آثار زاخرة خلفتها العاصمة الفاطمية الثانية، صبرة المنصورية، إحدى المدن الدارسة بالقيروان مدينة يلفها التراب ويغشاها تاريخ تالد خلف في جوف الأرض شواهد فنية غيبها التراب اثر أحداث يذكرها التاريخ أهمها الزحف الهلالي. ومن بين القطع الأثرية التي تم العثور عليها ذلك الرأس البشري المصنوع من الجص على غرار العديد من القطع الأثرية الأخرى الحيوانية والبشرية، وجد هذا المجسم البشري داخل تجويفة أثرية خلال حفريات جرت بموقع صبرة المنصورية، في مجال أثري مبعثر مما جعل إمكانية تأريخها بشكل دقيق مسألة شبه مستحيلة بالرغم من ذلك يبقى من المؤكد أنها تنتمي إلى الفترة الفاطمية الزيرية (منتصف القرن العاشر منتصف القرن الحادي عشر) التي تصادف فترة احتلال موقع صبرة المنصورية. تعرض هذا الوجه الرجالي المصنوع من الجص إلى بعض الأضرار الخفيفة خاصة على مستوى الأنف والفم وجزء من العين اليمنى تتميّز الشخصية الممثلة بعيون كبيرة مرسومة بتقويسة بارزة، وتمثل هذه المنحوتة رجلا ملتحيا يرتدي عمامة على رأسه. بالإضافة إلى التماثيل الجصية تم كذلك العثور على مجسدات من الخزف، أنجزت معالم الوجه بشكل بسيط جدا غابت عنه كل التعابير، من خلال بعض التقاسيم كالعيون الدائرية والوجه، وهذه التماثيل تذكرنا ببعض التشخيصات التي تظهر على بعض النصب الدينية الإفريقية التي تعود إلى الفترة الرومانية. وتوجد العديد من بقايا هذه التماثيل بمنطقة القيروان، ويدل على ذلك منحوتة مدينة المهدية الرخامية التي تشبه إلى حد كبير بعض مرمريات صبرة المنصورية وعلى عكس ما يمكن أن يعتقده البعض فإن هذه المجموعة الإفريقية لا تشكل سابقة في الفن الإسلامي، إذ أصبحت الأشكال المجسمة والمنحوتة على الرخام تزين منذ العصر الأموي مختلف القصور والمباني. وفي هذا الصدد كشفت الحفريات الأثرية التي جرت بكل من قصر الحير الغربي بسوريا وقصر المشتى بالأردن عن أثريات فريدة تنم عن استمرار الفن الإغريقي الروماني، وليس من المصادفة أن يكون المجسم الذي يعتبر تمثالا للخليفة الأموي هشام بن عبد الملك الذي حكم ما بين (724م 743م)، قد اكتشف بقصر الحير الغربي وهو نفسه تمثال لشخص ذي وجه ملتحي وعيون كروية تذكر بتماثيل صبرة. خلال فترة لاحقة من العصر العباسي، وبالضبط ابتداء من القرنين العاشر والحادي عشر، تم صنع مجسمات أخرى مماثلة ببلاد الرافدين وإيران ومصر، وتبدو قسمات الشخصيات المنحوتة هنا متأثرة بآسيا وهي عبارة عن وجوه مستديرة ممتلئة الخدين، ذات عيون مشدودة الأطراف على غرار عشرات التماثيل المكتشفة إبان حفريات قصر أبو نصر بالعراق.