المدرسة الطبية القيروانية ورجالاتها الملقبين بفقهاء البدن في طليعتهم أبو جعفر بن الجزار، وأبحاث الأدوية وبعض الأمراض مثل أمراض المعدة وخفقان القلب والمعوقين في الطب الإسلامي تلك هي بعض محاور الندوة الوطنية مدرسة القيروان الطبية وموقعها في الطب العربي الإسلامي التي افتتحها والي القيروان مؤخرا نيابة عن وزير التعليم العالي والتي تمتد على مدى ثلاثة أيام بالقيروان. الندوة نظمتها «الايسيسكو» بالاشتراك مع مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان وبالتعاون مع الجمعية التونسية لتاريخ الطب والصيدلة. وبمشاركة ثلة من الدكاترة والباحثين من دول المغرب العربي وأوروبا والدول العربية وبحضور أعضاء قدماء معهد نهج الباشا وثلة من الإطارات الجهوية بينهم مدير مستشفى ابن الجزار الجهوي بالقيروان وممثل المدير العام للايسيسكو وممثل عن وزارة الثقافة التونسية. ولدى افتتاحه لهذه الندوة أكد مدير مركز الدراسات الإسلامية الثراء الحضاري للقيروان في شتى المجالات. حيث لم يقتصر نبوغ علمائها في الآداب والعلوم الشرعية بل تعداها إلى علوم الجبر والطب والصيدلة مؤكدا ان هذه الندوة التي تبحث في مجالات القيروان الطبية إلا دليل على ذلك. مساهمة راقية من جهته اكد الأستاذ محمد كمال الغماري كلمة الأسيسكو أن مدرسة القيروان الطبية اشتهرت بمساهمتها العلمية الراقية المشار اليها في عديد مصادر التاريخ العربي مبينا ان أكثر ما اشتهرت به هذه المدرسة (الطبية) هو طابعها الإنساني المميز من خلال عناية اكبر أطبائها ابن الجزار بطب المعوزين والمحتاجين تاليا قول الجزار كيف أنه شرع في تأليف كتابه المعروف بطب الفقراء والمساكين لمّا رأى كثيرا من أهل الفقر والمسكنة يعجزون أن ينالوا منافع كتابه زاد المسافر وغيره. كما أشار الأستاذ الغماري أن الدراسات والأبحاث المقدمة عن القيروان بمناسبة إعلانها عاصمة للثقافة الإسلامية، أثبتت تنوعا في التخصصات العلمية وتميزا في التراث الذي تركه علماؤه علاوة على التفوق النوعي في علوم الفقه والأدب والطبّ. أما عن مشاركة أساتذة الجامعات والأطباء العرب من كل من المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر والسعودية وسوريا والعراق في هذه الندوة فبين الغماري انها تعكس الوحدة الثقافية التي تتميز بها النخبة المثقفة في العالم العربي، وتعكس من ناحية أخرى المكانة الخاصة التي تحتلها القيروان في الذاكرة العربية والإسلامية. اشعاع متجدد من جهته أشاد والي القيروان ياسين بربوش بمحور الندوة واختيار محاورها مؤكدا ان عقد ندوة عن مدرسة الطب القيروانية يثبت ما بلغته القيروان من ازدهار كبير على المستوى العلمي. مضيفا ان الندوة توفر فرصة لتلاقح الأفكار والآراء وان الندوة تعيد للقيروان توهجها دوليا واقلميا وانها ستشكل منطلقا لمزيد البحث والاستفادة من الإرث الطبي تأكيدا لما يحظى به البحث العلمي في تونس من مكانة. الدكتور أحمد ذياب رئيس الجمعية التونسية لتاريخ الطب والصيدلة قدم من جانبه برنامج الندوة التي من المفترض ان تاتي على أنواع من الطب بينها الطب النفسي للأطفال والطب الوقائي وطب العيون والحديث عن المصطلحات الطبيّة وعن العلاقة بين الطب والصيدلة وغيرها من المسائل التاريخية والاشكاليات من ذلك إنكار البعض وجود مدرسة طبية قيروانية (جمعة شيخة). وقد كان عرضه في شكل أسئلة وفقرات من المحاضرات بأسلوب طريف. مؤكدا انه تمت دعوة جوال ريكوردال من فرنسا لتقول لنا رأيها في الطب الإسلامي والسيد جيوفاني كاتالاني من ايطاليا ليقول لنا رأيه في قسطنطين الإفريقي الذي أخفى مصادره لاعتبارات أمنية إبان الحروب الصليبية فادعوا أنه ابتدع أراءه وعلمه مبينا ان الهدف من هذه الندوة تسليط الضوء على جزء من الحضارة لم يعترف به داخليا وخارجيا. توهج الحضارة ندوة المدرسة الطبية القيروانية جاءت بعد يومين من افتتاح معرض الادوات الطبية بالقيروان وعن هدف تنظيم هذه التظاهرة (الندوة والمعرض)، ذكر الدكتور ذياب ان ذلك يهدف الى إبراز إبداع هذه المدرسة الطبية في القرون الوسطى حين كانت اوروبا تعيش في الظلمات قبل ان تشع اليها المدرسة الطبية القيروانية. وقد كانت القيروان وبخاصة رقادة مركز إشعاع الى كامل المغرب العربي تأخذ وتعطي عدة معلومات. وقد نقل أطباء كثيرون جاؤوا الى القيروان عن ابن الجزار. وبين الدكتور ذياب ان الهدف من الندوة التي تشارك فيها جمعيته هو تسليط الضوء على جزء من الحضارة بقي مجهولا (داخليا) وخارجيا. داخليا بجهل الناس لحضارتهم وخارجيا بأن ما هو إسلامي مكتوم ومكبوت ومعتم عليه فدور مثل هذه الندوات هو إبراز إسهاماتنا العلمية والحضارية في التاريخ الإنساني. كما ان إقامة معرض يهتم بالطب التونسي عبر 2000 سنة من التاريخ وعرض 400 آداة جراحية استعملها الأطباء في العصر الوسيط وهي تمثل شاهدا على تطور الأطباء في ذلك العصر ولوحات زيتية لأطباء القيروان. والجدير بالذكر أن جمعية تاريخ الطب والصيدلة التي تشارك في الندوة تأسست أوائل الثمانينات على أيدي أعضاء مازالوا موجودين في الجمعية توفي منهم رئيسها الدكتور سليم عمّار وقد نظمت في الثلاث سنوات الأخيرة 10 ندوات حول تاريخ الطب والمصطلحات القديمة وفوائد التعلم في المصطلحات القديمة وربطها بالمصطلحات الحديثة. تعاون حضاري ولعل ما يستحق الذكر ويثير الانتباه هو متابعة أعضاء جمعية قدماء معهد نهج الباشا لفعاليات هذه الندوة تتقدمهن رئيسة الجمعية الدكتورة نايلة بن ناجي جبيرة ومعظمهن من الأطباء والأساتذة ولعل للندوة علاقة بنشاط الجمعية.