت إليّ بورقيبة وقال: «ما هو رأيك يا سي أحمد؟ فقلت: أنا موافق على احترازات الأخ الهادي نويرة، لكني أقول يجب ان نسأل: ما العمل في تونس، والمشهد كما وضحناه.. فتونس ليس فيها نفط، ويجب ان يتحرّك التعليم والاقتصاد لذا علينا ان نقوم بكل الوسائل المتاحة.. يجب ان نستعمل امكانياتنا الضعيفة بحيث نتّبع خطة او توجه النضال التنموي... نحن عندنا ثروة المناخ وثروة البشر... وهنا أذكر انني تجاسرت في تلك الجلسة وقلت للحضور ولبورقيبة الرئيس: سيد الرئيس، أنا أتعهد هنا أمامكم، بأن هذه العملية الحسابية التي تقتضي 85٪ عملة أجنبية و15٪ عملة وطنية لتشييد نزل واحد، أتعهد بأن أقلبها بحيث تصبح التكاليف بالعملة الأجنبية 15٪ فقط.. وأن 85٪ من تونس. كانت مغامرة في الحقيقة، وذلك عند سماعها، ولكن في الحقيقة كان مخططا لها... جاءت خاتمة الجلسة كلمة على لسان الرئيس بورقيبة وقال ما معناه: هذه نظرية او نظرة مستقبلية في حين ما قيل من بسط للعراقيل هو من عداد الواقع والموجود ثم التفت إليّ بورقيبة وقال: «طيب (Cللهapos;est bon) توكل على الله يا سي أحمد».. «وفعلا دخلنا المعركة بشركة SHTT، وكانت الخطة، ان اتجهنا في نفس الوقت الى الصناعات التي تخدم السياحة.. وقد أشرت خلال مداخلتي في الاجتماع المذكور الذي ترأسه بورقيبة بأننا سنستعمل السياحة، كصناعة مصنّعة..لقطاعات أخرى». قلت ل«سي أحمد»: ماذا تعني بذلك؟ فقال: أخذنا مقرات ومساحات، كانت عند المستعمرين الفرنسيين، مما تركوه على إثر خروجهم وعرضناه على الخواص مثل المعامل وغيرها وعرضنا عليهم تسوّغها بثمن رمزي... حتى يقيموا معامل لانتاج أثاث النزل مثل الأغطية واللحافات.. والصحون من الفخار الراقي porcelaine.. كما كوّنا شركة تنتج الثلاجات الصغيرة التي توضع في غرفة النزل، إضافة الى شركة تصنع القوارب الصغيرة التي يستعملها السياح في البحر.. بدأ قسم كبير من تكلفة ال 85٪ من المورّد، يتقلص في وقت قصير، الى درجة انه وقبل انقضاء سنتين من الاجتماع والوعد الذي قدّمته، طلبت من رئيس الجمهورية بأن يخصص لنا نصف ساعة، لنبسط أمامه مكوّنات معرض، كان بالفعل مفاجأة لما أقمناه حول السياحة في تونس.