لم يعش طفولته كبقية خلق الله بل تقاذفته الأقدار كيف ما شاءت في شوارع مدينة القصرين منذ السنة الأولى لولادته، قضى نصف عمره في المركز المندمج للطفولة بالقصرين والحال أن له والدين يرزقان وجد ضالته في جدته التي أخذت على عاتقها تربيته ولكن الى حين فقد تخلت عنه هي الأخرى ولكن بفعل الحاجة ليس الا. انه الشاب قيس أصيل ولاية سيدي بوزيد ولكنه لا يعرف من هذه الولاية سوى اسمها لانه ولد وعاش في القصرين بحكم زواج والده من سيدة من القصرين وانتقاله الى العيش في هذه الولاية. ولد قيس سنة 1987 بالقصرين وبعد سنة من ولادته اي سنة 1988 انفصل والده عن والدته بالطلاق وعاد الى سيدي بوزيد وتزوج بأخرى عندها تكفلت والدته بتربيته ورعايته ولكن الى حدود سنة 1990 فقط اي الى أن بلغ عمره ثلاث سنوات فقد اختارت هي الأخرى طريقا جديدا وهاجرت الى بلد عربي وتزوجت فكاد قيس يواجه الضياع لولا تدخل جدته التي احتضنته الى أن بلغ الرابعة عشرة من عمره كان في تلك السنة يدرس بالسنة السابعة اساسي ولكن الظروف المادية المزرية دفعت بجدته الى تسليمه الى المركز المندمج للطفولة بالقصرين المعد لاستقبال الأيتام ومن لا عائل لهم. قضى قيس هناك خمس سنوات حتى بلغ 19 سنة من عمره وانقطع عن الدراسة بفعل تراكم المشاكل النفسية جراء فقدانه لوالديه ووضعه المادي المزري وعاد ليعيش من جديد مع جدته وفي هذه السن فكر في البحث على والده لأن والدته بقيت تتواصل معه هاتفيا. واجتهد الى ان تحصل على هاتفه الجوال وأمكن له الاتصال به هاتفيا ثم اجتمع به وطلب منه ان يعود الى حضنه فطمأنه ووعده بانه سيعود الى سيدي بوزيد ليرتب الوضع مع زوجته الثانية ثم يتصل به ولكن تجري الرياح بما لا يشتهيه قيس اذ لم يعد الوالد ولم يتصل حاول قيس (حسب روايته) الاتصال به هاتفيا لكنه رفض الرد على المكالمات الهاتفية أما الوالدة فالتقته مرارا ولكنها لم تعرب له عن استعدادها لاحتوائه مجددا وهذا لا يشكل قلقا للشاب لأنه يبحث عن والده بدرجة اولى ويناشده عبر جريدة «الشروق» التفكير فيه لأنه لا يطلب منه سوى الاعتراف المعنوي الذي يحسسه بمعنى الأبوة كبقية جيله وهو ليس في حاجة مادية الى والده لأنه يتدبر قوت يومه بجهده «متى يحس بمشكلتي ويضمني الى صدره» يختم قيس كلامه بهدا السؤال بعد أن اغزورقت عيناه بالدموع.