مجرد سهو الخميس 3 12 2009 الساعة السابعة ودقائق مذيع يحقق مع أحد الكتاب الشبان أو لنقل يستنطقه.. إجابات الكاتب الشاب ممتازة وكبيرة وهو صاحب جوائز. سأله المذيع عن الأعمال التي قرأها وأثّرت فيه.. ذكر كاتبنا عدّة عناوين.. جيد! لكن هل يعقل أن يقرأ كاتب كتابا ويتأثر به ثم ينسى إسم كاتبه؟ وهل يعقل أن لا يعرف كاتب تونسي في مجال القصة والرواية د. عبد القادر بن الحاج نصر وهو الذي قاربت مؤلفاته العشرين؟ هل يعقل أن يطال النسيان هذا الأديب الرمز في تاريخ الأدب التونسي الحديث والمعاصر؟ سرد الكاتب المؤلفات التي أثرت فيه ثم ذكر رواية مقهى الفن التي نسبها لكاتب قال انه ينساه دومها (حسب تصريحه).. الغريب أن المذيع مرّ على الحادثة مرور الكرام ولم يوضح المعلومة المنسية أي مؤلف رواية مقهى الفن ثم مرّ مستغربا وقال له: «كنت أتوقع أن تقول رواية البشير خريف..» هذا ما حدث.. بدون تعليق.. على هامش شيوخ «حنبعل» (1) عادت «حنبعل» الى مجلس شيوخها.. تلك السلسلة الهزلية المضحكة (على الفور).. نضحك رغم أن المضحكات ارتجالية ولكن الضحك من الشيوخ يثير بعض الأسئلة.. (2) أين هؤلاء الشيوخ؟ أين هؤلاء الكبار؟ إنهم فئة على وشك الانقراض.. مات منهم من مات ومرض من مرض.. كلّما رأيت شيوخ «حنبعل» أحسست بالحنين الشديد الى هؤلاء.. لقد كانوا يزينون مجالسنا و«حومنا» وقرانا ودكاكينا ومنازلنا ومقاهينا وهم يرفلون في جببهم وشاشياتهم ومعاطفهم وسراويلهم الفضفاضة.. لقد كانوا علامة متميزة في مجتمعنا.. تعلّمنا منهم الكثير ونشأنا عليهم رغم أنهم كانوا أقل ثقافة ومعرفة.. إن فئة الشيوخ شئنا أم أبينا «فخار بكري» ولعل الكثير منا يشعر بالحنين الى هؤلاء.. وليس من اللائق أن نتخذ هذه الفئة هزءا.. ليس من اللائق بنا أن نضحك من فئة الشيوخ رغم ما تثيره من طرائف.. لا مجال كي ننسى انهم أيضا قد يتواجدون أمام التلفزة ويشاهدون هذه السخرية بألم.. فلنخرج من هذا الاضحاك السهل الذي يعتمد على السخرية والذي ينتهجه البعض.. لنخرج من هذا الاضحاك السهل الذي يقوم على السخرية من بعض الفئات.. حينا من الشيوخ وحينا من البدو وحينا من اللهجات العربية الشقيقة.. إنه إ ضحاك استفزازي.. ولا بد لهؤلاء الفكاهيين من البحث عن إضحاك أكثر براءة وموضوعية وحبكة.. هل يمكن للفضائيات أن تصنع لنا شعراء؟ (1) منذ أعوام اتجهت بعض الفضائيات العربية الى الشعر وأطلقت برامج ومسابقات للشعراء العرب تحت تسميات مختلفة توحي أن الشاعر الفائز سيتربع على العرش الشعري العربي.. هذا العرش الذي كان مصيره مثل الامبراطورية العثمانية فزال مع رحيل الرواد.. (2) ظلّ العرش الشعري العربي شاغرا بعد رحيل نزار قباني ودرويش.. بل زال هذا العرش تماما وصار مجرد طيف وتفرّق العرب شعريا.. لم يعد ثمة شاعر يتناقل العرب قصائده في كل مكان ولم يعد ثمة شاعر يقدر على تعبئة ملايين المثقفين والمتذوّقين.. شعراء اليوم: ملوك وأمراء طوائف صغيرة قد لا يتعدى أفرادها العشرات. (3) لم يظهر بعد الشاعر الكبير الذي يخلف نزار أو درويش لكن هذه الفضائيات مازالت توهم الشعراء بقدرتها على صنع المجد.. وبقدر ما تستحق هذه التجارب الاشادة فإنها تطرح تساؤلا مهما: متى نرى هؤلاء الشعراء وقد صاروا نجوما بعد فوزهم؟ متى يصل هؤلاء الى الشارع البسيط.. لكن هل يمكن للفضائيات أن تصنع شعراء كبارا؟ وهل يمكن للفضائيات الشعرية المختصة أن تصنع مشاهير؟ إن عشرات الشعراء الذين تسلّلوا الى المشهد الشعري وعرفهم الناس قد جاءت بهم وسائل الاعلام المكتوبة والملتقيات العادية حيث الممارسة الشعرية الدقيقة.. أما هذه الفضائيات فمن الصعب عليها وعلى نقادها الكبار صنع شعراء مشاهير..