قال مسؤول هام بوزارة الصحة ل«الشروق» قبيل انطلاق اللقاء الصحفي المنعقد عشية السبت الماضي إن «الوزارة تعوّل بشدّة اليوم على الوعي الصحي لدى المواطن التونسي.. كأفضل حل للتصدي لانتشار فيروس «N1 A/H1» أو ما يعرف بأنفلونزا الخنازير.. هذا التصريح الخاص قادنا الى طرح السؤال على البعض في الشارع عن مدى معرفته بأنفلونزا الخنازير.. وكيفية الوقاية من العدوى.. فكانت إجابتهم متشابهة حدّ التطابق.. موحدة ساخرة تقول «ما نعرف شي».. بعضهم قال إنه مرض خطير والآخرون وعددهم قليل قالوا إنه اكتشاف جديد!!! «ظهوره في المكسيك لم يشكل خبرا مهما لدينا.. إذ ساد الاعتقاد حينها أن البعد الجغرافي وشساعة المحيط الأطلسي ستباعد بيننا وبين الفيروس».. ويضيف محمد هاني أستاذ الفيزياء بأحد المعاهد الثانوية بالعاصمة متحدثا عن انفلونزا الخنازير «لم نشعر بأننا مهددون بالاصابة إلا حين أطلّ علينا أخصائيون في أزيائهم الطبية ينصحوننا بغسل اليدين مرات عدة وبالابتعاد عن المصافحة الحميمية في ومضة تلفزية تتكرّر كثيرا على الشاشة.. ورغم ذلك لم نشعر أن الفيروس قريب منا». ويتذكّر ساخرا يوم صافحه صديقه قبالة أحد المقاهي يخبره أن الفيروس وصل بلادنا.. بعد التأكد من إصابة تونسيتين قادمتين من أمريكا الشمالية بداية شهر جويلية الماضي. تماما كما يتذكر كيف ذعر الكثيرون يوم اعلان وفاة تونسيين أصيبا بالفيروس.. وكيف أن من «يعطس» أو «يسعل» أصبح محلّ شبهة في المقهى صبيحة ذاك اليوم. يقول «لم يعد هذا الخطر بعيدا اليوم.. هو بيننا قد يعود به طفلك من المدرسة كما قد تعود به أنت من المكتب أو من وسائل النقل العمومية أو من السوق». لكن هل الكل على دراية بكيفية الوقاية منه؟.. هكذا تساءل محدثنا بعد صمت قصير.. مؤكدا أن الكثيرين ربما في حاجة لاكتساب ثقافة صحية تقيهم عدوى تناقل الفيروسات.. كيفية الوقاية الحل الأمثل لتفادي العدوى هو تجنّب الاختلاط حسب رأيه.. الأمر الذي جعله يختفي داخل سيارته منتظرا قضاء شأن ما. قال علي الطرابلسي ساخرا وهو يتحدث إلينا من خلف زجاج نافذة السيارة.. «سيارتي مصفحة ضد الفيروسات أثق في ذلك.. لهذا أفضل حبس نفسي داخلها منتظرا إن كنت في انتظار قضاء شأن ما بدل الاختلاط بالآخرين وربما التعرّض للعدوى». ودون أن يفارق لهجته الساخرة يضيف «يعلم الجميع أن أنفلونزا الخنازير مرض تنفسي لكنهم يجهلون في المقابل طرق الوقاية منه فالأطباء ينصحوننا عبر الشاشة بغسل اليدين كما لو أننا نجهل غسل اليدين.. لذلك ظلّت أسئلتنا معلقة حول كيف يمكن الوقاية منه وهل يكفي غسل اليدين لتجنب العدوى»؟ اللهجة الساخرة تتكرر على أفواه آخرين وهم يعلنون «الانفلونزا» مرض تنفسي قد تكون اعراضه عادية لدى البعض كما قد تتسبب في مضاعفات لدى البعض الاخر... لكنهم يجهلون الوقاية منه حسب رأي عادل. تجارة صيدلية لماذا سُميت بالانفلونزا ولماذا يطلق على القريب الموسمي تسمية «ڤريب» هذا السؤال أرهق نادية العاملة بأحد محلات بيع الأحذية. تقول تسميته تختلف وبالتالي هو مغاير لما نعرف لذلك يتناقل الكثيرون التسمية على أنها وجع جديد قاتل. الانفلونزا مرض انتشر في التليفزيون حسب رأي محمد دبارة ثم انتشر في بلادنا، يقول مبتسما «حدّثتني احدى حريفات المحل هذا الصباح عن الانفلونزا قالت لي إنّ إحدى المدارس القريبة سيتم إغلاقها بعد التأكّد من اصابة أربعة تلاميذ». ويضيف محمد أن «للانفلونزا علاجا فعّالا وكل مرض وجد له دواء سيكون عاديا». خطوات أخرى كثيرة... قطعها السؤال... فردّ أصحابها بنفس الملامح الساخرة... وبلهجة متشابهة «لا نعرف شيئا عما تسألون»... وقلّة منهم قالوا إنه اكتشاف جديد في عالم الأدوية. فوزي الشريف قال إن انفلونزا الخنازير تجارة صيدلية وفيروس تجارية أعدّ في مخابر صناعة الأدوية واصفا هذا الفيروس بالقاتل. كما تحدّث عن التلقيح فوصفه بالوجه الآخر للاصابة مشيرا الى أن من نجح في وقاية نفسه من الفيروس سيصيبه اللقاح وكلها طرق على أبواب التجارة الصيدلية. ويعتقد المتحدّث ان المقاومة الغذائية حل لتفادي الاصابة ويرشّح اللبلابي كأكلة غذائية شعبية متكاملة كأفضل الأطباق لمقاومة الفيروس. ويضحك فوزي ممسكا بيمناه صورة المنتخب الجزائري قبل أن يضيف «الانفلونزا لم تعد ذات شأن يذكر بين التونسيين فكل الاهتمام موجه أوّلا «لعلوش» العيد وثانيا للدربي بعد حوالي أكثر من أسبوع». عادي ضحى أستاذة تعليم ثانوي كانت تقتطع تذكرة مأوى لسيارتها حين سألناها فطلبت منا عدم الاقتراب أكثر وترك مسافة أمان بيننا لأنها تشك في اصابتها. قالت ان طفلها البالغ من العمر 5 سنوات ارتفعت حرارته منذ مساء الخميس الماضي بعد أن تسرّبت له العدوى في قسمه التحضيري أو في المسبح... وبعد اجراء التحليل صبيحة السبت تأكدت اصابته بفيروس «N1 A/H1». أول اجراء اتخذته ضحى هو اجلاء طفلتها من المنزل حتىلا تتسرّب لها العدوى... وثانيها ارتداء الكمامة هي وزوجها في المنزل لأن طفلها نظرا لصغر سنّه لا يستطيع ارتداءها. وعن مدى معرفتها بالانفلونزا أوضحت أنها مطلعة على كل المعلومات وتعلم جيدا أنها تتميز بسرعة الانتشار وأنها قد تكون ذات مضاعفات خطيرة لدى أصحاب المناعة الهشة مثل الأطفال والمسنين والحوامل. تصف المرض بالعادي وتؤكد أن أسبوعا فقط يكفي لتجاوز المرض ان شاء ا&. الطفل نسيم الحمادي قال بدوره إنه يعرف مرض انفلونزا الخنازير بعد ان حدّثه والده في الأمر كما شاهد ذلك في الومضة التلفزية بالاضافة الى ما أخبرتهم به مديرة المدرسة. عن كيفية الوقاية يقول نسيم عليّ أن أتجنب الاختلاط بالاصدقاء سواء كانوا مصابين أو سالمين كما علي غسل يدي أكثر من مرة في اليوم الواحد... وفي حال أصبتُ عليّ أن لا أسرّب العدوى للاصدقاء».